الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

وعيّدنا بالثوب القمرديني يافهيد

البداية:
في الحياة قرارات كثيرة نستطيع اتخاذها .. أعظمها أن نبقى كما نحن مهما تقدمنا للأمام

متن:
- كنت في العاشرة من عمري ، أعيش حياة بسيطة كبقية أقراني وربما أقل .. قراراتي تُتخذ من قبل من هم أكبر مني وتُفرش لي الخيارات الجاهزة التي ليس لي حرية اتخاذ أيًا منها ولقصر الإدراك أوافق على مايطرحون لأتحمل النتائج .. وحدي

نعيش بأواخر رمضان والعيد يقف على أبواب بيتنا المتواضع وبات ضروري جدًا أن نتحضر له ونستقبله بكل ماهو جديد وعلى هذا كان سباقنا "للخياط" لتفصيل مايجعل العيد أكثر بهجة وعلى عادة الشتاء عليك اختيار لون "دشداشتك" التي حين ارتدائها تعتقد أن الجميع يسأل "وش ذالزين" والكل يعيش هذا الوهم الطفولي حينها ، أخي الأكبر في حيرة من أمره ، اقنعني أن علي اختار لون مميز غير دارج لأُبهر الآخرين وأن ذلك يتناسب مع شخصيتي المميزة وعلى تلك الكلمات انتفض هتلر الذي بداخلي فوافقت والكبرياء يتراقص على جبيني وكان اختياره للون تقشعر له الأبدان وتنكسر له العيون من سطوعه .. نعم إنه اللون القمرديني الساطع الذي لم يمسه أحد فتلك "الطاقة" المتخمة لم يقترب منها سواي ولازلت مقتنع أنه الأجمل بعد إيهام أخي الأكبر لي بذلك وهو الذي وضعني كفأر تجارب يقيس علي ردود الأفعال وحينها يقرر ما إذا كان يناسبه أم لا ليفصله فيما بعد

"صباح العيد"
مع ساعات الفجر الأولى كل منا يستعد للذهاب لصلاة العيد بثوبه الجديد وبالقمرديني دخلت مصلى العيد لأجد النظرات التي تصاحبها ضحكات خجولة ليصعقني أحد "الشيبان" قائًلا:
"وش ذالشمس اللي دخلت علينا"
حينها تمنيت الأرض أن تبتلعني فالجميع يضحك من اللون "الحفلة" الذي ارتديه وعند خروجي يداعبني أحد الأقارب "يازين خيمة السيرك اللي تمشي" لأعطيه ابتسامة الثقة المهزوزة والوعيد والشتائم تجري بصدري على أخي الأكبر الذي حطم فرحة العيد على "جبهتي"

خلعت قمردينيتي وعدت لأرتدي ثوبي القديم الذي يشبهني ، حينها أقسمت أن لا أسمع كلام أحد لايتوافق مع قناعاتي وإن كان حقيقة فهناك من يجعلك جسرًا للوصول لمبتغاه دون أن تشعر وهناك من يخدعك ليجعلك حطبًا يُشعله لحربه التي ليس لك مصلحة فيها
القمرديني علمني أن حياتنا قرارنا ونحن من يصنعها والغبي من يجعل غيره يُقرر عنه ليتحمل النتائج لوحده والأغبى من يسير خلف قناعات الناس ليكسب ودّهم ومن ثوبي القمرديني تعلمت أن لا أسير خلف كلام نائب يصرخ بالشوارع وأطيعه طاعة عمياء
ولاشيخ دين يُحرض على الجهاد في سوريا والعراق وهو يصطاف بين سويسرا والنمسا
فقد تعلمت أن انتمي لذاتي واحترم عقلي وابحث عن الحقيقة أينما كانت ووجدت ولا أصدق أحدًا دون بحث وتحري لأقتنع بما يقول وعلى هذا تكبر العقول وتصبح أكثر استقلالية فمن يُوالي شخص بكل شيء ويخوض عنه حروبًا بالوكالة دخل بالتبعية ومسير القطيع من حيث لايعلم وحينها لافرق بينه وبين ثوبي القمرديني.

فاصلة،
كل خطأ نقع به ليس عار ولا نهاية الحياة وعلينا الاعتراف به رغم مرارة الشعور وعدم الندم عليه لأن من أخطائنا نتعلم ونصبح أفضل فلولا ثوبي القمرديني لكنت عيّدت بالتركوازي والله المستعان

إضاءة:
لاتجعل من عقلك حذاء ينتعله الآخرون متى أرادوا .. فأعظم تكريم لذاتك هو استقلاليتك وعدم تبعيتك لأحد وإن توافقت مع مايطرحون

آخر السطر:
قمرديني يافهيد وشماغ البسام وطاقية هلل .. أمنا الكويت تبچي من سوايانا

دويع العجمي
@dhalajmy 

هناك تعليق واحد: