الأحد، 28 فبراير 2016

مشاعر ليس لها تفسير




البداية:
"غالبًا .. عاطفة البدايات لاتكذب"

متن:
في مناسبة خاصة .. التقي صديقي
برفقته ثلاثة من أقربائه
أُحب الأول
أكره الثاني
وتبرد مشاعري تجاه الثالث
رغم أنهم يقفون على خط واحد بمسطرة اللقاء الأول

ثلاثتهم حملة شهادات .. وبنفس العمر ومن ذات البيئة ويتشاركون الدم والإسم

ولم أجد تفسير لتلك المشاعر التي تكونت بسرعة تفوق سرعة الضوء .. أو حتى أفهم لماذا كانت انطباعاتي تتخذ هذا الشكل تجاه أشخاص قد أكون .. لا أعرفهم

الأمر ليس لأن الأول محترم والثاني وقح
ولا ميزان الذكاء والغباء رجّح أحدهم على الآخر
وقد أفهم لو أن الغرور طغى على حديث آخرهم في حين تواضع أولهم

لكن الأمر مختلف .. قد يتساوون بكل شيء لكن هو القلب والروح عندما تألف الشخص وتحبه لسبب .. لاتفهمه
وهذا ليس له تفسير

في مدينة "لوس أنجلوس" الصاخبة المليئة بكل معطيات الحياة
كانت بداية دراستي بالغربة حيث ضجيج البشر والشوارع المتزينة بالألوان
ومع ذلك لم تبهرني المدينة .. ولا وجوه البشر من كل الجنسيات

ومن الأسبوع الأول أخبرت أستاذي بأني لم أحب المدينة
ولا أحتاج لوقت حتى أُكذّب انطباعي 
هو شعور حقيقي وثابت وغير قابل للتغير
قد تكون هذه المدينة مفيدة للسياحة،
إلتقاط الصور والتمرد على هدوء الذات

لكنها غير نافعة لشخص معقد "غالبًا" في مشاعره
 ويفسر الأشياء بشكل مختلف
ولأني لست شجرة ذات جذور ثابتة .. غيرت المكان بعد شهر واحد من الدراسة

ذهبت لـولاية مونتانا الريفية والتي تقع بأقصى الشمال
عشت بقرية صغيرة لايوجد بها إلا مجمع تجاري واحد،
أنهارها تجري بكل أنحاء المنطقة
جبالها خضراء والهدوء سمة أهلها
لم تكن يومًا مقصد لطالب أو سائح
ومع ذلك .. عشقتها
حياة القرى أجمل من صخب المدن .. نعم هذا ما أبحث عنه
ولا أستطيع إيضاح علامات التعجب عندما يُذهل كل من ألتقيه عن سبب الذهاب إليها 
سوى أن مشاعري أرادت ذلك .. وسايرتها
وهذه أيضًا مشاعر .. ليس له تفسير

في أسبانيا وجدت رجل في شارع الرامبلا الشهير
يصبغ نفسه باللون النحاسي ويقف كالجماد لايتحرك
حتى تضع النقود بتلك القبعة الصغيرة أمامه
فيبدأ بالتحرك ويصدر أصوات مضحكة
الناس تلتقط له الصور 
وصوت ضحكاتهم يملأ المكان
الكل يمر عليه لدقيقة ويمضي

إلا أنا وقفت أمامه اتأمل المشهد
وأتساءل:
ياترى ..
مالذي يُجبر شخص على الوقوف كالجماد ساكنًا طوال اليوم بهذا الشكل المُتعب والمُرهق مقابل نقود قليلة!
كيف كانت حياته؟
أين عاش؟
وأين يسكن؟
لماذا لم يحصل على وظيفة؟
هل تعلم مثلنا بالمدارس؟
وقائمة طويلة من اسئلتي الغبية، 
لا أعرف لماذا أنا الوحيد الذي لم يفرح بما يفعله
ولا أفهم لماذا لم أعش اللحظة كما عاشها الجميع
حتى أصدقائي كانوا كالبقية ،
ضحكوا على مايفعله والتقطوا الصور وأكملوا نقاشهم حول المباراة القادمة بين برشلونة وإسبانيول!

بينما احتجت وقت ليس بالطويل حتى انتزع هذا الرجل من دائرة تفكيري
وهذه أيضًا .. مشاعر ليس لها تفسير

في الحياة .. 
ستجد مشاعر كثيرة تتكون بلاسبب
لاتجتهد للتنظير .. ولاتبحث عن تفسير
دعها .. وساير عاطفتك
لاتحاول توضيح كل أمر .. 
حتى انطباعاتك الأولى تجاه الأشخاص والأشياء واللحظات
إن لم تصدقها .. لاتكذبها
إجعلها في منتصف القرار
بين الريبة واليقين
واترك الوقت يُثبت لك ماتريد

ومشاعرك الحقيقية .. مهما كانت مبهمة في ضباب البدايات
ستتضح رؤياها .. فقط خض التجربة وانتظر .. ولاتجتهد بالتفسير

إضاءة:
ولأن زوايا الرؤية مختلفة بين البشر .. شاهد الأمور من زاوية قناعتك"

آخر السطر:
مهوب كل ماهبُّوا الناس بشي يافهيد تتبعهم .. فهمت!

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 21 فبراير 2016

عندما ترتقي الأخلاق بصاحبها





البداية
"وفي مكارم الأخلاق .. أثرٌ وقيمة"

متن
هادئ ولايشبه إلا ذاته ..
وقور رغم محاولاته التمرد على طبيعته الساكنة
فهو ليس ممن يثير الجدل ولا يطلق تصريحات رنانة بقصد كسب الأضواء
قناعته بما هو فيه جعلته متشبع من داء الشهرة الذي ما إن يصيب البعض حتى يتعالى على أقرب الناس إليه

ومن مكاسب القدر أن تُقرن الصفات الحميدة عندما يُطرح اسمك
وعلى سبيل التجربة اسأل عن محمد سعدون الكواري سيُقال .. خلوق .. محترم
رغم عمله بواحدة من أهم المؤسسات الإعلامية بقطر
لكنها تأتي بعد أخلاقه الدمثة التي عُرفت عنه ولمسها المشاهد وهذه أشياء لاتُشترى بالمال 

لا أذكر أنه انتقد زميلًا أو ذكر أحدًا بسوء ولا حتى يحب خوض معارك تجلب تصفيق الجماهير
هو متربع بزاوية بعيدة .. يصافح الجميع على مسافة واحدة .. 

ومع الأسف أن إعلامنا العربي مليء بالتطبيل والتهويل وتعظيم الأخطاء وهجوم البعض على البعض في كل المجالات 
وفي يقين هؤلاء أن الإحترام بالرسالة الإعلامية لايجذب الجمهور ؛ بل الإثارة تفعل ذلك

ونكرر الأسف أن حتى الإعلام الرياضي والذي يُفترض به الروح الرياضية التي تسمو على كل شيء ناله من الداء جانب
إلا هو .. كان ولازال في قمة الهدوء والإحترام ولم يقلل من شأن أحد أو يعمد للتجريح بأحد
كلل ذلك تكريمه كأفضل إعلامي وهو يستحق فقبلها أخلاقه توجته ملكًا بقلوب المشاهدين

ولأن لا أحد كامل .. وجميعنا لنا أخطاء
فمشكلته أنه "برشلوني"
حاولت جاهدًا تحويل مسار انتمائه للمارد الإنجليزي الأحمر "مانشستر يونايتد" لكن محاولاتي باءت بالفشل
فعشقه للكتلان لايوصف
ويُعذر بذلك .. فقد قالها مازحًا:
هل تريد مني أن أتخلى عن حب مشاهدة سواريز ونيمار وميسي وأتابع فيلاني ..
أصابني بمقتل حينها .. فغيرت الموضوع بعد القصف العنيف الذي لم يُبقِ من "الجبهة" شيء

ومن الأسرار التي نكشفها
عندما تكون هناك مباراة لبرشلونة بالوقت الذي يكون فيه بالأستديو التحليلي فإنه يعمد لوضع شاشة صغيرة ليتابع الكتلان بعيدًا عن عين المشاهد

وعلى سطور النهايات أكتب:
غدًا ستزول الشهرة
وتنحسر الأضواء
ويبقى فقط أخلاق المرء ووقاره وكما قالت العرب
كل شيءٍ إذا زاد رخص إلا الأخلاق تسمو بصاحبها وترتقي

فاصلة،
محمد سعدون الكواري .. لك من المحبة والتقدير مالم يُكتب بعد ونسأل الله لك التوفيق فأمثالك نكبر بهم ونفتخر بوجودهم

إضاءة:
ومن طابت أخلاقه زانت حياته

آخر السطر:
مهوب ضروري يافهيد تسب فلان وفلان عشان تصير مشهور .. الناس بأخلاقها تنعرف

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 14 فبراير 2016

مراهق بمنتصف الخمسين



البداية:
"لك شيء في هذا العالم .. فقم"

متن:
هي الملاذ .. وهي نقطة الهروب من كل الفوضى في حياتي
أهرب إليها لأنفصل عن كل شيء ..
 الحياة والعمل والأفكار التي لاتهدأ وحالة اللا إستقرار التي أعيشها

شخص مثلي وزنه بمنتصف الخمسين يُفترض ألا يمارس الرياضة لأكثر من ساعة .. 
ولكني أفعل

أفعل ذلك لأنها تخلصني من الإنتظار الذي يُطيل اللحظة والزمن .. 
إنتظار الحظ والذي غالبًا مايأتي..
 وإن أتى فيُقبل على استحياء

وانتظار غائب ليس له عذر 
وإن تعّذر فلاشيء يستحق تكرار الفرص الضائعة فالمشاعر إن أُهملت لاتعيش

وانتظار عجلة الزمن تمضي مسرعة 
لأعرف حقيقة المجهول الذي يؤرقني قدومه وأضع إجابة لهذا السؤال:
ماذا ينتظرني بالغد؟

أشياء غير مهمة وتافهة أتوه بمحاصيلها ولاسبيل لحرق حصادها إلا بالرياضة 
ليرتفع هرمون السعادة الذي أحتاجه
فالمخلوقات الكئيبة لاعلاج لها إلا أن نبتسم والرياضة كفيلة بهذا

أفعل ذلك لأني كلما أنهكت جسدي بالرياضة
أرهقت ذاكرتي وبددت محاولاتها لتكرار مشاهد لا أريدها

مشهد السكون بين مرحلة مابعد النهاية وقبل البداية..
عندما تقتلك الحيرة متنقلًا بين الخيارات .. 
وليتك تختار..
وإن فعلت يتسلل إليك الندم بوجهه القبيح ليؤرق نومك ويُزيّن لك خيارات أهملتها ..
فتتضخم أوجاعك ..
 حتى الوسادة لاتحتمل آلامها ..

ومشهد التسامح الذي لا أُتقنه .. 
وكثيرًا ما أُلام عليه..
مشكلتي كانت وضوح ملامح عاطفتي .. 
وللأسف أنها لازالت !
تلك الأقنعة المزيفة لا أتقن ارتدائها
فالتسامح في قاموسي هو أن أُلغيك من حيّز التفكير وأمسح كل صورة لك في حياتي ولا أعطيك فرصة أخرى لتطعنني من جديد .. واطمئن
لن أذكرك بسوء وهذا كثير عليك.

أفعل ذلك حتى لايشيخ الشاب الذي بداخلي..
أُحلل هذا النشاط بالشعور بالحياة..
أُعاند الكسل ..
أُعانق الفرح ..
وأتجاوز كل الرتابة واللحظات الباهتة ..
فقد علمتني الرياضة كيف أرسم الأوقات بألوان الطيف
فتبدو الحياة أجمل وهذا ينعكس على ملامحنا..

أفعل ذلك لأختصر مسافات الفراغ
واملأ الوقت بقرارات أحبها واختارها
لايجبرني عليها أحد .. لهذا هي ممتعة..

ومابين الشروق والغروب .. 
هو يوم مليء بتفاصيل متكررة ومملة 
وما إن ينتصف اليوم عند الثالثة عصرًا حتى يحين وقتها ..
ثلاث ساعاتٍ بين ركضٍ ومقاومة ولياقة ..

كل من في الصالة الرياضية ينقسمون بين بدين ينشد النحافة ومفتول العضلات يتدرب ليحافظ عليها،

بالزاوية هناك شخص نحيل يضع السماعة على أذنه يستمع للموسيقى التي يحب ..
ويمارس الرياضة بلاهدف ..
أو ربما لهدف لكنه مختلف..
أحيانًا أرى نظرات الذهول ومضمونها "ماذا يفعل؟"
ولا أهتم ..

أفعل ما أراه يجلب لي الراحة والسعادة 
وإن كان على حساب إنهاك جسدي
دون إتباع غذاء لا أحبه فقط لأنه صحي
أو أسلوب رياضة ممل فقط لأنه مناسب لي
أنا فقط أقوم بما أحب ولا أهتم للقواعد الرياضية .. 
ولأن لكل قاعدة استثناء .. 
فأنا من استثناءاتها .. 

كتبت ذات مرة:
"وزنك الوراثي ليس عائقًا لممارستك الرياضة .. فالرياضة تقدير كبير لوجودك بالحياة"

ليس مهمًا أن نكون مثاليين بكل شيء
والأهداف التي لانحققها على الأقل لنجتهد من أجلها
وإن فعلنا ذلك بشكل مختلف.

فاصلة،
حتى لو كنت بدين .. 
ولاتستطيع مقاومة ما لذّ وطاب
لابأس .. كُلْ ماتشتهي ومارس الرياضة
ومالا يُدْرك كُله لايُترك جُلّه.

إضاءة:
"مارس الأشياء التي تحب بالطريقة التي تُسعدك ولاتكترث"

آخر السطر:
تلعب رياضة ساعتين يافهيد وتختمها بكبسة لحم .. بالله كيف بتضعف !

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 7 فبراير 2016

أرجوكِ يا أمي .. إلا الرحيل


البداية:
"مايشبه لنورة إلا منظرة نورة"

متن:
رضيت الفراق وآمنت به .. وصافحته
ماعاد يبكيني
اعتدته وأنتِ تعلمين أن أقدارنا قادتنا لذلك ..
سنوات كثيرة مضت ماعشناها معًا ..
مارستي برّك بالدعاء
وزاولت عقوقي بالفراق
لكنك تعلمين يا أمي .. 
أنني أحيا بك رغم قلة اللقاء 

كانوا عندما يرشقون أحدهم يقولون "تربية مره"
ومن سذاجة المنعوت بها يستشاط غضبًا
ماكنت أجد سببًا لذلك
فأنا تربية امرأة عظيمة ببساطتها وحبها للحياة،
تقضي الليل في محرابها تسأل الله لطفه ورحمته
رغم نقاء قلبها الذي لايتسع إلا للحب والحنان

أنا ابن تلك العظيمة التي لم يكسرها الزمن رغم قسوته
ولم تنحنِ للظروف القاحلة،

علمتِني أن اليتم قدر
وأن الفقد ألم
وأن بالصبر كل الجروح .. تندمل

علمتِني أن الغياب لايقتل الحب ..
وعلمتِني أن الحب الصادق لاينتهي ..
وأن السعادة موطنها صفاء السريرة .. 
وأن لك في هذه الحياة خيارات .. مارسها كما تحب شريطة ألا تجرح أحد

وعندما كان ينهاني أخي الأكبر عن الكتابة
كنتِ تمنعينه من ذلك .. 
تشترين لي الأقلام وتُسطرين لي الدفاتر
مع أنكِ لاتقرئين .. 

ماذا حدث ؟
لماذا سعادتي بالحياة ناقصة 
طال الغياب وعدنا
وبالمشهد الأخير زاد وجعي ..
لماذا زادت التجاعيد في يدك ..
ولماذا أقدامك لاتقوى النهوض !!

مشهد السرير الأبيض لايليق بكِ
مسرح الحياة وربيعها هو مكانك

أتقبل فكرة أن يغزو الشيب رأسي .. 
لكني لا أريد للسنين أن تُثقل جسدك
لا أريد لعينيك أن تشيخ .. ولا لوجنتك الذبول
أريدك فتية بصحتك وعافيتك .. 
أريدك كما كنتِ دائمًا شابة تعشقين الجمال وتنشدينه

ليت لي قدرة على إيقاف الزمن .. 
أو إعادة مامضى وتغيير التفاصيل
لأجهضت كل محاولات البعد واختصرت المسافة .. 
وعشت الأيام بقربك

لكن للحياة مفاهيم وأقدار .. 
ترسم لكل منّا مساره ولانقوى على شيء
"وماتدري نفس ماذا تكسب غدًا وماتدري نفس بأي أرض تموت"

نعم يا أمي ..
أستطيع أن أعيش وحيدًا بالغربة
أُقدّر غياب الأصدقاء وانشغالهم
أتفهم أن الحظ لايحالفني دائمًا
أتصور كيف كانت حياتي ستبدو أجمل بفتح باب "لو"
وكثيرًا ما أفعل ذلك .. 
قتلًا للفراغ وتعذيبًا للنفس

أتحمل يا أمي غياب كل منّا سنوات بعيدًا عن بعضنا
رضيت بذلك
فعقوقي بدأ منذ ركلت بطنك طمعًا في هذه الحياة .. 
وليتها كانت تستحق

كل الأشياء أقبل أنصافها 
نصف أمل .. 
نصف سعادة..  
ونصف حياة

لكن أرجوكِ يا أمي .. إلا الرحيل
لا أريد أن أعيش يتمًا جديدًا لا أخرج منه
لا القلب ولا الروح تقوى على ذلك

سنتان وأنا أحاول تخيل المشهد الأخير
وسرعان ما ينقبض قلبي .. حتى الخيال بات عصيا على استحضار الوداع
أخاف أن ترحلين فأفقد كل أمل بالبقاء
وأخشى أن أسبقك بذلك فينكسر قلبك على من تحبين
لا أريد لعقوقي أن يستمر للوداع الأخير

لا الأولى أقواها.. والثانية أخشاها
وليس عندي حلول

ولأن المصطفى أوصى على الأم ثلاثًا ..
 فأنا أكرر الرجاء يا أمي
إلا الرحيل
إلا الرحيل
إلا الرحيل

إضاءة
"ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن"

آخر السطر:
ولاخير يافهيد بصبي مايفتخر بأمه

دويع العجمي
@dhalajmy