الاثنين، 31 ديسمبر 2018

عامٌ مضى



البداية
من الإيمان أن تعرف مايسعدك وتسعى إليه.

متن
عامٌ يُلملم بقاياه للرحيل
وعلى عتبة الليل يقف عامٌ آخر،
مريب
شاحب
لانعرف ماذا يُخبّئ خلف أيامه القادمة
في عالمٍ صاخب
دوي الإنفجارات وارتطام أجساد القتلى لايهز ضمائر البشر

عامٌ مضى يشبه زوجة الأب
الموجودة بالقصص والحكايا
قاسٍ
جاف
خساراته أعظم من مكاسبه
موحش
رحلت فيه جدتي بعد أن أستسلمت لفكرة الموت،
رحلت لتترك عصاها مركونة بزاوية الغرفة
وسجادتها نصف المطوية على الأرض
رحلت بهدوء
يُشبه وقارها
موجعة تلك الذكريات
حينما أهرب من صخب البشر لأرتمي بأحضان حكاياها
وماضيها الذي لاتفارقه
أي إنكسار هذا الذي جعلني أشلاء
كلما تذكرت أنها لم تعد على قيد الحياة
ولو لم يكن لهذا العام سوءٌ لكفاه 

عام الحزن الذي لم أرفع سقف التوقعات منذ البداية
وهذا من الاستثناءات القليلة

لم يتسلل الإحباط يومًا لهمّتي الثائرة
لطالما صفقّت لعصاميتي بصنع السعادة
عندما يخلو مسرحي من المتفرجين
وتنحسر عني الأضواء
فالرائعون لايحتاجون إشارةً من أحد
يكفيهم شعورهم تجاه أنفسهم وهذا عظيم
غرورٌ قبيح أعيشه حتى لا أنكسر
واسأل الله أن لايخرج للعلن
فأنا أكره كل مختال فخور

وعودة للمربع الأول
ولماذا تواضعت زاوية الأمنيات حيال عام مضى،
حينما خجلت من أحلامي ومتطلباتي بالحياة
تلك التي لاتوازي من يقاتل ليوفر مسكنه وقوت يومه

والصورة لاتحتاج لبروازٍ يجملها
فمنظر الأم اللاجئة لبلدٍ لاتتقن لغته
مفترشةً الأرض
بلامأوى ولا معيل
ولا كتف تسند عليه رأسها لتبكي بصمت
هذا يكفيك لتسجد لله شكرًا على ماتعيشه من نعيم.

وماذا تعلمت؟
تعلمت كيف أمسك بخيوط اللعبة
أقف على الخط
وأبدأ حين سماع الصافرة
ومن النضج أدركت أن كثيرًا من القرارات قد تأتي ظالمة
ولاتملك إلا تقبلها
فهذه الحياة غير منصفة
أعوذ بالله أن أتمرد على قسمته وأعلم يقينًا أنه سبحانه يُقدّر الرزق
آمنت بذلك وخشعت له
لكني لا أفهم كيف يتواضع الرزق في جهة ويتكاثر في جهةٍ لمن لايستحقها؟

عندما يموت جوعًا عالم فيزياء
ويقتني طائرة خاصة لاعب كرة قدم؟

عندما تدير كامرات الصحافة ظهرها للمثقفين والأدباء
وتتسابق لاهثة لتقبيل أقدام المهرجين !

وعلى صعيدٍ شخصي ومتصل بأعلاه
انتظرت سنوات للحصول على فرصة..
وكانت،
سررت بها
طالت رقبتي حتى بلغت السماء،
برنامجٌ خاص أعدّه وأقدمه
اخترت اسمه
وضيوفه
وصفق لي من شاهده
بعد أسبوعين فقط
هوى السقف
ليساوي الحلم بالتراب
ماذا يعني أن أقدم حلقاتٍ كثيرة بمقابلٍ لايكفي لشراء حذاء ؟
هذا كثير

لم يتطلب الأمر وقتًا طويلًا  لأرفع الراية
فسرعان ما اعتذرت وتنازلت عن طموحٍ لم يكتب له النجاح
لأطويه صفحة ناقصة مع عامٍ مضى
وشكرت من أعطاني الفرصة
لم أحمل ضغينة تجاهه
بل حاولت الخروج بحب واحترام
كحال النهايات العظيمة الموجودة بالقصص والأفلام.

لم يُسخّر لي الله عباده الصالحين
لم يقفوا بجانبي
لم تمتد اليد البيضاء لترفعني من قاع البئر.

أنا وحدي لا أصنع المستحيل
لهذا انتهيت بابتسامة

ومما تعلمت
 أن المال الكثير لايقترن بالكرم
فمن خلال رحلة عمل في إبريل الماضي
زاملت بها رجالات أعمال
اكتشفت أن الجود لايتساير مع الثراء
عندما وجدته يستكثر على بائع القهوة 
بقايا العملات المعدنية

بائعٌ جاء من بلاده الفقيرة
يقف منذ الصباحات الباكرة
يضطر لرسم الابتسامة على وجهه المليء بالبؤس والهم
يمكنك أن تقرأ ذلك بسهولة
يخدمنا بعجل
ويقدم لما مانطلب
لنحرمه من مبلغٍ زهيدٍ لايعني لنا شيئا
بالضبط هذا ما حدث
أنا متواضع الدخل لم أفعل؛ فاحش الثراء فعل.
وهذا ماعجزت عن فهمه؟

وكان أقسى ماتعلمت
كيف أرسم المشهد الأخير
بوجه علاقةٍ موتورة
لحاقدٍ يأتيك برداء الصديق
يجثم على صدر طموحاتك المشروعة
لايدخر أي جهدٍ لتثبيط همتك
وتنكيس أعلامك
ولأني من طينة المحاربين القدامى
انتظرت ساعة الصفر
لأعلن النهاية
وأدرت ظهري للخسارة المكسب
ومضيت بحياتي بعيدًا عن الحاقدين
وحتى لا ألتفت للوراء
سمعت صوت الفاروق عمر وهو يقول
إعتزل ما يؤذيك
وكان ذلك

وهمسة للعام الجديد
إطمئن ..
نضجت بما يكفي لتحمل الخيبات
حتى الفرح ماعاد يحلق بي للغيوم
توازت قواعدي
وحللت لغز السنين الماضية
نحن نعيش بقدر
ونفرح بقدر
ونفشل بقدر
ونضحك ونبكي بقدر
لهذا فقط تعلمت كيف أعيش الحياة زاهدا بما مضى وما هو آت.

إضاءة:
لاشيء يجعلنا أكثر خبرة من التجربة

آخر السطر:
مهوب كل من ضحك لك يحبك يافهيد

دويع العجمي

@dhalajmy