الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

عجمي في أسبانيا

البداية:
"وفي السفر انكسار النفس وتجديد الذات وخلوة الروح"

-صباحات مدريد مختلفة .. صاخبة ومليئة بالناس .. هي الزياًرة الأولى لهذا البلد الذي حفظت جغرافيته بسبب شغفي بمتابعة "الدوري الأسباني" .. الجميع هنا يستطيع معرفة أنك لست منهم فملامحك التي لاتشبههم ولون بشرتك علامة فارقة ومع ذلك لايُشعرونك بتلك النظرات المريبة التي تدور بين الدونية والاشمئزاز ولايرمونك بسخط الكلام الذي تفهمه من نبرته دون معناه .. فالجميع هنا منشغل بخطواته ونفسه ولايُفسدون راحة بالهم بالإنشغال بالآخرين ولهذا هم من الشعوب السعيدة فراحة قلب المرء وعقله بتركه مالا يعنيه ..و لعل قومي يعلمون ،

في محل القهوة تسألني البائعة :
"يبدو أنك لست من هنا"
فأجبتها واثقًا:
"نعم ؛ أنا من الخليج العربي"
ابتسمت ولم تهتم ثم قالت أهلا بك

اتضح لي أن البشر هنا لايعلمون عنا شيء ، يعرفون العراق بسبب الحرب ويعتقدون أن دبي دولة ولايعرفون موقعها على الخريطة أما نحن وبترولنا الذي لانملك غيره ليس لنا حضور في أذهانهم ولاعجب. خجلت من نفسي بسبب تلك الثقة المصحوبة بالأنفة والوهم الذي نعيشه بأننا مهمون في أعين أولئك المختلفون عنا بالجنسية أما هم فلا يأبهون لأنها تفاصيل تافهة فلديهم الإنتماء الحقيقي لإنسانيتك وتلك ثقافة تبعد عنا سنوات ضوئية لنبلغها.

أسير في طرقات مدريد وساحاتها فأرى الناس على اختلاف أعراقهم ومع ذلك متجانسين فيما بينهم لايُقلل أحدًا منهم من شأن الآخر ومتعايشين بمحبة دون أن تسمع "ولد بطنها" ولا "لفو" أو "طراثيث" وبقية قائمة الألفاظ العنصرية التي نمتاز بها ومع مرتبة الشرف ، أعدادهم غفيرة ولايوجد تصنيف فيما بينهم فلاأسود سنة ولا هيهات منا الذلة والمضحك هو خبر الحكم على ابن وزير سابق بالسجن لخمسة سنوات بتهمة التهرب الضريبي ، الخبر مر بردًا وسلاما دون "هاشتاق" مناصر ومدافع عن "ولد بطنها" ولا راهب يصرخ بالقاضي قائلًا "وين طاعة ولي الأمر" ولا حتى تصريح من مسئول رفيع الشأن بالخط العريض "أسبانيا تبچي من اللي تسوونه فيها" ، على العكس تمامًا تمت إدانته وتنفيذ الحكم عليه بهدوء ودون ضجة والوضع بالنسبة لهم طبيعي جدًا وهذه الثقافة في حكم المستحيل لدينا .

فاصلة،
أعترف أني حديث العهد بالسفر وتجربته فطفولتي عشتها بربوع "مليجة" في وادي العجمان وكل أربع سنوات ومن باب التغيير والإنجاز كنا نذهب إلى "الطايف" كانت بالنسبة لنا كجنيف أو باريس ، اليوم وجدت أني التقط الصور عند أي نافورة بمدريد أو تمثال وتذكرت كم أنا لئيم عندما كنت أضحك على العمالة الآسيوية بالكويت وهم يلتقطون الصور بسوق المباركية ، الفرق أننا نستهزئ بهم رغم أنهم يرون ثقافة جديدة عليهم ؛ في حين أن الأسبان يحترمون وضعنا ونحن نلتقط الصور عند كل رصيف ملون أو تمثال أثري قد لايعتدون به وهنا الفرق الكبير.

إضاءة:
أعظم قرار تتخذه في حياتك هو كف أذاك عن الناس فهم فيهم مايكفيهم فلاتزيدها عليهم ولو من قبيل المزاح

آخر السطر:
ملك أسبانيا يافهيد يحل بس مايربط .. فهمتني الله يحييك!

دويع العجمي
@dhalajmy 

هناك تعليق واحد:

  1. كلام جميل وليت قومي يعلمون

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه )

    يحث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين، كي يحسُن
    إسلامهم ويكتمل، بأن لا يهتموا إلا بالأشياء التي تستحق الاهتمام، وما يفيدهم في دينهم ودنياهم، فيبتعدوا عن اللغو في الحديث، والكلام عن الناس، وتتبع أمورهم، وبدل ذلك يجب أن يهتم المسلم بأمور نفسه وأهله، فهي الأولى. ويقول الفقهاء إن هذا يجب أن يكون في إطار تعاليم الشرع الحنيف، فمثلا إذا اهتم إنسان بتتبع أمور فقير كي يحسن له، فهذا ليس داخلا في ما لا يعنيه كمسلم مأمور بالصدقة والإحسان، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في حدود ما شرعه الله، فالمسلم مأمور بذلك

    ردحذف