السبت، 28 يناير 2017

هل هذه هي الحياة التي أنجبتني من أجلها؟




البداية

يمشي الفقير وكل شيئ ضده 

والناس دونه تغلق أبوابها


متن

هو يومي الثالث في تركيا،

تحديدًا بأسطنبول الباردة بهذا الوقت من السنة

و شتائها الباهت لدرجة التجمد،

الكل استسلم لهذا البرد،

الطرقات شبه خاوية،

المدينة هادئة،

الأشجار سكنت أغصانها بلاحراك،

حتى المقاهي فقدت ضجيج روّادها

 فلاشيء يصمد بوجه هذا الطقس القاسي،


أجول الطرقات لأملأ فراغ الوقت

غير مكترث بالعواقب

متحديًا نزلات البرد وماهو آتٍ

أتأمل المنازل والشبابيك

أنسج الخيالات حول أحداثٍ تجري خلفها

أرسم الشخوص .. وأكتب الحوارات

هو نوع من الجنون اعتدته


وعلى الرصيف رأيتهم

ثلاثة صغار يفترشون قطعة "كارتون"

والأم واضعة يدها على الخد

تحدق بالسماء

وحين فرغت من التمتمة .. أمسكت رأسها

ونظرت للأرض

بعيونٍ غائرة ووجه شاحب

ملامحها مألوفة

أكاد أعرفها

هي من تلك البلادٍ العربية

التي جار عليها الزمن ففرّ أهلها حيث الأمان

ولو كان على صفيح الأرصفة

 

رأتني ولم تلفظ بكلمة

لم تطلب العون ولا المساعدة

فمثلها يصوم عن الكلام لينطق التعب من تلك التجاعيد المبكرة 

ياترى .. مالذي عجّل بها؟

ماذا رأت من الأهوال لتشيخ بريعان الشباب؟


طفلتها تسأل بلكنتها الشامية التي افتقدناها:

"جوعانه كتير ياماما"

فضمتها إلى حضنها وبدأت تُطبطب عليها


المشهد لايوصف!

مؤلم حتى البكاء؟


وكأني بلسان حال الطفلة تقول:

هل هذه هي الحياة التي أنجبتِني من أجلها؟

ماذنبي لأعيش كشيءٍ زائدٍ عن الحاجة؟

بلا غرفةٍ تأويني 

ولا دفترٍ أرسم عليه ملامح فارس أحلامي وأمنيات الصبايا؟

لماذا انتهت الحياة معنا باكرًا يا أمي؟

كم من العمر تبقّى لتعيشينه؟

ثم ماذا أفعل بهذا الفقر والجوع والبرد؟

بلاوطن .. ولاهوية .. ولابيت

لاشيء سوى شفقة المحسنين !


هل مثلي يستحق أن ينتظر 

ويترقب الخارجين من المطعم الذي نفترش رصيفه

ليُكرمنا بما بقي لم يأكلوه ؟


اشتد البرد وعصفت الريح

أقبلت عليهم بما جادت به الدنيا

هذه التي لاتثبت على حال

طلبتها الإنزواء بمكانٍ مغلق

ممرٍ ضيق

أو حائط

 فردت بهدوء

"ماعليه يابني .. اتعودنا"


كان هذا كفيل بأن ينتهي كل شيء،

لاجدوى من الحديث مع من ليس لديه شيء يخسره

اضمحل الجمال

وشاب الشباب 

وانكسرت النفس 


مضيت إلى حيث أسكن

مضيت بعد أن خجلت من أحزان كثيرة آلمت نفسي

صفعتني الصدفة لأعرف قيمة ما أنا فيه

 ربي حمدناك على كل النعم

وكم نحن مقصرون

ربي عوّضها بما هو خير،

عوّضها بسعادةٍ تُحلّق بها للسماء ثم تعيدها إلى الأرض

وارزقهم الحياة التي يستحقون

وآمنّا في أوطاننا

وأدم علينا نعمة الأمن يارب العالمين


إضاءة

الإنسان الراضي بقدره لايعرف الخراب.


آخر السطر:

اي والله يافهيد ماكلين وشاربين وياربي لك الحمد


دويع العجمي

@dhalajmy

السبت، 7 يناير 2017

وسع صدرك




البداية

اذا ما كنت ذا قلب قنوع 

فأنت ومالك الدنيا سواء


متن

شعرت بالأسف على عامي الذي مضى،

دون أن أُحقق شيئًا مما خططت له،

عام البرق الذي مر مسرعًا باهتًا على عشوائيتي بالحياة،

لو كان له لونًا لاختار الرمادي 

وقفت على نهاياته غير مصدق أنه يرحل دون شيئًا يُذكر؟

لكنه كان كريمًا بالنهاية

لم يكن ليُودعني دون أن يضع هديته عند الباب،

هو ذات الباب الذي أُحدق به بترقب

علّ يُدير أحدهم مقبضه ويفتحه لأرى النور

رغم أني على يقين

أن لا أحد مسئولًا عن سعادتي في هذا العالم مالم انهض وأصنعها بنفسي.


هو إعلامي يجتمع فيه النقيضان

لؤم الثعالب .. طهر الأنبياء

ستُحبه مرة .. وتكرهه مرات

يلقي عصا موسى فيلتهم ثعبانه كل من يراه

يرمي أحجاره فيكسر الجليد ويحرك المياه المتجمدة

حكيمًا أحيانًا .. مجنونًا نادرًا

هو شيء في هذا الكون لاتعرف أين تضعه

كوكبه لايحترم المسارات

ولاينتمي للمجرات

يحلق حيثما أراد .. 

لهذا استسلم الناس لعناده

وتابعوه بصمت


وجّه الدعوة مرات

ترددت بقبولها .. كالعادة جاء الرد:

أنا أكتب أجمل بكثير مما أتحدث

ثم ماذا سأقول؟

كيف ابدأ وعلى ماذا أنتهي

وبعد تردد .. وافقت

وكان حدثًا جميلًا لم أتخيل تحققه

خشيت أن يكون وضوحي مزحةً بأفواه الشامتين

خفت أن يصبح اعتزازي بتواضع طفولتي وأيامي سهمًا بأقواس الحاقدين

حزنت على أصحابي حتى لا أكون عبئًا ثقيلًا يتملصون منه وينكرون صلتهم به

لكن الشمس أشرقت على وجهي

ولمست الاعجاب من كل مكان

وكلمات الاطراء التي رفعتني حتى بلغت السماء

ثم أعادتني للأرض لأسجد لله شكرًا وامتنانا


وللإعلامي "جعفر محمد" الذي شرفني بالدعوة لبرنامجه

"وسع صدرك"

سأكمل لك ما انتهينا عنده


ممتن أنا ياصديقي للعثرات

وليالي الحرمان

وتواضع البدايات

التي هذّبتني..

علّمتني..

كيف احترم عاديّتي

ولا أخجل منها


ممتن لصديقٍ شامت

وجد في بيتي الصغير نكتة

يسخر منها ليملأ وقته

وقريبٍ هازئ

على طفلٍ لايرتدي الجديد في كل عيد


ممتن لكل الأحلام التي لم تكتمل

ولـ ذاك الصغير الذي لم تُنهيه الحياة باكرًا،

ذاك العظيم الذي طالما رسم السعادة بدفتره وأقلامه

ولايزال ينتظر والده الذي رحل


ممتن على بقايا ألوان الطيف

ونصفها الآخر الذي رحل

ولم يعد يحزنني لو اختفت كلها

فلدي من القناعة مايكفي 

أن أعيش باللون الأبيض

أو الأسود إذا أردت

فمثلي ليس لديه مايُخفيه ويخشى أن يخسره


لاشيء في حياتي يستحق الخجل

مشكلتي الوحيدة التي عجزت عن التخلص منها،

التعود على الأشخاص والأماكن والأشياء!

لست من هواة التجديد ولا تغريني التجارب،

إنسان تقليدي بكل التفاصيل.


دائرة أصدقائي هي ذاتها لم تتسع،

أحب القهوة بثلاث أماكن أرتادها،

خيارات السفر مغلقة على دولتين لا أكثر،

أحب الروتين،

عدو الليل وصديق النهار.


شرط وحيد يُبقيني بقرب الوجوه التي تمرني بالحياة،

مهما تعاظمت اسماؤهم والطبقة التي ينتمون لها؛

الاحترام والتقدير،

هو الميزان الذي أقيس عليه وجودهم 

ومتى اختل .. تخلصت منهم.


أما بعد:

"أمي بخير"

لاشيء يستحق الحزن أو الضجر


إضاءة

اثنان لايصطحبان أبداً: القناعة والحسد


آخر السطر

ولاتوقر يافهيد من لايحشم جنابك


دويع العجمي

@dhalajmy