السبت، 27 ديسمبر 2014

كل عام وأحلامي وإخفاقاتي .. بخير

البداية:
"وكلٌ مسخرٌ لِما خُلِقَ له"

متن:
إنها سنةٌ جديدة تقف على نافذة الأحلام والأمنيات ولاجديد يُذكر ولكن القديم يُعاد، عامٌ مضى مليءٌ بالخيبات والنجاحات .. وعامٌ قادم نستقبله بالأحلام والتي غالبًا ماتتجاوز قياساتنا ونادرًا ماتصافح الواقع ولكنها الحياة نعوّض بخل عطاءاتها بسذاجة طموحاتنا لنُضمد جراح الحرمان وتلك الأشياء التي لم تكتمل والتي لانقوى على البوح بها لأن أشد الألم نكشك لجراحك فنُخفي ذلك بعدم الإهتمام وأن القادم أحلى وأجمل .. إلى حين.

عامٌ مضى:
خططت فيه لنجاحات رسمتها بالعام الماضي وكتبتها بالعام الذي قبله لأُحققها هذا العام وقد يمضي فأُعيد كتابتها العام القادم ولا أعرف متى أنتهي من تلك القرارات التي تحتاج لعزيمة وإرادة كافية .. وتلك الأفكار المتشابهة التي تختلف أسبابها حسب الحالة المزاجية وكوب القهوة .. وكل عام وأنا وإخفاقاتي وأهدافي بخير.

عامٌ مضى:
كسبت فيه قلوبٌ طيبة وأشخاص رائعون وودعت آخرون ظنُّوا أني سأُعظّم غيابهم وتحرقني الدقائق شوقًا لمُلاقاتهم متناسين أن أمثالي لم يعد الغياب مؤثرًا في حياته لأني ببساطة اعتدت الخذلان .. والغياب لايُزعج من تلذذ بطعم الوحدة برفقة كتابه وقلمه وفوضوية مكتبه، للأسف بت أكثر مرونة بتقبل فكرة رحيلهم بل وأودعهم بابتسامة ولكني حريص على أن لايجدوني حال عودتهم فـ للكرامة شموخ وثقافة الرف التي يرحلون متى يشاؤون ليعودوا ويجدون كل شيءٍ على حاله أرفضها .. فلست من أشيائهم المركونة والتي تنتظر مجيئهم ولأني مؤمن بأن الحياة كالمطار هناك مغادرون وقادمون وعلى هذا تطيب جراح الحنين فعذرًا للغياب.

عامٌ مضى:
فشلت ببلوغ أشياء كثيرة تمنيتها ولكن الجميل أني حافظت على إنسانيتي ورفعت سقفها بمخاطبتي للبشر فلم يعد يهمني أصله وشهادته وجنسيته فالناس بأخلاقهم يتمايزون وبثقافتهم يتحدثون وهذا مايُثقلهم بميزاني وإن كان المجتمع لايزال يعيش مرض النفاق الإجتماعي الذي لفظته منذ سنوات فلم تعد المجاملة في دفتر علاقاتي حتى مع ذوي القربى فمن لايحترم وجودي ويُقدّر ذاتي لا أُعظّم حضوره وأسقطه من قائمة اهتماماتي فتبدو الحياة أجمل بالرائعين الذين يبادلونا الود رغم قساوة القرار إلا أن النتائج عظيمة.

عامٌ مضى:
ولاتزال جدتي تعتقد أن شرب "اللبن" مع السمك يسبب "البرص" لتوبخني قائلة "لاتاكله جعل ياكلك المرض"
رغم أن العلم أثبت عدم صحّة تلك الخرافة وبذات الوقت لانزال نعتقد بأن "السمك" لايؤكل إلا كل يوم جمعة .. والحمدلله رب العالمين.

عامٌ مضى:
سطّرت به قاموسي الخاص الذي يشبهني والذي تعلمته من دروس الأيام التي لاتحابي أحدنا على الآخر ولاتعترف بأسمائنا ومناصب آبائنا .. ومن دروس الأيام تألمت فحزنت وتعلمت .. فكتبت.

-سطور وهوامش وحروف:
 نبض:
آمنت بأن كل حب جديد ينسف ماقبله ولايبقى من الماضي إلا ذكريات وبقايا مشاعر نضحك على سذاجتها.

معادلة:
إذا اتفق ثمانية من أصل ثمانية تجمعهم معرفة ورذيلة واحدة وسوء خُلُق على أنك "سيّء" .. فأنت رائع بشهادة لم يقصدوها

نظرية:
لايوجد حقد مفاجئ .. دائمًا هناك فاشل يرى في نجاحاتك نقصه الذي لم يُكمله.

هامش:
التمسك بمن ينشغل عنك .. يؤخر رحيله ولايمنعه.

الغباء:
أن تتساهل بمن يعذرك دومًا، أنت لاتملكه فكثرة الأخطاء تحرق الحب فيمّلك ذاك القلب ويُفضل الرحيل بصمت .. للأبد

السقوط:
أن تجعل من نفسك رد فعل على أقوال وأفعال الآخرين والعظماء هم من يصنعون الواقع ولاينتظرون القوافل تقلهم أينما شاءت

إضاءة:
تقول العرب: أنت حيث تضع نفسك؛ فليُحسن كل منّا موضع "نفسه" ويُجيد تقديرها.

آخر السطر:
راحت سنينك يافهيد وأنت كل يوم تقول: "من بكره ببدا رجيم" .. أبكيك !

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 21 ديسمبر 2014

وشاب الشعر يافهيد

البداية:
"الثقة ميزان البشر.. نقصانها كزيادتها مهلكٌ للذات"

متن:
كنت في الخامسة عشرة من عمري عندما احتفلنا به عائدًا من فرنسا بشهادة الدكتوراه، أحد الأقارب الذي كان يشبهنا بتفاصيلنا البسيطة، وحياتنا المبنية على العادات والتقاليد، وصبغة البداوة التي نعتز بها، جمعة "الشيبان" ودروسهم التي لا تنقطع.. يعتلي سقفها الحفاظ على الصلاة والكرم واحترام الآخرين، صحيح أنهم لم يتعلموا في المدارس والجامعات، لكن الحياة علمتهم ما هو أهم بكثير من مناهج الدراسة.
هو عاش بهذه البيئة البسيطة وعايشها بشتائها ولواهيبها، وربيع أيامها التي تحلو لياليها مع "دلالٍ على جال الضو"، تزينها النقاشات والشعر وقليل من "صعلكة المراهقة".. إلى حين!

تغيرت فيه الهقاوي.. عسى العوض بالليالي المقابيل

الذي عاد من باريس تغير كثيرًا!
نظرة الاستصغار لنا والفوقية بالتعامل معنا باتت سمة واضحة.. اختصار الكلام مع الجميع والاستهزاء بمواضيعهم.. ملبسه وشكله تغير ولم يعد يشبه ذاك الطيب الذي كان يحبه ويحترمه الجميع.. مُحبَط من هيئة والده وعصاه، ويرى الرجعية متمثلة بـ "برقع" والدته، وكلاهما يكتم جرحه ويدعو له بالخير والتوفيق.. حتى نحن بات يخجل من منظرنا في مناسباته لكي لا يرانا أصدقاؤه الأرستقراطيون الذين درسوا معه في باريس، فنحن باختصار.."بدو" ولا نُشرّفه!
مجتمعنا البسيط طيب، كانوا يلتمسون له العذر ويقولون: "يحق له متعلم ومثقف".
وكل هذا حشمة لماضي أيّامه الكريمة التي يحفظونها له والتي داسها بغروره.. رغم صغر سنّي حينها فإني رفضت أسلوب حياته ونظرته لغيره، ولكن لا يحق لنا الكلام والتعبير، فالصغار ينصتون فقط عندما يتحدث الكبار.. وليت قومي يعلمون.

رفيقٍ يسر العـين ويكمّل الماجـوب
صفات المراجل كلها فيه ملتمّة

على مقربة منه وليس ببعيد؛ يقف ذاك المجتهد الأقل منه ذكاءً ربما وحظا ومن ذات البيئة البسيطة، رغم دراسته الطويلة في بريطانيا يعود ليذهب بوالده المسن عند "الحلال"، فوالده عاش حياته لا يملك إلا "إبله وأغنامه".. تُضيع عليه وقته ويتاجر فيها ويأنس عندها.. يمازح والدته بمحبوبته البريطانية التي سيتزوجها؛ لترميه بأقرب ما تلمسه يداها.. هو مختلف عن الأول على الأقل بقي كما هو.

دمعة فخر سالت على خد شايب
عودٍ بكى من فرحة العين مسرور

الفصل الأخير.. التحضيرات على قدم وساق لحفل التخرج.. أقسم أنه لن يتسلم شهادته إن لم يحضر والده لبلد الضباب، وأمام إصراره وافق ذاك "الأُمّي" المسن الذي لا يقرأ ولا يكتب، فحياة الأولين ليست مفروشة بالديباج والحرير كحياتنا، وظروفهم قاحلة وصعبة.. وقف الابن على المنبر شامخًا ليُهدي تخرجه لوالده الذي روَت دموع الفرح تجاعيد العمر وقلّما ذرفها، ولكن للدموع الصادقة ميقات ومواعيد.. كبرنا وتثقفنا ففهمنا أن العلم والشهادة لا تزيد المرء إلا تواضعًا ووقارًا، والإنسان الذي لا تنعكس شهادته وعلمه على أخلاقه وسلوكه جاهل لا قيمة له، ولا لقطعة الورق المختومة التي يتبجح بها، فالناس بأخلاقهم يُقاسون، ومن لا يحترم جذوره وأصله لا يستحق التقدير، فثلث الحكمة مداراة الناس وليس التقليل من شأنهم والتعالي عليهم.. نال الأخير محبة الجميع واحترامهم، وزاده الله توفيقًا وقبولا في المجتمع، أما الأول فلازال يعيش صراع البحث عن الذات، فلا هو الذي صافح الواقع وافتخر بجذوره وانتمائه، ولا هو الذي نجح بإقناع ذوي الطبقة المخملية بأنه يستحق أن يكون "منهم"، وهو الذي مع أول اختلاف يحرقونه بفئويتهم، وهذا ليس بكثير.. فمن لا يحترم أصله ومرباه، ويتبرأ منه لا يحترمه الناس، ففاقد الشيء لا يعطيه.

فاصلة،
كل منّا يمر بنشوة فخر واعتزاز قد تفصله عن الواقع، فيرى نفسه بصورة ويتوهم أن الآخرين ينظرون له بهذه العَظَمَة، والحقيقة المؤلمة أن الناس يرونك من زاويتهم التي لا تبصرها، فلا أنت العظيم المهم ولا الرائع المبهر، قد تكون شخصا عاديا رغم وضعك قياسات أكبر بكثير من حجمك.. يقول كريم الشاذلي إن أسعد الناس من انطلق من حجمه الحقيقي، وعرف موطئ قدمه، أنت وحدك من يُجيد تقدير ذاتك ومعرفة أسرارها وأبعادها.. أما أجمل الناس فهم أولئك الذين مهما أكرمتهم الحياة من الحظ والنجاح يبقون كما هم ولا يتغيرون، ويحفظون الامتنان للأشخاص الرائعين حولهم ولا يتكبرون عليهم.. وفي قصة الشابين تدور الفوارق.
لهذا.. ما عادت الشهادات تبهرني، ولا الألقاب قبل الأسماء تهمني.. عند النقاش والحوار سأعرف شهادتك الحقيقية، وما الناس إلا ملافظ ومضمون.

إضاءة:
علمتني الحياة أن النجاح الحقيقي يبدأ من مصافحتك للواقع، والقناعة بالموجود، والرضا بالمقسوم.

آخر السطر:
"تنكرت للشاص والبل عقب ما قمت تخثرد بالفرنسي!.. شاب الشعر يا فهيد".
التعليقات

الأحد، 7 ديسمبر 2014

فلّة حْجاج


البداية:
"ومن أشكال العذاب؛ حبٌ من طرفٍ واحد"

متن:
موجعة مشاعر الحب لذاك الذي لايبدالنا ذات الشعور،
تحاول ترويض القلب فيكسرك الواقع
 وهذا أقسى درجات العذاب،
 يعجبك حديثه وتسعد الروح برؤيته،
تبذل المستحيل لكسبه لكنه لايأبه بك
فعالمه مزدحم وقلبه مشغول ونظره أقصر من أن يرى جمال عطائك وليس هذا بخطأ لكنه ميزان القلوب فالحب والإعجاب والوصل من طرف واحد عذاب وألم وإن حاولنا التظاهر بعكس ذلك.

في الحب والعلاقات والصداقات نمر بتجارب قاسية والبدايات دائمًا صعبة
والتظاهر بعدم الاهتمام هو اهتمام
لكننا نُطيّب جراحنا ونحاول ترميم ذاتنا بسبب ذاك الذي لايشعر بنا ولايبادلنا سيل المحبة الذي جرفنا له .. لا بأس فهذا من طبيعة الأشياء ومع الوقت نكسب مرونة التعامل مع أولئك الذي يخطفون القلب من دون أن يعلموا ذلك ونضعهم في أعلى اهتماماتنا فيصدمونا بهوامشهم فنعيش الصراع :
إما بقاءٌ مُهين أو رحيلٌ بشموخ
الأولى صعبة على النفس والثانية مدمية للقلب وعلينا اتخاذ القرار

-وماكل الليالي طيبات وتساهيل
عشتها .. تلك التجربة في صداقات معدودة، بالأولى قررت البقاء فوجدت نفسي شخص سطحي بلا أهمية وعندما قسوت على نفسي ورحلت علمت أن أعظم القرارات هي التي تُتخذ بعقل بعيدًا عن العاطفة فالقلب أعمى والعقل دائمًا يبصر الصواب .. وتبًا للحياة التي لاتتوافق بين العقل والقلب وهما المتسايران الذان لايلتقيان .. اليوم أصبحت مرن أكثر ومن التجارب استطعت بسهولة العبور من هذه العلاقات بسرعة دون ألم وتفكير فتبدو الحياة أجمل.

 فل الحجاج وخل عنك الهواجيس
كلٍ يموت وحاجته ماقضاها

الحياة أقصر بكثير من أن تختصرها بمن لايأبه بك ولايهتم لأمرك، برمج أعصابك وعقلك على فكرة أن قلبك ومشاعرك متغيرة ولاتتوقف على أحد والسعادة قرار قبل أن تكون شعور،
ضخّم مساحة من يحبونك واستمتع بأوقاتك معهم ولاتترك نفسك للفراغ فهو عدو المشاعر وهادم اللذّات وهو من يُعيد شريط الذكريات الحزينة ليفتح باب العذاب فتتألم من جديد، لنخطوها معًا: حياة جديدة وأشخاص رائعون ولحظات جميلة باختصار لنتعلم كيف نستمتع بحياتنا بعيدًا عن مشاعر الحرمان وهذا دواء القلوب.

-قاموس ومشاعر
الخذلان:
هو أن يطعنك شخص غمرته بمحبتك وأعطيته الكثير فكان أول من شمت بسقوطك وأعان عليك حاسدوك.

الكرامة:
أن تؤمن بأن بعض العلاقات يُكتب لها النهاية بدون سبب ولكن عليك أن تتعلم كيف تغادرها وأنت مرفوع الرأس وتذكرهم بخير.

المروءة:
أن لاتشمت بمن تكره .. طبيعي جدًا أن يكون هناك أشخاص لانحبهم ولكن الحب شعور والإحترام مبدأ وعلى هذا نقيس الأمور

عزة النفس:
أن تشتاق لشخص وتحبه جدًا ولكن لاتطلب منه الحب والإهتمام لإن هذه الأشياء إن طُلبت فقدت قيمتها وسقطت.

الأسف:
أن يحبك شخص ويتحين الفرصة لرؤياك ويبذل العناية ليسعدك وأنت لاتبادله ذات الشعور ولكنك تلاطفه لتجبر خاطره وبنفس الوقت لاتود خداعه.

الغرور:
أن تضع نفسك بمكانة أعلى بكثير من قدرها وتتحدث عن فرضيات وصورة لنفسك لاتراها إلا أنت فتبدو أحمق وساذج.

الثقة:
أن تستمتع بإنجازاتك وتتحدث عنها بشموخ فهي أشياء اجتهدت بها وانجزتها ولك حق بالسعادة بها فمن حق نفسك عليك أن تُشعرها بالرضا.

إضاءة:
"تقدير الناس لك يبدأ من تقديرك لذاتك ففاقد الشيء لايُعطيه"

آخر السطر:
الكرم يافهيد ساس كل طيب ولا الردي يبطي محدٍ وقف على بابه

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 22 نوفمبر 2014

الولد الترف اللي بجامعتنا

البداية:
"وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون"

متن:
درس معهم بمايسمى "الفصل الحر" قادمًا من جامعته ليُنجز مواد معينة ثم يعود لها، الطلبة لايعرفونه وهو هادئ وحسن المظهر، خلال أيامه الأولى تبين حرصه والتزامه بالدراسة ليشيد به أساتذته لتحضيره للدروس قبل المحاضرات، شخصيته انطوائية بعض الشي وملامحه البريئة انعكست على وجنتيه وأخلاقه العالية .. ولكن؟

"حتى الكمال .. يحضر ويغيب"
الكل يشيد بخلقه والجميع يتهامسون بينهم أن لديه "مشية أنثوية" وكأنه يتعمدها فطريقة ثني الخصر أثارت سخط الطلبة واستغرابهم ..
وبات السؤال الحاضر"إذا كان بهذا الإحترام والوقار؛لماذا يفسده بتعمد الأنوثة"
أصبح الطالب الجديد يجمع كل المتناقضات فسلوكه بين الرزانة والرذالة جعل الغالبية يرمونه بالغمز واللمز وعلى مسامعه وهم يتضاحكون مقللين من احترامه .. وحسنًا فعلوا فأمثاله لايستحقون الإحترام.
وكلما مر على مجموعة من الطلبة سمع الأمرين والغريب أنه مُصِر على تلك المشية المريبة ولم تهزه سهام الساخطين والشيء الوحيد الذي تغير تلك الابتسامة العفوية التي اختفت لتزداد انطوائيته ووحدته.

"وياشين ذنب الحكي وياثقل دمه"
شارف الفصل الدراسي على الانتهاء، الطالب "الترف" سيعود لجامعته بعد أن سمع كل مالايحب ولايرضا، أحد الزملاء استعان بدفتر محاضراته ودار بينهم نقاش قصير ليعود لبقية الطلبة يخبرهم أن سلوكه وكلامه لايشبه مشيته فاحتاروا في أمره ولكن لايهم فالمكتوب واضح من "خطواته"
المحاضرة القادمة والأخيرة ستكون "تجربة غيرتك" يتحدث خلالها الطلبة عن حدث غيرهم وأثر فيهم .. وجاء الموعد وطالب تلو الآخر إلى أن ارتقى زميلهم الجديد المنبر ليتحدث عن كيف كان مغرورًا بشبابه ودلال والده له واهتماماته السطحية وإثر حادث بالسيارة تسبب له بكسر بالحوض وإعاقة دائمة تغيرت نظرته للحياة وللآخرين حتى تلك الكماليات التافهة ماعادت تهمه .. وبصوت مليء بالحزن يكمل:
وكأن الله وهبني إعاقة دائمة في عظام الحوض لتؤثر على خطواتي ولياقتي حتى أتذكر أني ضعيف ولا اغتر بهذه الدنيا الفانية رغم ما أناله من نظرات حارقة وهمسات تقتل فيني السعادة ولكني أقابلها بالتغافل أما إعاقتي  فهي مشيئة الله والحمدلله أولًا وآخرًا"

نزل من المنبر وسط صمت غلّفه الحزن على سوء الظنون ليس من زملائه حتى أنا وأنتم حكمنا عليه ببضع كلمات والآخرين بسبب تلك الخطوات ولم يكلف أحدًا نفسه أن يسأله عن سببها ولم نلتمس له العذر، لف الوجوم وجوه الحاضرين وبهدوء غادر القاعة وكأنه يرفض اعتذاراتهم فقد اعتاد على المشي على الشوك ومن تدمى قدماه من شوك الظنون يفقد شعوره بالألم.
 حاولوا ادراكه لكنه مضى حيث مجتمع جديد يُسمعه ذات الكلمات وهمسات الاحتقار التي لاترحم والناس الذين بكلٍ ظنٍ يُسيئون وإن "أكثر الناس لايفقهون"

"وجعل عين أمي بالوجود"
أساؤوا الظن بها لرفضها طابور العرسان الذين يتقدمون لها وهي التي تسكن مع والدتها وحدهم دون رجلٍ يحميهم فوالدها رحل وليس لها أخوة.
 ليقول جارها الشاب على مسمع من أصدقائه ولماذا تتزوج شابة جميلة وليس عليها من يسألها عن مواعيد خروجها وغيابها وكأنه بحكمٍ مبطن يرميها بشرفها ليصدقه السفهاء جلسائه فتلك البنت اللعوب تريد الحرية بماتفعل
وحين بلغها ماقاله جاءته تبكي لتنطق دموعها: "لم أرفضهم بل هم من رفض شرطي فوالدتي المسنة المريضة في رقبتي وشرطي أن أُعيلها وتعيش معي فيغادرون وأعذرهم فمامن شاب يريد تحمل إمرأة على فراش المرض وأعذر نفسي فأمي باب من أبواب الجنة ولن أغلقه بعقوقي" .. كفكفت دموعها وذهبت وعلى هذا يستمر مجتمعنا المريض بإساءة الظن وخبث النوايا بتفسير الأشياء فنحن أقوامٌ نتفنن بتفسير الأشياء بخبث الظنون ونبني نجاحاتنا بهدم نجاحات الآخرين ونبدع بالتشهير بالناس على الفرضيات والذنوب ولكن .. "إنه لايفلح الظالمون"

فاصلة،
هكذا نحن وهذه صورتنا القبيحة مهما حاولنا تجميلها ونكرانها ولكنه واقعنا المؤلم المليء بسوء الظنون والسعيد من يحسن الظن دائمًا و لايرفع سقف توقعاته بالآخرين ولاينتظر منهم حمدًا ولاشكورا أما أفشل الناس من ينشغل بغيره وأحقرهم من يحترف إساءة الظن فكم من سوء ظنٍ هدم مستقبلاً وقتل صاحبه وجعله منبوذًا بين أهله وجيرانه ومن يتأمل نصائح لقمان الحكيم لوجد أن أكثرها جاء بحسن الظن وفيها رسالة أن راحة القلب والتوفيق بالخُلُق الرفيع وأساسها ظنٌ حسن وكلمة طيبة .. أما أنا فوالله منذ سنوات قليلة مضت اتخذت قراري بأن لا انشغل بغيري ولا أسيء الظن به ولا ارفع سقف آمالي حتى فيكفي من الخذلان ماجنيته من تجارب سابقة .. قد نرويها قريبًا.

إضاءة:
من ساء ظنّه ساءت أخلاقه وأظلمت حياته

آخر السطر:
ودروب الردى يافهيد بصاحبٍ ينحكى به

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 15 نوفمبر 2014

درس جديد أُضيفه لقائمة حماقاتي

البداية:
"وإن لم يجدوا فيك عيبًا .. كسوك من عيوبهم ثم عابوا"

متن:
تروق لي البدايات وتؤلمني التجارب الفاشلة وإن كنت أخرج منها بدرس يقوّم إنسانيتي ويجعلني أفضل إلا أني أحزن على حالي فالأرق والليل ما إن يجتمعان إلا كان جلد الذات ثالثهم فاللهم عطفك ورضاك.

"حدث ذات يوم"
جمعتنا ملتقيات ثقافية كثيرة، لا أعرفه جيدًا ونكتفي بالسلام والسؤال عن الحال وتلك المصافحات الباردة وقائمة الترحيب المعلبة التي نرددها كنوع فاخر من المجاملات الإجتماعية، يبدو مثقفًا وقليل الكلام ومستمع جيد، هذا انطباعي الأول تجاهه وبعد كل محفل ثقافي يعود كل منا لينغمس بحياته ودوائرة علاقاته المنفصلة عن بعضنا

هاتفي يرن .. رقم غريب والصوت كذلك يبدو غريب .. عرفني بنفسه .. نعم هو .. الشخص ذاته الذي تجمعني به الصدف والمناسبات، اختصر سلامه ودعاني لتشريفه بديوانه .. أغلقت الخط بعد أن شكرته على الدعوة .. وبعد حين علمت أنه زميل صديقي المقرب بالعمل ومن الطبيعي أنه يعرفه جيدًا .. فماذا حدث؟

"وليت مسامعنا ماتصغي لكل حيٍ ينحكى به"
إيّاك .. فهذا متغطرس ومغرور ولايغرنك انطباعك الأول فالطيور على أشكالها تقع .. هذا مابدأ به صديقي عندما سألته عنه ؟
وأكمل: شخص أناني ولاينظر للآخرين بشيء ولديه انتقائية بالتعامل مع زملاء العمل و ... الخ قائمة التعرية التي جعلتني أكره هذا الشخص فأنا أثق بصديقي وحينها قررت اقصاءه من حياتي وكان ذلك فلم ألبي الدعوة وأكتفي بالرد على اتصالاته برسالة "عذرًا كنت مشغول" حتى اختفى اسمه ولم يعد يظهر على الشاشة "يتصل بك"

"وليت الندم ياصاحبي يعيد ماكان"
بدعوة من اتحاد الطلبة بأحد الدول الأوروبية حليت ضيفًا هناك .. كان موجود أيضًا .. نعم ذاك الذي عرّاه صديقي وكشف وجهه الحقيقي فأقصيته بتجاهلي .. وكأن القدر شاء أن يكشف قبح تصرفاتي فسكنا ذات الفندق
خلال السفر جمعتنا لحظات من النقاش والمواضيع فوجدته شخص مهذب ومحترم، عجبني عمق روحه الإنسانية وحرصه على الصلاة، لم يكن متغطرسًا ولا مغرورًا وكما قال ابن حنبل صاحبك من صحبته في سفر .. فالسفر ينخل البشر فيجعلك ترى عمقهم الفكري وشخصيتهم الحقيقية وهذا مازادني ألمًا وحسرة حتى بت أتساءل :
إذا كان بهذه الأخلاق والوقار فلماذا تكلم عنه صديقي برذيل الكلام؟

خلال حديثنا مع بعضنا أخبرني أنه ينتقي صداقاته بشكل جيد ولايحب العشوائية بعلاقاته وأثناء طرح اسم صديقي بشكل عرضي تكلم عنه بالحسنى وبتحفظ .. علمت أني اقترفت ذنبًا بالحكم على الأشخاص بأذني وليس بعيني فويلٌ للظالمين

"إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا"
نص رباني صريح يُهذّب النفس البشرية الأمارة بالسوء وهو عن الفاسق ومايرويه وبنظري أن كل من يتحدث عن الآخرين بمايكرهون هو فسقٌ عظيم
 النفس البشرية ليست واحدة وانفعالاتنا متغيرة، فقد تلتقي بشخص ولايكون ثمة خطأ بينكم ولكنك لاتحبه وتنفر منه وعلينا اليقين أن هذا من طبيعة الأشياء ومن موازين القلوب فنحن لانستطيع التحكم بمشاعرنا ولكن نستطيع تهذيبها، أن لايكون هناك تفاعل مع شخص ولانحبه ولايحبنا لايعني أنه سيّء ومتعالي بل لأن لكل منا اهتمامات وقناعات واسلوب حياة يختلف عن الآخر ناهيك على أن أبناء الكار الواحد والمهنة الواحدة قلما يتفقون فدوائر الحسد والغيرة من طبيعة البشر.
صديقي المقرب هو شخص جيد بالحياة ولكنه لم ينسجم مع هذا الناجح والناضج وكلاهما جيد باسلوب إدارته لأموره وذاته ولكنهما لايلتقيان فكريًا.
ليس هذا المهم .. فالأهم أنني وقعت بذنب عظيم بحكمي على هذا الناجح بما سمعت دون أن أرى منه وأحكم وكثير منا يقع بهذا التصرف الأحمق وعلينا أن لانهتم لما نسمع بل بما نرى ونعطي الآخرين فرصة لنحكم عليهم وبعدها نقرر ما إذا كانوا يناسبوننا كأصدقاء ومعارف أو نمضي بحياتنا التي لانعرف متى نتعلم وننضج ونتوقف عن السقوط بمثل هذه الحماقات الساذجة


فاصلة،
في كل مرة أعد نفسي أن أكون شخصًا جيدًا على الأقل بإنسانيتي التي انتمي إليها سرعان ما أكبو وأتعثر ليصحبني الليل برحلة مع تأنيب الضمير وجلد الذات .. لابأس درس جديد أتعلمه من قائمة حماقاتي الكثيرة ونسأل الله المغفرة لكني عزمت على أن لا اسمع من أحد وابني حكم على الآخرين بما يقولون فأنجح الناس هم أولئك الذين لاينشغلون بغيرهم أما أذكاهم فهم الصّامون آذانهم عن كل قبيح يروى بحق الآخرين.

إضاءة:
علمتني الحياة أن أعظم قرار نتخذه هو كف أذانا عن الآخرين فالناس فيهم مايكفيهم.

آخر السطر:
ومايحكي بك يافهيد الا اللي عاجزٍ عن علومك

دويع العجمي
@dhalajmy

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

أُمّة كان وأخواتها

هنا باريس.. بلد أضواء المساء والصباحات الصاخبة التي تنتشي بحب المظاهر وهوس الموضة، وذاك الشعب الذي يختزل الرُقي والجمال في نفسه، وينظر للآخرين أنهم أقل منه كحالنا بالضبط، مع اختلاف لون العينين والبشرة وشبه انسجام تام بالتفكير والنظرة، فالسطحية بتقييم الآخرين مرض ابتلينا به وتشابهنا مع الفرنسيين بالطبقية.. نسأل الله الشفاء.

متن:
بدعوة من اتحاد الطلبة حللت ضيفًا على الملتقى الثقافي بباريس بعد أيام من مشاركتي بمؤتمر "مهنتي إنسانية" بإيرلندا، ولقاء طلبة الطب هناك مرورًا بلندن وزيارة الأصدقاء، وما لفتني هو شغف الناس بالقراءة، في بريطانيا وإيرلندا يستغلون دقائق الانتظار بالمطالعة، ففي الحافلة أو القطار أو المطار تجد الغالبية يخرج كتابه ليقرأ، ولا تسمع صوتًا إلا بالهمس حتى لا يزعجوا بعضهم، وهذه ثقافة اختفت في "أمة اقرأ".
في أحد قطارات لندن جلس بجانبي شاب بريطاني وبهدوء أخرج كتابه، دفعني الفضول لأسأله ماذا تقرأ؟
ليُجيبني بأنه يقرأ كتابا عبارة عن مختارات في فلسفة العقيدة الإسلامية واليهودية، وعند استفساري عن سبب اختياره، قال إنه يحب أن يفهم كيف يفكر الآخرون ليستطيع التعامل معهم، وأنه موظف بنك ولا يجد وقت فراغ كافيا للقراءة، وهو بالضبط ليس كحالنا لأننا في أي مكان عام نبحث عن "وايرلس" لاستغلال وقت فراغنا بين تويتر وإنستغرام وأحاديث "فلان وعلان" بالواتساب، ناهيك عن أننا محترفون في صنع وقت الفراغ حتى في أوقات العمل، وهذا إنجاز عظيم يُحسب لنا، وفشل اليابانيون في بلوغه.

-مُضحك.. ومُبكٍ
في إيرلندا زرت جامعة "ترينتي" التي تأسست عام 1592، وتعتبر واحدة من أقدم جامعات العالم، وأثناء التجول فيها لاحظت طابورا طويلا لدخول أحد المباني، ظننته "مطعما" أو "كافيه" لأن هذا ما اعتدته بثقافتي العربية الأصيلة، فنحن لا نزدحم إلا على ممرات المطاعم والكافيهات ودور السينما، ولكن كان ذاك الطابور الطويل من أجل دخول المكتبة، مع العلم أن دخولها برسوم "زهيدة"، ومع ذلك ازدحام شديد من الطلبة وزوّار الجامعة لدخول واحدة من أقدم مكتبات العالم، وعند دخولي لها وجدت تحفة ثقافية ومعمارية أكبر بكثير من أن تُسمى مكتبة، ضخامة المبنى وعراقة الترتيب، والعدد الهائل من المراجع الثقافية، حتى إني وجدت قسما كاملا لكتب ابن خلدون وابن سينا وغيرهما من المفكرين العرب مترجمة للإنجليزية.
لديهم جامعة رغم قدمها إلا أنها عريقة بالمباني والتجهيزات الحضارية، ومنظمة هندسيًا ومعماريًا، فلا ازدحامات بمواقف السيارات ولا معاناة مع "التكييف" بالفصول الدراسية، ولا مظاهرات طلابية تشتكي من الشعب المغلقة كما هو الحال بجامعة "موزنبيق" التي تعرفونها جيدًا.
هناك أُمّة تعيش على أمجاد الماضي، ودخول مكتباتها بالمجان، ومع ذلك لا يزورها إلا الفئران وغبار الوحدة، ولا عجب فمنظر شاب يُخرج كتابه بمكان عام محط للسخرية وعبارات الظرافة، أشهرها "خف علينا يالعقاد"، فتلك الشعوب تحترف استخفاف الدم الذي صاحبه خفة بالعقل، ومشغولة بتصنيف بعضها ومرض الفئوية الذي طمس فضائلهم البشرية، وتحترف الشتم والإساءة، أما الحجة والدليل ومقارعة الأفكار بالبيّنة والحوار فهذه نصوص يقولونها بمثالية، لكن عند أول نقطة اختلاف سترى العجب العجاب، بداية من طعن بالشرف والذمة، وصولًا إلى أنك لست أصيلا و"مو من عيال بطنها"، وأقل الإيمان أنك "لفو"، فالطبقية وغياب العقل أضاع المنطق ورؤية الازدهار، فالتنمية الأساسية ليست بتطور البنيان بل بازدهار ورُقي الإنسان، وهذا سبب تقدم سائر الأمم، في حين أن أمة "كان وأخواتها" تعيش على أنقاض الماضي.
يقول أحد المفكرين "بالقراءة ترى مالا يراه الآخرون"، فالقراءة تفتح لك آفاقا فكرية كثيرة وتجعلك ترى الأمور من زوايا عديدة، وتكوّن لديك فصاحة بالبيان تفتقدها مجتمعاتنا التي تهتم بالموضة وتقليعات الشعر، ومشاهدة "أراب أيدول"، وأعظم ثقافة نقدمها للغرب هي ثقافة الشاب الخليجي العظيم عندما يدخل مطعما ليطلب كل ما في "المنيو"، ويختمها بـ "بيبسي دايت" حفاظًا على ريجيمه الذي احتار معه كل أطباء التغذية، فكم نحن عظماء وليتهم يعلمون.

فاصلة
طلبة الطب في إيرلندا أسسوا تجمعا طلابيا ويُقيمون مؤتمرات ثقافية ورحلات إنسانية، كان آخرها رحلة "عون وسند" لمساعدة فقراء ومسلمي جيبوتي، وكل هذا على حسابهم الخاص ودون دعم، لفتة إنسانية من شباب بمقتبل العمر، لمست فيهم الطموح والتفاؤل للمستقبل، اجتمع السني والشيعي والحضري والبدوي، فكانوا مثالا لذاك الشعار الذي نكتبه فقط دون تطبيقه "وحدة وطنية".. فمن يحميهم من نيران الفئوية والمذهبية عندما يعودون بشهاداتهم العليا لمجتمع يهوى ويعشق التصنيف؟
إضاءة:
قرارك بأن تتغير يسقط عندما تهتم بماذا سيقولون عنك.. كن أنت وكفى.
آخر السطر:
"الناس تقرا كتب يافهيد وأنت خلك على قال فلان وسوّى علان.. أبكيك".

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

نص دافئ



البداية:
"وفي لين الكلام وقارٌ ومكسب القلوب فمن لانت كلمته وجبت محبته والله يحب المحسنين"

متن:
-على سبيل الوداع:
في حياة كل منا أشخاص لانروق لهم ليس لأننا سيّئون بل لأنهم يرون أحقيتهم بكل خطوة نتقدم بها للأمام فما يفشلون به لايحبون بلوغنا له لذلك دائمًا مانسمع منهم أبشع السخريات والحماقات التي توغر صدورنا ونصبح في حيرة من أمرنا هل نستمر بلقائهم ووصلهم إن كانوا ذي قربى وهل نبذل العطايا لكسب ودهم أم نتجرد من أخلاقنا وننزل لوحل ملافظهم فنصبح مثلهم ؟
عشت مرارة وجودهم فهناك أشخاص يُجيدون تحطيمك ويتفننون في ذلك حتى قرأت قوله سبحانه:

"وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً"

نعم .. هذا هو الحل والدرس الربّاني العظيم تجاه كل من ينشر السلبية في أفكارنا ويكره نجاحاتنا البسيطة ويصب علينا من الكلام أبشعه، هجرٌ جميل نكسب فيه ذاتنا وسعادتنا فالحياة أجمل من أن نختصرها بمن لايحبنا ولايتمنى لنا الخير وفي الهجر مصلحة ورحيلٌ بلا أثر وتجاهل لكل مايقولون من خلفنا فالرد على أمثالهم سقوط وتجاهلهم يقتلهم  فأعرض عن أقوال التافهين والحمقى واكسب ذاتك واهجرهم هجرًا جميلا لا أذى فيه.

-وعلى سبيل اليقين:
"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"

كلما خشيت من تدابير البشر وحقدهم في قطع رزقي وتلك الأوهام التي تعصف برأسي وتفقدني الاتزان تذكرت قوله سبحانه فارتاح قلبي وسكنت نفسي ووعلمت أن مالبشر الا أسباب والرزق بيد الوهّاب الكريم ولو هرب الناس من رزقهم كما يهربون من موتهم لأدركهم الرزق كما يدركهم الموت فسبحان ربي العظيم

-وعلى سبيل الراحة النفسية:
"وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"

ماعدت أخشى المستقبل وضبابية مشهده وماعاد القلق يكسر طموحي رغم قلة الفرص فهذا وعد الله في أمرنا ومن أحسن ظنه بالله كان الله عند ظنه، تفاءلوا واعملوا واجتهدوا وابذلوا الأسباب وما أكثر خيبات الأمل في حياتي لكن بعد كل كبوة اجتهد فأجد أجمل بكثير مما تأملت ورغبت، بين فترة وأخرى كان يهزمني الحزن على تواضع حصادي ويأتيني الطمع بثوبه الجميل فأسخط على الواقع وسرعان ما استغفر ربي واحمده سبحانه على قسمته فأشبع نفسك بالرضا وروّض طمعك بالقناعة واهزم اليأس بالتفاؤل وكن من القلائل الذين ينشرون الأمل أينما وُجدوا .. باختصار ( عش عظيمًا كما أنت )

إضاءة:
أنجح الناس من يصافح واقعه وينطلق من حجمه الحقيقي

آخر السطر:
وياكثر خيبات الهقاوي يافهيد ولكنا على العهد "باقين"

دويع العجمي
@dhalajmy

بدوي سنة أولى حب


البداية
"سينتهي الحب ويبقى الحنين .. إلى حين"

متن:
العام الدراسي على الأبواب، أنتظر بشغف ،فهذا العام ليس كبقية الأعوام لأني ودعت المدرسة واستلمت بطاقتي الجامعية وبت طالبًا بالسنة الأولى بذاك المجتمع الجديد.
كنت للتو صافحت عامي الثامن عشر، متحمس ومقبل للحياة، مراهق صغير ، بدوي تقليدي لايعرف المكوث بالمقاهي والتجول بالأسواق وكثير وقته في مجلسه منصت لأحاديث "شيبانه" الذين علمتهم الحياة خبرة أهم بكثير من الشهادات وأسوار الجامعة.
مجتمعي الصغير المتآلف شبه مغلق على عادات وتقاليد تربينا عليها حتى باتت مقدسة ونعتقد أن التحرر منها هو من الموبقات.

"ويافهيد ليت العين ماتلمح هدبها"
بدأت المحاضرة الأولى ، الجامعة مختلطة تضم بممراتها جميع المذاهب والأطياف وخلال أسابيع لاحظ بعض أساتذتي اجتهادي وأصبح الجميع يستعين بدفتر محاضراتي قبل الإختبارات إلا هي   ، كانت تكتفي بتلك النظرات التي لا أفهمها ؟
لأول مرة أشعر برغبة أن تطلب "دفتري" الذي كنت أعوّل عليه ومع ذلك لم تفعل.
غابت لفترة وكنت احترق لمعرفة سبب غيابها حتى اكتشفت أني ألتزم بحضور هذه المادة بالتحديد من أجلها دون أن أشعر ، وبعد غياب لفترة دخلت "شهرزاد" لتعتذر للدكتور عن غيابها والذي لوهلة وبغباء تخيلت أنها تعتذر مني حتى صاح البدوي الذي بداخلي قائلاً "يادويع ماحولك أحد"

انتهت المحاضرة ، الجميع يغادر القاعة، تائه أنا بلملمة أوراقي وتدوين ملاحظاتي وبهدوء شديد سمعت اسمي لأول مرة بصوت حنون مختلف تمامًا عن صوت جدتي والتي حنانها مختلف تماماً فقد كانت "الله يرحمها" تناديني "دويعان" بعصبية يجتمع بها الحب لأُحضر لها ماتريد من "الجمعية" ، أما هذه فلا ، قالت "أخ دويع" .. رفعت رأسي فإذا بها .. نعم هي .. شهرزادي التي حرّكت مشاعري حتى بت امرؤ القيس ، لاحظت ارتباكي فسارعت بطلبها "ممكن أصور دفتر محاضراتك" فأجبت بثقة "بالطبع" ، أخذت دفتري ومضت لأحترق على هذه الفرصة الثمينة للحديث معها حتى توالت الأمنيات والويلات و"ياليتني قلت كذا وكذا" ومايجبر القلب ومصابه أنها على الأقل .. نطقت اسمي

"وياليت بعض البدايات ماتنتهي"
باليوم التالي انتظرتها لتُعيد أوراقي .. أقبلت من بعيد ، وكممثل فاشل بدوت أني لا أنتظرها ولم آبه بها، همست بجمال يفوق الوصف "صباح الخير" وسلّمتني دفتري وشكرتني فسألتها:
"وش اسمش"
رأيت علامة استفهام بعينيها فلهجتي "البدوية" كانت عائق للتواصل بيننا ومع ذلك تداركت الأمر وقالت "عفوًا" لأكرر السؤال "وش اسمش" فأجابت بهدوء ومضت لأقرأ في صوتها أن الذي بيننا انتهى وحينها انتحر امرؤ القيس الذي بداخلي.

للأسف، ظلمتها فأنا من توهم الحب والهيام لا هي ، ولا أعرف هل هو حب أم مجرد إعجاب ولكن ما أجزم به أني لو كنت شاعر لكانت كل قصائدي بعينيها الناعسة وشعرها الأسود ، للأسف وأقولها بحزن كانت أقصر قصة حب عرفها التاريخ حيث بدأت وانتهت بيومين فقط والمؤلم أنها "فوق ذا كله" من طرف واحد ، أسرح مع أغاني "مخاوي الليل" وأتساءل "وش غيرها علي" ليُجيب الصعلوك الذي بداخلي "قسم مادرت عنك يادلخ" وسرعان ما أعود للواقع ..

"ويافهيد واعذاب العين من شيٍ ماتطوله"
الحب والإعجاب في مجتمعنا من العار والحرام الاعتراف به، تجاهلوا قصتي مع شهرزادي التي "مادرت عني" لأني أتحدث عن أمر لايبعد عنه مسافة وقرب ، في بريطانيا لاحظتهم يعبرون لبعضهم عن حبهم وتقديرهم بتجرد وأخوية حتى الأصدقاء بينهم وبين بعض أما نحن فنكابر على أصدقائنا بمشاعرنا النبيلة نحوهم وتقديرنا لهم ولانُشعرهم بمكانتهم في قلوبنا ولانبوح لهم خجلًا وكبرًا فنحن مجتمعات تعاني من عقدة المشاعر .. وهذا ماحاولت تجاوزه ومع الأسف فشلت فالعقدة أيضًا في الطرف الآخر لو أخبرناه بحبنا له وتقديرنا نخشى تكبره وغروره علينا فثقافة التواضع نفتقدها وبشدة وتعظيم الذات مرض نعانيه ولو أنكرناه بداخلنا وهنا العتب علينا وعلى أصدقائنا فلانحن نملك شجاعة الاعتراف ولاهم يملكون تقدير المشاعر لهذا مجتمعنا يعاني فقر المشاعر أما أنا فمنذ عامي الأول بالجامعة رسبت بأول اختبار بالحب ولا أعلم أين أضحت "شهرزاد".

إضاءة:
لاتبذل المستحيل لشخص لايبذل لك الممكن واجعل مقاييس الحب متوازنة مع البشر.

آخر السطر:
كبّر الله جورك يافهيد تبيها تبرّق فيك وأنت جاي الجامعة بـ "نجدية"

دويع العجمي
@dhalajmy

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

اعترافات مثقف ساذج

البداية:
"وماخُلِق الإنسان من طين إلا دلالة على التشكل والتغيير"

-صدفة التقيته بعد غياب طويل فقد تزاملنا فترة الدراسة ومرّت سنوات لم نلتقِ، اختصرت مسافة الحديث معه وعلمت أنه سكن حديثًا بنفس الحي الذي أسكنه، ساذج وسخيف هكذا كان وثرثار ويتدخل بمالايعنيه وكنت من القلائل الذين يتجاهلونه فترة الدراسة فأسلوب حياته وطبيعته لاتتناسب مع شخصيتي وتركيبتي الهادئة وصورته عادت بسرعة عندما التقيته وهذا سبب تجاهلي له.
حاول مرارًا التواصل معي ولا أعرف من أين جاء برقمي الشخصي ليصدمه برود تجاوبي معه وكأني أبلغه برسالة مفهومة أنك لست محل ترحاب، خلال فترة قصيرة سعى لصداقة لم أهتم بها وبعد حين وصل لليقين بأني شخص مترفع عن أمثاله فانسحب بهدوء.

"وهذي عواقب من تغرّه سنينه"

بمناسبة تخرج ابنه حضرنا وليمته، جارنا الذي لم نعرف عنه إلا كل خير وبمجلسه التقيت ذاك الزميل السابق والذي تجاهلته مراًرا لأرى شخص مختلف تمامًا عن الصورة الثابتة في ذهني منذ سنوات ؟!

محترم .. هادئ .. لبق بالكلام .. يناقش بموضوعية ويطرح أفكاره بترتيب جميل ولفتني تهذيبه بالكلام مع من يكبره ، ماعاد ذاك الساذج الثرثار السطحي فقد تغير كليًا وبات شخصية تحترمه من أدب حديثه ورزانته.

حزنت على حالي ولُمت نفسي كثيرًا بأني كوّنت انطباع ثابت عنه رغم مرور خمسة سنوات يتغير فيها كل شيء ولم أسمح له بفرصة لأرى منه واسمع فمع الحياة وتقدمنا بالعمر ننضج ونتعلم من كل تجربة.

ولأننا نتعلم من دروس الحياة علينا أن لانحكم على الآخرين بصورة ثابتة فقد خلَقَ الله الإنسان من طين وهو في حالة قابلة للتشكل والتغيير وفق البيئة التي يعيشها وتجاربه التي ننضج معها ونصبح أفضل، قد قرأت أن أصدق المهن هو الخيّاط لأنه في كل مرّة يأخذ مقاسات جديدة ولايعتمد على القديمة فهو يؤمن أن كل شيء يتغير ولايثبت على حال وعلينا أن نتمنع بهذه الثقافة بتقبل تغيّر الآخرين وتبدل أحوالهم فالتغيير هو الثابت الوحيد.

حتى المشاعر تتبدل فمن تحبه اليوم قد تكرهه غدًا ومن كان مهم بالأمس قد يصبح شخص هامشي لاتهتم به فالقلب سُمّي بذلك لكثرة تقلّب أحواله ولذلك علينا تكرار الدعاء:
"اللهم يامقلب القلوب ثبّت قلبي على طاعتك"

اعترف .. أني خذلت نفسي بحكم مسبق على شخص لم التقيه منذ سنوات تغيّر ونضج وتعلم ، حتى نحن من نُعظّم أنفسنا ونعاني تضخم الذات نتغير من حيث لانعلم .. فأنصار الجمود لايعيشون.

حاولت مد جسور التواصل من جديد مع من ظلمته بغرور ساذج حتى أروي ظمأ تأنيب الضمير بالرضا وتدارك الأخطاء وتصحيحها .. لكن للأسف غروري أهان كرامته وأعذره .. اتصلت به فلم يرد وبعد حين التقيته فصافحني ببرود ومضى ليحافظ على كبريائه المحمود ولأن لكل شيء نهاية فلاحاجة للتبرير ، اكتفيت بمحاولاتي وهي اعتذار مبطن فهمه ولكن ليس كل اعتذار يبني الأشياء من جديد فالكرامة لاتسامح فيها .. لابأس هو درس جديد أضيفه لصفحات حياتي وتعلمت منه ولصاحبي القديم كل الإحترام.

إضاءة:
"من كل تجربة بالحياة لنا العبرة والخبرة والعظيم من يتعلم منها"

آخر السطر:
العيب يافهيد مهوب بالسنين اللي مضت ، العيب والله باللي يستصغر الناس وهو "عدم"

دويع العجمي
@dhalajmy

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

علمتني الحياة

البداية:
"ولسوف يُعطيك ربك فترضى"

متن:
كل منا يصبو لحلم يحققه ويتمناه إما بشهادة أو وظيفة أو موهبة لم يُكتب لها النجاح
 وقد يصدمنا الواقع ومتغيرات الأحوال وهذا مايصيبنا بالحزن وربما برغبة شديدة بالبكاء ولكن أنفة النفس والكبرياء تمنعنا من ذلك ..

 النظر بما في أيدي الآخرين سبيلك للإكتئاب والحقد على الذات والشعور المستمر بالفشل لأن لكل منا ظروفه ولكل منا قسمته التي يقسمها الله له فحاول أن تستمتع بما تملك وأحب ذاتك وصافح الواقع كما هو وانطلق من حجمك الحقيقي لتنال محبة الناس وتقديرهم فأولى خطوات النجاح هي معرفتك لموطئ قدمك
فالناس لاتحب المتفاخر ولا الفاشل ولا المتعالي ولا المتذمر فكن كما أنت واعكس جمال روحك وابتسم حيال تذكرك لإخفاقاتك وفشلك فالحزن لن يغير من الواقع شيئا..

 أتذكر أني كنت الطالب الوحيد الذي يذهب إلى المدرسة دون مصروف فاليتم المبكر كسر مجاديف الرفاهية في حياتي ولكن لم يكن ذلك يسبب لي حرج فقد كنت الطالب الأكثر تميزًا بين أقراني وحافظت على تفوقي الدراسي الذي لم يكن لدي ما أفتخر به سواه  فأنا لا أحضر للمدرسة بسيارة فارهة كالبقية بل كانت أقدامي هي وقود نشاطي الصباحي وفي تكريم المتفوقين كنت الوحيد الذي لا يحضر ولي أمره ليفرح به لأنه انتقل الى جوار الأعز والأكرم وكم كنت أكره الشتاء الذي يكسر عظامي مع رياحه الباردة التي سرعان ما تتحول إلى نسمات ربيعية دافئة بمسحة من كفوف والدتي التي قاتلت من أجل أن ترانا بالصفوف الأمامية.

كثيرة هي الدروس التي علمتني إياها الحياة فالخال ليس أب والعم ليس والد بل الأفضل أن يبقى كلٌ في مكانه الصحيح فغياب الأب لايعوضه أحد.

علمتني الحياة أن المال والثراء ليست من تُثقل كفّة ميزانك بل بالإخلاق وحسن الأدب تتوج نفسك ملكًا على قلوب الناس.

علمتني الحياة أن ثلث الحكمة مداراة الناس فليس من قبيل الصراحة أن تلقي الكلام غير آبهٍ بمشاعر من حولك فهذا يُسقطك في بحور الوقاحة ومن اعتاد قول القبيح رخص في عيون الناس.

علمتني الحياة أن لا سعادة لإنسان لا يسجد لله وأن الله لا يمنعك إلا ليعطيك ولايؤخرك إلا لخير فكلما سعيت لأمرٍ ولم يتم فاحمد الله واشكر فهو خير من يدبر لنا الأمور وإنه لهو مؤلم أن تزرع ولا تحصد ثمرك ولكن لاتحزن على ماكتبه الله لك وعليك فإنه أكرم الأكرمين.

علمتني الحياة أن لا أجعل الظروف شمّاعة أعلق عليها إخفاقي وتقصيري فالحياة لا تأتي مقبلة على طبقٍ من ذهب والحياة الكبيرة تنحني للعقول العظيمة فعِش عظيمًا كما أنت.

علمتني الحياة أن التجاهل خير ردٍ على إساءات وشتائم الآخرين فالترفع عن رذيل ألفاظهم مكرمة وبهذا ترتقي القيم

علمتني الحياة أن لا أخجل من ماضي حياتي وأيامي البسيطة فمن قسمها لي الله ولست أنا من اختارها ولهذا سعيت واجتهدت وهذه سُنّة الحياة فالجمود يجعلك تقف مكانك والتغيير هو الثابت الوحيد فغيّر حياتك تسعد أيامك.

علمتني الحياة أن السعادة قرار قبل أن تكون شعور فأساسها الإيمان بالمكتوب والقناعة بالمقسوم وحب الخير للناس ومفتاحها الإبتسامة وهي السحر الحلال.

علمتني الحياة أن أُقصي من حياتي كل من يُهمّش خطواتي وأن لا أضيع وقتي مع من يقلل من شأني فمجاملة هؤلاء عذاب نفسي والحياة بدونهم أجمل.

علمتني الحياة أن أستمتع بصداقاتي العظيمة والأشخاص الرائعون من حولي وان ألتقي من أحبهم من قلبي فهم من يعطوا للحياة قيمة وبقربهم تُشرق أيامنا.

علمتني الحياة .. أن أبقى كما أنا .. وهذا أعظم الدروس.

مناجاة
يارب أنت أعلم بعبدك وحاله وأحواله فادخل على قلبي نجاح يسعدني واقسم لي الخير والبركة في عملي وعلمي وارحم والدي واسكنه جناتك يارب العالمين.

إضاءة:
لاتحزن إذا منع الله عنك شيئًا تحبه فلو علم المرء منكم كيف يدبر الله له شؤونه لذابت قلوبكم من محبة الله.

آخر السطر:
مالنا الا الصبر يافهيد

دويع العجمي - نُشر في 8/4/2011
@dhalajmy

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

في بيتنا داعش

البداية:
"خلف كل تطرف .. مستبد"

-يسكن في آخر الحي، يشبهنا قليلًا لكنه كثير الصمت وقليل التفاعل ، بالمدرسة لايحرك ساكنًا وربما هو الوحيد بيننا الذي ليس لديه أحلام المراهقة والأمل نحو المستقبل فوالده حطَم كل أحلامه وآماله وأصبح همه الوحيد أن يتوخى غضبه الذي نال من شخصيته وطموحه وكيانه حتى بات عدم.

كبرنا وكبرت أحلامنا وهمومنا في حين كبرت معه جراحه واخفاقاته ففي آخر الشارع يسكن وصيحات دموع الألم نسمعها بسبب ضرب والده له لأتفه الأسباب وغالبًا كان يفعل ذلك لأنه أمر اعتاده وفي يقينه أنه يسير على الصراط المستقيم فبئس القرار وبئس المصير.
قالوا قديمًا "ومع كثرة الضغط ترقب الانفجار" فماكان من ذاك الطفل الهادئ والمراهق التعيس إلا أن انفجر لتتغير خريطته الذهنية ويقرر مصيره ويهرب من نار والده باحثًا عن ظل يأويه من رمضاء التعاسة التي رافقته طيلة حياته مع ذاك الأب المتسلط .. فماذا حدث؟

أيام فقط .. وفوجيء الجميع بصوره في برامج التواصل يقطع الرؤوس في العراق متحدثًا باسم "داعش" تلك الجماعة التي ارتمى في أحضانها لأن أمثاله ليس لديه مايخسره وفرصة لينتقم من المجتمع المتمثل بصورة والده المستبد فكل تطرف يأتي بتطرف ومن نسلب حياته وقراره نبرمجه لأن يكون "داعشي" التفكير من حيث لا نعلم.

وقس على هذا الشاب الكثير أمثاله ممن ارتموا بأحضان ذاك الحزب والتجمع الدموي !
ياترى كيف عاشوا طفولتهم ؟ وكيف كانت مراهقتهم وأيامهم ومن أين جاؤوا بهذا الحقد والمخزون الدموي ؟ هل يعقل أن يكونوا عاشوا حياة سوية يُحترم فيها كيانهم وتقديرهم؟  أم أنهم صورة متشابهة من ابن حيّنا الذي تمرد على هدوئه وطبيعته بسبب تسلط وظلم والده ؟

ومضة وتساؤل:
كتب د.سعد بن طفلة مقالًا تحليليًا جاء فيه "الحقيقة التي لانستطيع نكرانها، أن داعش تعلمت في مدارسنا وصلّت في مساجدنا واستمعت لإعلامنا"
وهذا يجعلنا نصل لنتيجتين الأولى أن داعش خلقها استبداد ذوي القرار على اختلاف مراكزهم فعندما لاتشعر بالاحترام والتقدير لكرامتك وانسانيتك يتولد لديك حس بالانتقام من هذا المجتمع انتصارًا لكيانك ولتتضخم ذاتك وبهذا تكون قد عبّرت عن نفسك وفرضت وجودك عندما أراد الآخرون إلغاءك وبالتالي تفرض قراراتك بدموية تشفي فيها غليل الحرمان والتهميش

والنتيجة الثانية والأهم أن وجود داعش هو اعلان حقيقي لفشلنا بخلق مجتمع مدني شمولي يحترم حريات الآخرين ولايمارس لعبة الاقصاء تجاه الفرقاء والمختلفين فكريًا ويحابي طرف على آخر ولايُسلط حناجر الغنم لتطلق أصواتها المزعجة تجاه مذاهب وطوائف الآخرين بغية تفكيك وحدتهم.

داعش لم يأتوا من كوكب آخر ولا من زمن مختلف بل هم من عاش بيننا وتعلم ودرس وبسبب التطرف الديني وفهمهم الخاطئ للإسلام الذي هم بعيدون عنه نحروا وقطّعوا الرؤوس وانضمامهم وتضامنهم مع هذا النهج جاء نتيجة فشلنا باحتوائهم وقتل ذاك الداعشي الصغير الذي يسكنهم بسبب تفككنا وتطرفنا تجاه بعضنا وضياع بوصلة العقل والتفكير فكان هذا أساس قيام وجودهم وبناء دولتهم التي يأملون.

 نعم .. داعش نحن من خلقناها ونحن من يتحمل المسؤولية فكل منا فيه "داعش" صغير تجاه المختلفين عنه ومن تتطرف ضده لاتنتظر أن يقابلك بالود والتقدير فالتطرف مؤذي أيًا كان حجمه وشكله ولاينتج عنه إلا دمار العقول وستستمر تلك الجماعة الدموية بالتمدد والاتساع مادام بالمجتمع أشباه ابن حيّنا المضطهد فالشاب الجامعي والذي ينتظر طويلًا للحصول على وظيفة براتب لايكفي لحفظ ماء وجهه قد يتنازل عن عقله ليُحرَك سكينه على رقاب غيره ورب الأسرة الذي يقف طويلاً على طوابير الاسكان ليبيعوا له الوهم والوعود الكاذبة  قد يدفعه ذلك  للتمرد على الشعور بالظلم وقلة الحيلة .. حتى المجتمع الذي تنتهك حرماته ولاتُصان كرامته وتُحترم مطالبه قد يصبح كله "داعش" لأن الاستبداد والظلم لايوّلد إلا التطرف والدمار "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"

إضاءة:
"حروب الطوائف لاتقودها الطوائف بل الطائفيون فابحث دائمًا عن المستفيد"

آخر السطر:
وش يفكك من داعش يافهيد .. حط رجلك

دويع العجمي
@dhalajmy

غاب ليعود ساذجًا بثوبه القصير !

البداية:
"مع الغياب تتغير معالم البشر وتفاصيلهم فيعودون أشخاصًا لربما .. لانعرفهم"

-كنا نتقاسم الأوقات في كل شيء ..
مواضيعنا كثيرة ،
نتفق في معظمها ونختلف بمثيلاتها ولاوجود لشيء محدد فمزاجية كل منا تتحكم بآرائه ..
هو صديقي الذي يُشبهني كثيرًا ..
لايهم لماذا نلتقي .. بل الأهم أن أراه ؛
وبعدها تنساب المواضيع بين اللهو والجد والسياسة والرياضة فترانا نتفق أن "روني" ركيزة مانشستر الأساسية ونختمها بأن الفتاوى الدينية ليست محل تقديس ولا نصوص قرآن ..

غاب .. والغياب يُبعثرنا حتى أننا لانعرف أنفسنا .. 
غاب سنوات فنسج عنكبوت الغياب خيوط البعد والنسيان
وعندما عاد .. عاد شخصًا آخر
بات غريبًا بثوبه القصير ولحيته الطويلة ..
فالنظر إليه يُريحك ويُريبك ..
 تحدثنا فلم أعرف إلا نبرة صوته أما الأفكار الكئيبة التي يطرحها جعلتني أُطيل النظر .. وأتساءل:
هل هو صاحبي الذي أعرف؟
ياترى من غسل دماغه ليطمس فيه ذاك الشاب المحب للحياة المؤمن بحرية الآخر ويجعله دكتاتوري الرأي ؟

أسلوبه القمعي لكل فكر مخالف
فإما أن تتبع نهجي وإلا حلّت عليك لعنة الكفار والمشركين!
وفكره الرجعي المتخلف بتحريم كل مايطيب للبشر من عيش
ضاقت الحياة فماعاد هناك من سعة !
وعقله المغفل المتبوع لشيخه في كل مايقول جعلتني أشفق عليه ..
لأول مرة لم أناقشه رغم اختلافي الشديد معه .. فالحزن على نمط حياته الجديد حطم جسور التواصل بيننا
لأن أعظم سمات الاختلاف تبدأ من نقاط التآلف والمحبة وهذا مستحيل مع من يراني من المخلدين بالنار
فصلاتي لاتشفع لثوبي الذي أُسبله وصيامي لايُقبل لأني من محبين صوت أنغام
والقرآن ضاع أجر حسناته بسبب شغفي بمتابعة كرة القدم ..
حتى "هو" اختزل الخير والجنة في نفسه وحجز لنا صكوك جهنم كاشفًا الغيب وعالمًا بخواتيمنا
"قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون"

 ( صاحبي ماعاد صاحبي )
مؤلم تبدل أحواله .. ضاعت بوصلته فماعاد يعرف أين يمضي وماذا يريد .. بدى ساذجًا برجعيته وحياته البدائية التي اختارها لنفسه وليس هذا من الدين .. 

نعم ياصديقي
أنا أعيش حياتي كغيري من البشر ..
استمتع بلحظاتي .. أُصلي وادعو الله أن يغفر لي ذنبي ومابيني وبين خالقي ليس للنشر والبهرجة .. اسمع أغنية تطربني وأتابع فريقي الذي أحب .. أصوم وأقوم بفروضي والله وحده يعلم مافي الصدور وليس من حق أحد أن يُعطِ نفسه الوصاية على البشر ليُحرّم تفاصيل حياتهم ويرميهم بألفاظ السعير .. 

وبقذافية السؤال نصرخ:
 "من أنتم؟" ..
إن الدين بسماحته ليس كما تفهمون .. آيات الترغيب جاءت قبل الترهيب فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وسلاطة اللسان تقطع حبال الوصل فنتمنى أننا لم نعرفكم ولا جالسناكم يومًا .. ومع هذا فإن أكثر الناس .. لايفقهون!

أما بعد،
إلى ذاك الجديد الذي لا أعرف ..
وداعًا ..
أمثالك يجب علينا أن نُقصيهم من حياتنا فمن لايحترم تفاصيلنا لايستحق وقتنا
ومن يرانا خالدين في النار علينا أن لاننتظر منه صكوك الغفران ليُدخلنا الجنة وكأنه الوصي عليها
وما أكثرهم وما أغباهم وهم يُقررون للبشر مايأكلون ومايرتدون ..

 اتركوا الخلق للخالق .. لهم عقولهم ويعلمون الخير في أمرهم فكفوا آذاكم ونشاز أصواتكم وأنتم تجلدون من يختلف عنكم بسياط الغلو والتطرف  ..

فالمرأة العابدة الناسكة دخلت النار بسبب سلاطة لسانها مع جيرانها وتلك الزانية دخلت الجنة لأنها سقت كلبًا يلهث من شدة العطش ..
فهل نعتبر من تلك الرسائل العظيمة ولانقرر للناس كيف يعيشون؟

نحن هكذا .. نفرح ونحزن .. نُذنب ونتوب .. وأمرنا عند الله "إِنَّ اللَّهَ غفور رحيم"

إضاءة:
من لايحترم كيانك .. لاتعظم وجوده .. فالحياة أقصر من أن نختزلها بمن لايبادلونا الود.

آخر السطر:
الدين ماهو بثوبٍ قصير ولسانٍ طويل يافهيد .. وياكثرهم

دويع العجمي
@dhalajmy

وعيّدنا بالثوب القمرديني يافهيد

البداية:
في الحياة قرارات كثيرة نستطيع اتخاذها .. أعظمها أن نبقى كما نحن مهما تقدمنا للأمام

متن:
- كنت في العاشرة من عمري ، أعيش حياة بسيطة كبقية أقراني وربما أقل .. قراراتي تُتخذ من قبل من هم أكبر مني وتُفرش لي الخيارات الجاهزة التي ليس لي حرية اتخاذ أيًا منها ولقصر الإدراك أوافق على مايطرحون لأتحمل النتائج .. وحدي

نعيش بأواخر رمضان والعيد يقف على أبواب بيتنا المتواضع وبات ضروري جدًا أن نتحضر له ونستقبله بكل ماهو جديد وعلى هذا كان سباقنا "للخياط" لتفصيل مايجعل العيد أكثر بهجة وعلى عادة الشتاء عليك اختيار لون "دشداشتك" التي حين ارتدائها تعتقد أن الجميع يسأل "وش ذالزين" والكل يعيش هذا الوهم الطفولي حينها ، أخي الأكبر في حيرة من أمره ، اقنعني أن علي اختار لون مميز غير دارج لأُبهر الآخرين وأن ذلك يتناسب مع شخصيتي المميزة وعلى تلك الكلمات انتفض هتلر الذي بداخلي فوافقت والكبرياء يتراقص على جبيني وكان اختياره للون تقشعر له الأبدان وتنكسر له العيون من سطوعه .. نعم إنه اللون القمرديني الساطع الذي لم يمسه أحد فتلك "الطاقة" المتخمة لم يقترب منها سواي ولازلت مقتنع أنه الأجمل بعد إيهام أخي الأكبر لي بذلك وهو الذي وضعني كفأر تجارب يقيس علي ردود الأفعال وحينها يقرر ما إذا كان يناسبه أم لا ليفصله فيما بعد

"صباح العيد"
مع ساعات الفجر الأولى كل منا يستعد للذهاب لصلاة العيد بثوبه الجديد وبالقمرديني دخلت مصلى العيد لأجد النظرات التي تصاحبها ضحكات خجولة ليصعقني أحد "الشيبان" قائًلا:
"وش ذالشمس اللي دخلت علينا"
حينها تمنيت الأرض أن تبتلعني فالجميع يضحك من اللون "الحفلة" الذي ارتديه وعند خروجي يداعبني أحد الأقارب "يازين خيمة السيرك اللي تمشي" لأعطيه ابتسامة الثقة المهزوزة والوعيد والشتائم تجري بصدري على أخي الأكبر الذي حطم فرحة العيد على "جبهتي"

خلعت قمردينيتي وعدت لأرتدي ثوبي القديم الذي يشبهني ، حينها أقسمت أن لا أسمع كلام أحد لايتوافق مع قناعاتي وإن كان حقيقة فهناك من يجعلك جسرًا للوصول لمبتغاه دون أن تشعر وهناك من يخدعك ليجعلك حطبًا يُشعله لحربه التي ليس لك مصلحة فيها
القمرديني علمني أن حياتنا قرارنا ونحن من يصنعها والغبي من يجعل غيره يُقرر عنه ليتحمل النتائج لوحده والأغبى من يسير خلف قناعات الناس ليكسب ودّهم ومن ثوبي القمرديني تعلمت أن لا أسير خلف كلام نائب يصرخ بالشوارع وأطيعه طاعة عمياء
ولاشيخ دين يُحرض على الجهاد في سوريا والعراق وهو يصطاف بين سويسرا والنمسا
فقد تعلمت أن انتمي لذاتي واحترم عقلي وابحث عن الحقيقة أينما كانت ووجدت ولا أصدق أحدًا دون بحث وتحري لأقتنع بما يقول وعلى هذا تكبر العقول وتصبح أكثر استقلالية فمن يُوالي شخص بكل شيء ويخوض عنه حروبًا بالوكالة دخل بالتبعية ومسير القطيع من حيث لايعلم وحينها لافرق بينه وبين ثوبي القمرديني.

فاصلة،
كل خطأ نقع به ليس عار ولا نهاية الحياة وعلينا الاعتراف به رغم مرارة الشعور وعدم الندم عليه لأن من أخطائنا نتعلم ونصبح أفضل فلولا ثوبي القمرديني لكنت عيّدت بالتركوازي والله المستعان

إضاءة:
لاتجعل من عقلك حذاء ينتعله الآخرون متى أرادوا .. فأعظم تكريم لذاتك هو استقلاليتك وعدم تبعيتك لأحد وإن توافقت مع مايطرحون

آخر السطر:
قمرديني يافهيد وشماغ البسام وطاقية هلل .. أمنا الكويت تبچي من سوايانا

دويع العجمي
@dhalajmy 

عجمي في أسبانيا

البداية:
"وفي السفر انكسار النفس وتجديد الذات وخلوة الروح"

-صباحات مدريد مختلفة .. صاخبة ومليئة بالناس .. هي الزياًرة الأولى لهذا البلد الذي حفظت جغرافيته بسبب شغفي بمتابعة "الدوري الأسباني" .. الجميع هنا يستطيع معرفة أنك لست منهم فملامحك التي لاتشبههم ولون بشرتك علامة فارقة ومع ذلك لايُشعرونك بتلك النظرات المريبة التي تدور بين الدونية والاشمئزاز ولايرمونك بسخط الكلام الذي تفهمه من نبرته دون معناه .. فالجميع هنا منشغل بخطواته ونفسه ولايُفسدون راحة بالهم بالإنشغال بالآخرين ولهذا هم من الشعوب السعيدة فراحة قلب المرء وعقله بتركه مالا يعنيه ..و لعل قومي يعلمون ،

في محل القهوة تسألني البائعة :
"يبدو أنك لست من هنا"
فأجبتها واثقًا:
"نعم ؛ أنا من الخليج العربي"
ابتسمت ولم تهتم ثم قالت أهلا بك

اتضح لي أن البشر هنا لايعلمون عنا شيء ، يعرفون العراق بسبب الحرب ويعتقدون أن دبي دولة ولايعرفون موقعها على الخريطة أما نحن وبترولنا الذي لانملك غيره ليس لنا حضور في أذهانهم ولاعجب. خجلت من نفسي بسبب تلك الثقة المصحوبة بالأنفة والوهم الذي نعيشه بأننا مهمون في أعين أولئك المختلفون عنا بالجنسية أما هم فلا يأبهون لأنها تفاصيل تافهة فلديهم الإنتماء الحقيقي لإنسانيتك وتلك ثقافة تبعد عنا سنوات ضوئية لنبلغها.

أسير في طرقات مدريد وساحاتها فأرى الناس على اختلاف أعراقهم ومع ذلك متجانسين فيما بينهم لايُقلل أحدًا منهم من شأن الآخر ومتعايشين بمحبة دون أن تسمع "ولد بطنها" ولا "لفو" أو "طراثيث" وبقية قائمة الألفاظ العنصرية التي نمتاز بها ومع مرتبة الشرف ، أعدادهم غفيرة ولايوجد تصنيف فيما بينهم فلاأسود سنة ولا هيهات منا الذلة والمضحك هو خبر الحكم على ابن وزير سابق بالسجن لخمسة سنوات بتهمة التهرب الضريبي ، الخبر مر بردًا وسلاما دون "هاشتاق" مناصر ومدافع عن "ولد بطنها" ولا راهب يصرخ بالقاضي قائلًا "وين طاعة ولي الأمر" ولا حتى تصريح من مسئول رفيع الشأن بالخط العريض "أسبانيا تبچي من اللي تسوونه فيها" ، على العكس تمامًا تمت إدانته وتنفيذ الحكم عليه بهدوء ودون ضجة والوضع بالنسبة لهم طبيعي جدًا وهذه الثقافة في حكم المستحيل لدينا .

فاصلة،
أعترف أني حديث العهد بالسفر وتجربته فطفولتي عشتها بربوع "مليجة" في وادي العجمان وكل أربع سنوات ومن باب التغيير والإنجاز كنا نذهب إلى "الطايف" كانت بالنسبة لنا كجنيف أو باريس ، اليوم وجدت أني التقط الصور عند أي نافورة بمدريد أو تمثال وتذكرت كم أنا لئيم عندما كنت أضحك على العمالة الآسيوية بالكويت وهم يلتقطون الصور بسوق المباركية ، الفرق أننا نستهزئ بهم رغم أنهم يرون ثقافة جديدة عليهم ؛ في حين أن الأسبان يحترمون وضعنا ونحن نلتقط الصور عند كل رصيف ملون أو تمثال أثري قد لايعتدون به وهنا الفرق الكبير.

إضاءة:
أعظم قرار تتخذه في حياتك هو كف أذاك عن الناس فهم فيهم مايكفيهم فلاتزيدها عليهم ولو من قبيل المزاح

آخر السطر:
ملك أسبانيا يافهيد يحل بس مايربط .. فهمتني الله يحييك!

دويع العجمي
@dhalajmy 

إلى ذاك الحاكم الذي لا يحبه أحد

إلى ذاك الحاكم .. الذي لايحبه أحد

البداية:
وإنك مللتهم وملُّوك .. كرهتهم وكرهوك .. فلا أنت عادل ولا هم راضون .. فإلى متى !

متن:
يُفيقون من كابوس ليلهم الطويل ويهرعون إلى "تلفازهم" الكذوب .. علّهم لذاك الخبر يستمعون والذي فيه تنكس أعلام "العزبة" التي باتت "خرابة" وتُرفع به أعلام أفراحهم وبينهم يتباركون فلاهو منصفهم ولاهم على التغيير يستطيعون ؛الذي ضاعت على بلاطه كراماتهم وأجيج حناجرهم ولكن فرعون أبى واستكبر "إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"

على قائمة الانتظار يصبر الشعب "السوري" المنكوب .. يقول لصاحبه "عزرائيل" تأخر كثيرًا فيرد عليه بخشوع "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" .. وبشار يسمعهم ولاينصت وينظر ولايبصر ، يُجالسه وزيره "المعلم" الذي لايملك من أمره سوى ربطة عنقه ولون "بنطاله" الذي له جيوب ذات مقاييس خاصة تتسع للصدقات والسرقات والنهب والعطايا كمثواه بالآخرة كلما التهم المناقصات يسأل "هل من مزيد" فنعم الجليس وسوء المصير.
وعلى عرشه الزائل يجلس بكبرياء الخلود وبعد تصفيته لخصومه وشعبه يصرخ "لمن الملك اليوم" فيرد الشعب المنكوب بكرامته المهدورة "لله رب العالمين" فيزداد بطشًا ويزدادون صبرًا "إن الله مع الصابرين"

تمنيت لو أجلس معه .. ألقي عليه التحية وبعد حين اسأل:
إلى متى تضمر لهم الشر وتُسلط عليهم شياطينك وتصب عليهم ظلمك فمالدنيا إلا متاعٌ إلى حين .. وقبل أن يُجيب أهمس بأُذنه .. بعتهم لأنهم طالبوا بحقوقهم وشياطينك باعوك واشتروا مصالحهم "فلا إنت اللي دست الثرى ولا إنت اللي طلت الثريا" و "تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ"
واليوم لاندم ينفع ولاعذر يجدي فتلك القلوب التي هتفت باسمك يومًا حَرقْت فيها محاصيل المحبة فماعادت قابلة للحرث ومن يعضل أبنائه يعقّون به ولو كانوا للقرآن حافظين فتلك قوانين الحياة وموازينها "وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" .. فذاك البلد ماعاد البلد الأمين وتلك القرية باتت خاوية على عروشها مُكرمةً للفاسدين فما أعظم عزاءنا في شعبنا السوري وما أشد كرهنا للظالم والفاسدين.

فاصلة،
أضيق لاشفت الرخوم تصلي
ما ودي إنهم يدخلون الجنّة ..!

 يُصلي وشياطينه يُكبّرون من حوله مع أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولافاحشة أكبر من ظلم الشعب ولامنكر أعظم من هدر كرامتهم وقتلهم لأنهم قالوا كلمة الحق فكان ثمن ذلك عرضهم وحريتهم .. وشرفهم
والمضحك المبكي نزاهة زبانيته آكلي مال السحت وسارقي ثروات المؤمنين وقاتلي الأبرياء وكلامهم عن الأخلاق والإخلاص فكل
 سارق يتحدث عن الأمانة وهو "مرمغ" لحيته في أموال الناس .. حاله كحال الراقصة التي تتحدث عن فوائد الصيام ومآثره وبخلق رفيع تنطق "أنا مابرئصشي برمضان"
هي عرّت مفاتنها للعامة
وهم نهبوا الأموال العامة
لكنها أكثر شرفًا منهم فهي اعتدت على حرمات نفسها وهم استحلوا حرمات الآخرين وهو يراهم وينصحهم بالعدل والمساواة بتقسيم السرقات بينهم فما أعدلك وما أعقلك.

مخرج:
آن الأوان ياصاحب العرش العظيم أن تُعيد حساباتك وترتيب أوراقك وتُصلح ما أفسدته أنت وشركائك من بقوا معك ومن باعوك وتأكد مهما فعلت لن يغفر لك شعبك المنكوب فمافعلته لم يُذكر بإرم ذات العماد ولا أصحاب الفيل لكن الأهم أن يغفر لك رب العالمين فماعاد عزرائيل بعيد المنال وتذكر "يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" .. فعذرًا .. حان وقت الرحيل

إضاءة:
مهما عانى الشعب السوري "المنكوب" فإن النصر قادم "إن مع العسر يسرا" فصبرًا والله المستعان

آخر السطر:
ومن لايخاوي جناب العز يافهيد .. يموت موتة أهل الردى والرخوم

دويع العجمي
@dhalajmy

لافتة على مسافة الحب والكره

لافتة:
على بُعد كلمات .. تختصر مسافات القلوب

البداية:
تلتقي شخص قد لايتحدث ولايتكلم فيتسلل للقلب دون أن تعرف السبب وعلى مقربة منه يجلس ذاك المتحدث الذي تدور أحاديثه بين التواضع والتعظيم ويجمع المتناقضات والمتشابهات في حديثه المرصع بجمال الفصاحة ومع ذلك .. يرفضه القلب دون أن يُخطئ بحقك

وتلك موازين القلوب فكفّة الحب يُقابلها كفّة الكُره ولابأس بذلك فتلك قوانين الحياة التي لانستطيع تغييرها ولكن نملك التحكم بها
أن تكره شخص لايعني أبدًا أن تُقلل من شأنه وتفرح لزلته وتُعظّم خطئه فليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان وإن رأيت فضيحته فاجعلها تقف عندك فمن ستر مؤمنًا ستره الله يوم القيامة واعلم أن فرحك بنوائبه ومصائبه والتشمت به هو طبيعة النفس وانفعالاتها ومن سلّم نفسه هواها قادته لمدارك السوء

إكره من شئت .. ولكن اعلم أن الكُره شيء والإحترام شيء آخر فالأول شعور والثاني مبدأ والمشاعر متغيرة فمن تكرهه اليوم قد تحبه غدًا والقلب سُمي بذلك لكثرة تقلب أحواله أما المبادئ فهي يقين ثابت في حياتك وهي من تصنع قيمتك بين البشر واعلم أن الإحترام أعظم أبواب الأخلاق ومن كانت أخلاقه ميزانه عظم وكبر وقاره .. فتدبر

مات عبدالله بن أبي سلول وهو أكبر المنافقين وعدو الإسلام والحاقد الكاره للنبي ﷺ والذي يعلم بسرّه وعلانيته ولايخفاه أمره وتلك النار التي أوقدتها أحقاده على رسول الله وصحابته والمؤمنين .. مات رأس النفاق وله ماله من مواقف ضد النبي ﷺ وخذلانه له بالغزوات والتحريض ومع ذلك كفّنه النبي بقميصه وصلى عليه ولايمكن أن نقول أن ماقام به المصطفى دافعه الحب فمن كان مثل بن أبي سلول لايمكن أن يزرع له في القلب ذرة حب ولكنها مكارم الأخلاق والمبادئ التي تحكم انفعالاتنا رغم مشاعرنا تجاه الآخرين .. والشيء بالشيء يُقاس ويُذكر عندما مرّت جنازة يهودي ووقف لها النبي ﷺ وأجاب على من تساءل "أوليست نفسًا" .. فالكره والحب شيء والإحترام له مقاييس أخرى تخضع لقدرتك بالتحكم بانفعالاتك ومن هدي المصطفى أعظم الحكم

-بيني وبينكم:
في حياتي أشخاص كُثر أكرههم ولكن لم أقلل يومًا من احترامي لهم لأنه نابع من احترامي لذاتي وإن رأيت منهم ما أكره تجاهلتهم فتفاهات من أكره ليست ذات قيمة بالنسبة لي لذلك الترفع عنها مكرمة والرد عليهم يُشعرهم بقيمتهم وتأثيرهم فيزيدون عليك والتهميش والتجاهل يجعلهم يعودون ادراجهم

إضاءة:
عامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم ولاتجعل الآخرين يتحكمون بانفعالاتك فهذا أولى درجات النجاح

آخر السطر:
ومايسبك يافهيد إلا اللي "عاجزن" عن دروبك

دويع العجمي
@dhalajmy

من ارشيف الجامعة .. ومذكرات المراهقة

البداية:
في العطاء تعلّم وزن الأشياء وثقلها فليس كل شخص يستحق تضحياتك .. وعطاءاتك .. فتأمل قبل أن تتألم

من ارشيف الجامعة .. وذاك المجتمع الغريب .. لا أعلم سبب تذكري لتلك التي حطمتها صدمات العطاء .. حتى علِمت أن الإحسان يجزى بالجحود والنكران .. إلى حين

كانت تزاملني في بالكلية .. متوسطة الجمال ولكن بساطتها جعلتها الأجمل ، هي الوحيدة التي تبادر بالسلام على الجميع حتى أننا نشاهد صدق نبضات قلبها المليئة بالمحبة والتي ماعهدنا منها الا الخير والكلمة الطيبة وكوننا في مجتمع محافظ فعلاقتنا اقتصرت بحدود الدراسة والسلام فقط .. إلى أن ..

قبل التخرج بشهر .. وبعد سنوات من الكفاح بكلية الحقوق .. تغيرت سارة .. ماعادت مشرقة كالسابق .. وماعادنا نسمع صوتها الحيوي يتغنى برقيق الصباحات حتى ممرات الكلية افتقدت صدى وجودها .. انطوت .. وانعزلت .. وسط استغراب من الجميع .. فماذا حصل ؟!

سألتها وكأنها كانت تنتظر أحدًا ينتشلها من ظلام الكتمان لتشتكي من غدر كل من أخلصت لهم

تقول "تلك" التي أهديتها بعيد ميلادها أجمل الهدايا وأغلى العطور تُهمشني اليوم ومن بين خمسة اتصلات تجيب على آخرها غير آبهةٍ باهتمامي وحبي لها كوننا أصدقاء

و"تلك" كنت أكثر من وقف معها في مرضها ولم أفارقها بالمستشفى وبعد حين ردت طيب مواقفي بالجحود واللامبالاة

حتى "تلك" التي كنت اشتري لها الهدايا بغير مناسبة لاتحشم قدري ولاتبادلني المحبة

ووسط زحام الأنين قاطعتها .. كل من سبق وذكرتيه وحدك المسئولة عنه .. لا هم .. فمن يعطي كثيرًا يندم كثيرًا

طبيعة النفس ما إن تجد من يهتم بها تبادره بالتهميش الا ماندر .. فالغالبية يُفسر حب الناس له على أنهم لا يستطيعون العيش بدونه فتجده يُعظم ذاته وتتضخم رؤيته لنفسه فلايبادل الاهتمام والحب بالمثل بل يتفنن بلعبة الغياب واللامبالاة وأمثالهم لابد من معاملته بالمثل ليعرف حجمه وحقيقته وعلينا أن لانعامل الكل معاملة واحدة بل يجب أن نعطي كلٌ حسب مايستحقه فلو كان الطبيب يعطي المرضى ذات الدواء لمات معظهم ولكنه يُشخص حالاتهم ويُعطي كلٌ حسب حاجته ووضعه .. وكذلك نحن علينا أن نعطي بمقياس حتى لانندم وهذه مشكلة زميلتي التي تعطي بلا حدود فصدمها الواقع فليس كل حُب نزرعه نجني ثمره ..

ومن تعطيه وقتك وجهدك وتبذل له المستحيل سيملّك لأنك سهلٌ وموجود  فماتنوع الليل والنهار وفصول السنة بأربعة أحوال إلا لأن الإنسان خُلق ملولا

لاتحزن ولاتحاول أن تعاتبه على تهميشك والإنشغال عنك فهذا لن يُحيي حبك في قلبه بل سيزداد تكبرًا وغرورا ..
 يقول الشيخ سلمان العودة:
"عليك أن تتوقف عن عتاب مستمر لشخص لايهتم بك ، سكوتك قد ينبهه أكثر من عتابك فمن ينام على صوت المكيف يوقظه سكوته" ..

لا احد يستحق ان ترهق تفكيرك به
فمن يريدك لذاتك لن يخذلك ابدًا
ومن يحترمك سيُعطيك قدرك ومكانتك،
لا تحزن على من كان يعني لك كل شيء واكتشفت انك لاتعني له شيء
لا تحزن ان تبدّلت مكانتك في قلب من كان يحبك وعليك التعايش مع الواقع ومحاولة الانشغال عنه فكثرة العتاب لن تعيدك لقلبه .. والأيام كفيلة بأن تنسيك تعلقك الشديد به ومع الوقت سيصبح شخص عادي .. كما أنت في نظره وهذا ميزان القلوب ..

 لا تحزن ..أنت لم تخسره..أنت فقط كسبت نفسك امامه
نعم قد يكون مؤلم ذاك الشعور ولكن الأكثر ألمًا أن تُعلّق حياتك بمن لا يهتم بك ..
ابتسم .. والتفت لتلك القلوب التي تحبك .. واشغل وقتك معها .. واحفظ هذه المعادلة في علاقاتك :
على قدر الإهتمام اعطِ المحبة ..

 وكلما دفعك الشوق والحنين تذكر أنه انشغل عنك بغيرك وحينها قرر إما أن تقبل بأن تعيش بهوامش من تحب أو أن تحيا بعناوين من يحبونك .. فذاك جعلك بأسفل صفحات الأهمية وأولئك توجوك في أعلى صفحاتهم .. ولك القرار

ومضة .. من نافذة الأمل :
علينا أن ننخل قائمة الأسماء في حياتنا وأن نعيد ترتيب أوراق الناس وكلٌ حسب مكانته وقدره ، وعليك أن لا تتضايق على غياب من لايتضايق على غيابك مهما كان القرار صعب وقاسي ولكن هي كفتّي ميزان ويجب المعاملة بالمثل لنتساوى ونتّزن فالحياة أجمل من أن نختزلها بأشخاص لايهتمون بنا ..

إضاءة:
وعلى أنين الذكريات اسأل :
لماذا الناس في البدايات أجمل ..؟

آخر السطر:
وعلى قولتك يافهيد .. من لايعدك ربح "ماتعدهوش" راس مال

دويع العجمي
@dhalajmy

عش عظيمًا بفشلك

عِش عظيمًا بفشلك

كثيرة هي العثرات التي نمر بها بالحياة بعضها يسقطنا وبعضها رغم نهوضنا منها إلّا أنها تترك آثارها من الحزن والإنكسار فالإحساس بالفشل كفيل بأن يُجلسك في وضع السكون فتشعر بأنك بلاقيمة في حين أن كل من حولك يتقدمون.


واحذر ان يقودك الفشل للشعور بالدونية فهذا يجعلك رخيص في عيون الناس وانت حيث تضع نفسك وتهميشك لذاتك يجعل الآخرين يعتبرونك عدم فالصفر لوحده بلا قيمة وقيمته بإضافته على يمين الأرقام فاجعل فشلك صفرًا واضفه على يمين خبرتك فلك من الماضي العبرة وتعلم من تجاربك ولا تخجل منها فالناجح هو الذي لايخجل من عثراته إنما يفخر بعصاميته وسعيه واجتهاده

ومن يتأمل حياة الناجحين يجد أنهم صمّوا آذانهم عمّن حولهم حتى ذاقوا ثمرة الإنجاز فلا يُحزنك حقد القريب وعداء الصديق فهذه طبيعة الحياة فالقلب سُمّي بذلك لكثرة تقلب أحواله فمن يحبك بالأمس قد يكره نجاحك اليوم لمرضٍ في قلبه وعلينا أن نعوّد أنفسنا على اقصائهم من حياتنا فمجاملتهم تزيد السلبية في أفكارنا من حيث لانعلم

الفشل نعمة عظيمة ورغم مرارة مذاقه إلا أنه يُعيدك أقوى إن استمتعت به فأنا مع كل تجربة واخفاق اضحك لان الحزن والسخط لن يغير من الامر شيئا واسأل الله الخيرة والنجاح بالقادم حتى اهدافي التي منعتني ظروفي من تحقيقها رغم بذلي للأسباب والاجتهاد اعتبرها فشل ، فعدم بلوغ الهدف المنشود مهما كانت الظروف هو أجمل انواع الفشل .. لهذا علمني الفشل مالم تعلمني إياه الكتب على الأقل بت أعرف عدد أصدقائي ومن يستحق ان اضع ثقتي به.

إضاءة:
لاتجعل من نفسك حذاء ينتعله الآخرون متى ارادوا فالتبعية والتقديس تجعلك بلا عقل وقيمة وهذا أعظم انواع الفشل.

آخر السطر:
الفشل يافهيد مهوب عيب .. العيب والله كثر الحكي على قل سنع

دويع العجمي
@dhalajmy

استمتع بحزنك


البداية:
خُلق الإنسان في كبد

متن:
كثيرة هي الأشياء التي نبحث عنها ونتمناها لأننا نعتقد أنها سبب سعادتنا وما إن نُحرم منها إلا وينتابنا الحزن والشعور باليأس وليس هذا وحسب ؛ حتى مقارنة حياتنا بحياة الآخرين والدخول في حسابات لا تجلب إلا الشعور بكره الذات هو أول أبواب الكآبة
مع أن لكل منا ظروفه وقسمته العادلة التي لايظلم الله فيها احد ولكن الإنسان لربه لكنود.

وكم كسرني الحزن على أشياءٍ كثيرة تمنيتها
وعندما أرهقني الحرمان ..
 لم أجد إلا وسادتي تمسح بكرمها دموع اليأس التي طالما ذرفتها على ماكنت أرغب به وأريده
 ومع مرور الزمن حمدت الله وشكرته لأن بحرماني منها فُتحت لي أبواب ماكنت أتخيّل في يومٍ أنها ستُفتح ..
علمت حينها أن لله حكمة في تدبير الأمور وأنه سبحانه لايؤخرك إلا لخير

ومن نافذة الألم تُبصر شعاع الأمل ، كنت على وشك التوقيع على عقد عمل مع قناة تلفزيونية وتلك الفرصة التي طالما انتظرتها وسعيت من أجلها وعند الخطوة الأخيرة عاودتني آلام العين التي أعانيها منذ الصغر فذهبت لرحلة علاج لتتبخر أحلامي وتم تعيين البديل في القناة ..
مُحزن ضياع الهدف ومؤلم أن تشعر أن خطواتك باتت بلا أثر والحقيقة أني حمدت الله وشكرته على ماقدّره لي وماكتبه علي وفي يقيني أن الله لايمنعك إلا ليعطيك ولازلت أعيش بهذا التفاؤل والتصالح مع الذات وهذا مايجعلني ابتسم رغم أني لم أحقق شيء مما رسمته لنفسي من أهداف حتى أنه لاوجود لبديل لتلك الفرصة
لكن إيماني بالله كبير فالله لايحرمك شيء
 إلا لأنك لم تستعد له بعد
أو أن هناك شيئًا أجمل وأكبر كتبه لك
أو لأنه باب شر عليك

ومن القرآن يأتيك الدرس العظيم
"وفي السماء رزقكم وماتوعدون"

درس ربّاني وعلاج رائع لقلقنا تجاه كل أنواع الرزق .. فقط نحتاج الصبر الممزوج بالتفاؤل والمقرون بالدعاء والنية والعمل الصالح وهذه أعظم أسس السعادة والتوفيق .. 
ومالسعادة إلا أملٌ وشعور
فهي ليست في الأشياء التي نملكها ولا مالٌ أو سفر بل هي ذاك الشعور بالقناعة بما لديك والإيمان بالمقسوم وشكر الله على كل ما كتبه لك وعليك
والأمل هو أن تعيش وفي يقينك أن الغد أجمل وأحلى وأن الليل وإن طال ظلامه فلا يعقبه إلا الشروق

نعم .. نحن نحزن على الأشياء التي نُحرم منها .. نحن نبكي حتى على ضياع الفرص وعدم تحقيقها .. لا بأس .. استمتع بحزنك فالحزن يكسر القلب ويجعلك تشعر بالقلوب الجميلة التي تواسيك وتحاول أن تُعيد ابتسامتك .. ففي الحزن تعرف ثلاثة:
قربك من الله ..
صبرك وجلدك .. 
وترميم ارادتك لتنطلق من جديد
ومن الحزن تستشعر أوفى الناس إليك وقد يكونوا حولك ولاتشعر بهم ودون أن تبوح بكلمة تجدهم يمدون لك يد الأمل لتُشرق من جديد .. حافظ عليهم وضخّم وجودهم في حياتك فاليد التي تصافحك عند السقوط خيرٌ بألف مرة من اليد التي تصافحك عند الوصول .. عِش عظيمًا بحزنك وعِش ملكًا بفشلك واعلم أن أعظم النجاحات هي تلك التي بُنيت على انقاض تجارب فاشلة
وإياك والخجل من عثراتك وخطواتك فحياتك قرارك والتوفيق من الله ولك من الأمس العبرة والخبرة فعِش كبيرًا .

إضاءة:
الحياة اختبار ولاطريق معبّد بالحرير فانهض وانفض التراب واكمل المسير

آخر السطر:
كل شي يافهيد بيجي بوقته .. ثق بالله بس

دويع العجمي
@dhalajmy

وفي قاعة الانتظار .. درسٌ عظيم

رحلة جديدة اقطع تذاكرها لأسافر مع آلام العين التي تتكرر معي حتى أصبحت لا اشكو حجم الألم لتعودي عليه فمشاكل البصر ضيف ثقيل يزورني باستمرار ولأني كريم الضيافة أتحمله صابرًا وفي يقيني أن الله إذا احب عبدًا ابتلاه

هناك .. في قاعة انتظار المرضى حيث يقف الزمن وتتجمد عقارب الساعة ألمًا وصبرًا في رجاء وصول الطبيب المعالج لأشكو إليه حزني مع ضعف النظر وآلام العين التي افقدتني لذة القراءة ومتعة الكتابة فأمثالي تجارتهم رِبح ماقرأ .. فلا درهم ولا دينار ولنا مع كآبة المنظر صفحاتٌ وعناوين
انتظر الطبيب لأشكو وقوف الحظ عاثرًا معي في كل خطوة قصيرة متواضعة اخطوها لأعزي نفسي بأن الله لا يمنعك الا ليعطيك وفي ختامها امسح دموع اليأس وهي زاد المساكين .. فكل الأحزان دخلت من باب ألم العين لأسدل ستائر الإحباط على نوافذ التفاؤل بانتظار الفرج الكبير

بهدوء .. دخَلَت وجلست أمامي .. بحجابها المحتشم ولبسها الفضفاض .. أتت لتعالج عينها بعد احتراق وجهها بالكامل حتى بات بلا ملامح .. لف الوجوم وجوه الحاضرين وكل الهمسات في قاعة الانتظار غلّفها الصمت الحزين فالصمت لغة لايجيدها الا عاقل ولا يفهمها الا حكيم وفي صمتنا نطقت الشفقة على حال من غدرت بها الحياة وجعلتها تعيش بهذا التشوه الذي يتفطر القلب حزنًا وشفقة على صاحبته
رفَعَت رأسها وسألت "أذّن" ..!؟
لم ينطق بنا أحد فالجميع خجل من نفسه وهمومه وأحزانه أمام بؤس هذه الصابرة .. مرت لحظات لأجيبها .. نعم أذّن
كانت تخشى أن يفوتها موعد الصلاة الذي فات الجميع .. كانت تخاف أن تترك ماقام عليه الدين ومايصل الإنسان بربه لتقوم ملبية نداء الجبار العظيم الذي تسجد له سائلة العوض في الآخرة ومالدنيا إلا متاعٌ إلى حين وكم نحن غافلون

خجلت من حزني وألمي وهمي الذي يعد فرحًا وسرورًا أمام مأساة حقيقية لشابة في عمر الزهور قتل الزيت الحار إشراقة ملامحها فعاشت مشوّة بوجهٍ محترق لا يُبصر النور ، بت استغفر ربي على ماكنت أردده بيني وبين نفسي قبل قدومها
من ذالذي يريد أن يشكو للطبيب حظه العاثر ؟
انا الذي يعيش باسمًا تعكس الشمس أشعتها على جبينه أم تلك التي تقتلها نظرات المشفقين على بلائها الذي خطف سعادتها وشعورها بالحياة ؟
أنا الذي يرتدي جميل الهندام ويُصيبه غرور الشهرة الكاذبة أم تلك التي لم يعد للألوان في عالمها إحساسٌ وتعابير؟
أنا الذي تزدحم حياته بالأصدقاء الرائعين والأوفياء المحبين أم تلك التي يضعونها في هوامش البؤساء والمستضعفين؟
أنا الذي مفتونٌ بشبابه غافلًا في حياته أم تلك التي تنتظر حشرجة الموت لترحل لعالم الخالدين ؟

تغيرت مفاهيم الحياة ببضعة دقائق وبت أسخر من همومي الساذجة وحزني الغبي فمن يرى آلام الآخرين تبدلت آلامه ديباجٌ وحرير .. فياله من درس عظيم

جميعنا يغفل عمّا أنعم الله عليه مِن نِعَم فجبال الأحزان في صدورنا تتحول بالصبر والإيمان لوديان من السعادة والراحة فالقناعة زاد الزاهدين ، علينا ان لا نتذمر من واقعنا وان نتكيف مع ظروفنا ونؤمن أن الغنى والراحة في الإيمان بالمكتوب والقناعة بالمقسوم والسعادة في تضخيم الإيجابية لدينا وان نتذكر أن الله خلقنا وكتب لكلٍ منا رزقه ولو هرب الناس من رزقهم كما يهربون من موتهم لأدركهم الرزق كما يدركهم الموت .. فلا تحزن وابتسم للحياة

مناجاة:
يارب .. كم نحن مقصرون في طاعتك وحمدك وشكرك وأنت أكرم الأكرمين فلك الحمد بما أنعمت به علينا فاغفر لنا تقصيرنا وغفلتنا يارب العالمين

إضاءة:
من أبصر حياته من نوافذ غيره .. شاهد المُلك العظيم

آخر السطر:
مافي أحد مرتاح يافهيد

دويع العجمي
@dhalajmy

المرأة ناقصة عقل ودين !!

البداية:
"وما أنا إلا بشر مثلكم"

متن:
بخطواتٍ متثاقلة أحيانًا .. مسرعة غالبًا .. أسير إلى المسجد ملبيًا النداء فنحن تربينا على أن الصلاة عادة وليست عبادة وفي شرع "شيبانا" حفظنا الدرس العظيم:
"اللي مايصلي ياعوال مهوب رجال"
كبرنا فتغيرت المفاهيم فأصبحنا نستغفر ربنا على تقصيرنا وتثاقلنا في السجود له سبحانه وعسى أن ننال الشفاعة يوم الدين

وفي طريقي التقي بها .. جارتنا المُسنّة التي تسكن وحيدة بآخر الشارع .. ممسكة بعصاها التي جبرت ثُقلها بالمسير بعد هجرة ابنائها لها.. وبخطواتٍ مكسورة وجسدٍ أعياه التعب وعلى يديها نطقت التجاعيد ناقشةً حروف السنين ..  تسايرها خادمتها التي رفضت السفر أكثر من مرة حتى لاتترك هذه المرأة مشفقةً على حالها وفراق المحبين
كانت قد سبقتنا إلى المسجد فهي كانت ولازالت توّفر العصائر والمياه المعدنية صدقةً لزوجها المتوفى منذ 15 عامًا
طيلة تلك السنين لم تنقطع عادتها فذكراه خالدة في قلبها وفي يقينها أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاث أحدها صدقةٌ جارية وعلى هذا أوفت بالميثاق الغليظ وعلى هذا تسأل الله محاسن الخواتيم .. اتساءل عن هذا الوفاء فكم هو محظوظ ذاك الراحل بإخلاص أرملته له التي تفرش مائدة الرحمن في رمضان في ساحة المسجد محتسبةً الأجر وعلى طرف المائدة علّقت لافتة خجولة سائلةً الدعاء للمرحوم بالمغفرة والرحمة .. فيارب ارزقنا زوجةً تسرنا بالدنيا والآخرة

وعلى النقيض تمامًا وبالحي المجاور ذهبنا له معزين وفاة زوجته وماهي إلا عشرون يومًا فقط ليُرسل لنا دعوة وليمة زواجه الجديد وقبر من تبرعت له بدّمها واقترضت الأموال من أجل علاجه لم يجف بعد ولكن بعرفنا الساذج نقول .. إنه رجل
لم يكسره الحزن على رحيلها ولم يُكرمها وهي التي سهرت سنتين على علاجه متوسدة تعب المستشفيات صابرة على بلاء المرض .. وعلى هذا كان جزاؤها بالجحود وليس بجزاء الإحسان إلا النكران ..
وبشهادته الجامعية التي يتبجح  بها يجلس بعد زواجه ليقول:
المرأة ناقصة عقل ودين .. فكم هو إجحافٌ في إنزال النص في غير مساقه وكم هو ظلم تعميم الكلام في كل حين وإن شواهد الزمن لو نطقت لقالت:
إنك على التذكير عارُ .. فكم من إمرأة حملت الأثقال متحديةً ضيم الدهر وكم من رجل وعلى قولة "إبي فالح" :
"مايتسرح مع الغنم"
وبين وفاء جارتنا المسنّة وذاك الرجل الساذج .. تختلف القواعد والموازين ..
حكمة الحياة بالتعامل معها والتكيف مع ظروفها وليس بشهادة نعلقها متفاخرين بقطعة ورق دون أن ينعكس مضمونها على لساننا وتعاملنا وأخلاقنا
والنظرة للمرأة على أنها مخلوق ضعيف وقليل عقل عُرفٌ فاسد علينا التخلص منه فمن يتجرأ بقوله عزاؤنا لوالدته التي ربته ليصبح هذا جزاؤها .. فالنصوص الشريفة نزلت في مواضع محددة وتعميمها مخالف لطبيعة البشر والحياة فليس الرجل بكامل عقل ولا المرأة مجردة من التفكير .. ولأني ابن لتلك الملكة العظيمة أجزم أن عطاء المرأة وتضحياتها بمئة رجل

إضاءة:
إلى حواء المتزينة بتاء التأنيث .. كوني فخورة بإنجازاتك ، كبيرة بعطاءاتك ، معتزة بصداقاتك وتناسي قصص الحب التي تعتلي الرفوف فالحياة ليست مجرد .. رجل

آخر السطر:
الحياة يافهيد ذِكر طيب وعلمٍ غانم .. وانت شيّبت روسنا وعلمك كنه وجهك .. بكره بتموت ولحدٍ بيبكي عليك .. غثيتنا

دويع العجمي
@dhalajmy

ورد في قاموس العجمي

ورد في قاموس العجمي

البداية:
"في قاموس حياتك اصنع تلك المعاني التي تتوافق مع قناعاتك"

-أعيش في عزلة أحيانًا بسبب رفضي لتلك النصوص الجامدة التي جاءت كمسلّمات ولا أجدها تخاطب قناعاتي التي تلفظها بصمت .. في المدرسة كانوا يُعلمونا أن
 "العقل السليم بالجسم السليم"
ولا أعلم من قال لصاحب هذه الجملة المعلبة أن العقل حكرًا على صحيحي البدن ؟!
فكم من "معاق حركيًا" منتج ومبتكر وعقله يتجاوز بكثير أولئك المعافون بأجسادهم ؟!

وما إن تبدي رأيًا بما يقوله "سماحة المفتي" و "شيوخ الدين" إلا وهاجموك المغيبون فكريًا قائلين أن العلماء ورثة الأنبياء ؟!
يحق لي أن اسأل : "ونحن ورثة من؟ .. ببساطة كل نفسٍ بشرية  هم من ورثة الأنبياء وشيخ الدين نصوصه وقابلة للأخذ والرد فالمسائل الخلافية بها سعة ورحمة للأمة دون انتقاص من حق أحد أما الاحترام والوقار فهو مكفول لجميع البشر دون تجزئة
فهل نتكرم بشطب تلك السخافة من عقولنا أولًا ومن مناهجنا الدراسية المليئة بمثيلاتها البائسة !؟

-معاني في قاموسي الخاص:

التجاهل:
ليس صدقة على فقيري الأدب !
بل يكون ضعفًا إن ورد التطاول أمامك فلكل حماقةٍ رد
ويكون كِبْرًا إن رُدّ عليك بالحجة والدليل

التجاهل نعمة لكل الحماقات التي تُقال خلف ظهرك فهي لاتستحق وقوفك .. ويكون حكمة بالترفع عن الرد على الشاتمين بالمثل بل يجب أن يكون ردك بميزانك الذي تقيس عليه كلماتك وثُقل بيانك .. حينها يُعرف الحكيم من الأحمق فالناس تستطيع التفريق بينكما

-الحسد:
شعورك بأنك أحق بالنجاح من ذاك الذي تزعجك خطواته وتعيش بدوامة انجازاته ولاتملك إلا أن تُسيء له وتحقد عليه دون أن تعمل .. فتكتشف أنك في وضع السكون في حين أن ذاك الذي تحقد عليه وتكره نجاحاته يسير للأمام ولايلتفت إليك !

إيّاك والاعتقاد بأن مقارنتك بغيرك تُعطيك الحق بالشعور بأحقيتك بمايملكون فلكل منكم ظروفه وأقداره وامكانياته ولله حكمة في تدبير الأمور .. فتأمل

-الثقافة:
هي ليست برصيد المعرفة لديك .. ولاسعة اطلاعك ومعلوماتك التي تستعرضها من باب الفرجة فقد تجد الكثيرين لايهتمون لما تملك .. حينها ستبدو ساذجًا وحديثك ماهو إلا مضيعة وقت لمن يستمع لك !
الثقافة هي حسن توظيفك لكل ماتملك بالوقت والمكان المناسب وإن تواضعت امكانياتك .. على الأقل سيبدو حديثك مهمًا والآخر منصت لك وليس فقط مستمع وشتّان بين الانصات والاستماع فالأولى تدبر والثانية مجرد .. واجب !


إضاءة:
"اهدم الأصنام في رأسك وحرر عقلك من سجون الآخرين فليس كل مايُقال يؤخذ به"

آخر السطر:
ولازال فهيد تائه بلا لون .. أو معنى ..!!

دويع العجمي
@dhalajmy

وأنا والله في خاطري شي



وأنا والله في خاطري شي

البداية:
"لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه"

متن
هو رمضان .. شهر الخير البركات
عاد لتعود معه طقوسه التي لاتُشبه سواه
سكينة بالنفس وطمأنينة وفرصة لتجديد الذات
 وعادت تقاليدنا التي لاتنقطع ..
تراصصت الكتوف على مائدة الإفطار ..
كبيرنا يسأل "أحد غايب" ..
فأتت الإجابة "لا كلنا حاضرين" ..
وفي صمت مغلف بابتسامة تُخفي خلفها شوق الغياب وعينين تاهت حتى لايرى أحدٌ حزنها الدفين .. فضلت الإنصراف .. حتى لا أعكر صفو فرحتهم

لا .. هناك غائب ..
هناك من حطم بغيابه كل نشوة فرح بألم الحنين .. صحيح مضى زمن طويل ولكن مالعمل ..
يحضر في كل مرة أحاول على الأقل نسيانه ..
هذا رمضان التاسع عشر الذي يمر من دونه ويبقى والدي أعظم الراحلين ..
ذكرياتي معه ليست كثيرة؛ ومع ذلك صورته لاتغيب وصوته لاينقطع ..
 فيارب اغفر له وارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة يارب العالمين

( وأنا خاطري ماعاده بطيب )
كان قد انتهى للتو من دورة هندس رمضانك ..
اتصل بي يخبرني عن ترتيب المساجد التي سيعتكف بها ..
سألني وأنا الطالب المغترب حينها "متى ستعود" .. كنت على أمل أن ألتقي به ..
لكن القدر كان أسرع .. جاءنا الخبر .. خالد توفى ودفانه غدًا !
وهذا رمضان الثالث على رحيله .. فقدنا أخًا وصديقًا لم نعهد منه الا الكلمة الطيبة والابتسامة .. خطط لرمضان ولم يبلغه ولايزال كثيرنا يُطيل الأمل بدنيا الغرور .. علمني رحيله أن أعيد التوازن لحياتي .. ماعدت آبه لسطحيات الأمور .. وعدت لمصافحة حتى من كنت أكرههم فمالدنيا إلا متاع إلى حين .. بعض الصدمات تهزنا لتجعلنا أقوى رغم الألم .. فيارب ارحم من هندس رمضانه ولم يبلغه برحمتك يارب العالمين

( وفي خاطري شيٍ ماينحكى )
بدعوة من ثانوية خالدة بنت الأسود لمشاركتهم تكريم خريجاتها حضرت ..
 رأيت تلك الغصون اليانعة المقبلة على الحياة
والمحبة الصادقة النابعة من قلوبهم تلك القلوب الخالية من أمراض الحقد والكره والحسد ..
موقف نبيل منهم بإرسالهم روب التخرج لزميلتهم المسافرة إلى لندن للعلاج برفقة والدتها لتظهر على شاشة العرض بالقاعة مرتديةً قبعة التخرج
وبمقطع مسجل من لندن قالت كلمات بحروف الحزن وبصوت يخشى الانكسار تبارك لهم من هناك وتتمنى لهم التوفيق لترد دموعهم بصمت
 "وبعض الصمت أبلغ من القول"

وفي حفل تكريم طلبة الجامعة .. أصروا الطالبات على تكريم زميلتهم الراحلة "عائشة" والتي توفت قبل الإختبارات بأيام بعد صراع طويل مع المرض وهي في قمة التفوق .. عرضوا آخر رسالة كتبتها لهم قبل دخولها لغرفة العمليات
كتبت خلالها أنها لن تنساهم وتتمنى لهم الخير وختمت "عسى ربي يعوضني بلقاكم بالجنة" وكأنها كانت تعلم بقرب الرحيل فكانت تلك آخر الكلمات .. وفي فرحة تخرجهم أجهش الجميع بالبكاء .. فيارب ارحم من غاب عنا وأكرم نزله وانت أرحم الراحمين

( وياشين خاطري وياثقل دمه )
كل هذه المقتطفات حدثت خلال شهر رمضان
ألم الفقد لايوصف
ووجع الغياب لايُحتمل
ومافهمته مؤخرًا أن الحياة لم تدم لمن قبلك لتدوم لك ..
إن حزنت اليوم فتأكد أنك ستفرح غدًا ..
 وإن أضاءت ضحكاتك قناديل المساء فلا تعلم أي دموع حزنٍ ستذرفها في ذاك الصباح ..
 لاشيء يستحق وقوفك فلاتحسد ولاتحقد..
واعلم أن كل مالم يكتب لك هو الخير في أمرك ..
عش بين التفاؤل والحزم ..
من يقلل من شأنك ويكره خطواتك بالحياة عليك أن تقصيه من أولوياتك فهو لايستحق وقتك ..
لاتجامل على حساب سعادتك وراحتك ..
ومن قرر الرحيل عنك ودعه بابتسامه وتمنى له الخير وليكن يقينك أن الحياة كالمطار بها راحلون وقادمون فلاتعلق قلبك بالبشر ..
وإياك ومقارنة حياتك بالآخرين فهم لهم أقدارهم وظروفهم وأنت لك أقدارك وظروفك .. أحب حياتك كما هي وأسعد نفسك فأنت لن تعيش الحياة مرتين

وبمناسبة حلول شهر رمضان
إياك وأن تصدق تجّار المثالية وبائعي الوهم بالتسامح مع من اخطأ بحقك مالم يعتذر
لاتبذل المستحيل لمن لايبذل لك الممكن
فالتسامح شيء والذل شيء آخر ..
فلاتساوم على حساب كرامتك.

إضاءة:
وامسح بمناديل الصبر دموع اليأس فأعظم ماتواجه به خذلان الحياة .. ابتسامة"

آخر السطر:
كلنا بنروح يافهيد .. ولايبقى غير الذكر الطيب .. بس ليتك تسمع

دويع العجمي
@dhalajmy

مشاعر مزعجة



البداية:
"وفي أنفسكم أفلا تفكرون"

متن:
كانت مشاعر مزعجة عندما كنت أبذل مجهود لأبدو أغنى مما أنا عليه، لا أعرف الأسباب سوى أني أردت مسايرة المجتمع المرصع بالمظاهر، 
ربما نجحت حينها لكني لم أنل السعادة.
هناك شيء ناقص .. مختلف .. صراع معرفة الذات و"أنا" الذي لا أعرفني .. 
إلى أن تواضع كبريائي وعاد للواقع
عدت لعفويتي التي أعرفها .. بساطتي التي أحترفها 
وسخريتي من أشياء كثيرة حُرمت منها لكنها ماعادت تؤلمني
قد لا أكون رائع بعيون الكثيرين .. لكني سعيد بهذا التصالح الذي عشته مع الذات
فأعظم البدايات هي أن تحب حياتك كما هي
لاتحاول أن تبدو أغنى أو أجمل أو أعظم أو أذكى من الواقع 
سيراك الناس كما ترى نفسك إن أحسنت معرفتها 
فاهتم بجمال داخلك لينعكس على خارجك واعلم أن لا مكان للمتردد وعديم الثقة والمتكبر والمتبجح ومهما تذاكيت لخداع الناس سيأتي يوم وينكشف واقعك وحينها لن تجد من ينظر لك نظرة احترام فقد قالوا قديمًا :
'أنت حيث تضع نفسك'

فضع نفسك بمكانك الذي تستحقه 
وأحب ذاتك كما هي ولا تحاول تقليد الآخرين حتى لاتصبح مسخًا بلاطعم ولا لون ولا نكهة 
واعلم أن الأخلاق ترتقي بصاحبها فتجعله ملكًا على قلوب البشر فلتكن تلك هي قاعدتك التي تنطلق منها 
فالأخلاق تزيد ماء الوجه ومن زاد ماء وجهه مالت له القلوب وعشقته الابصار فكن ملكًا بأخلاقك

ومن يتجاهلك لاداعي لمعاتبته والسعي لإعادته لدائرة الأهمية لديك فمن يحبك لن يسقطك من عناوين المودة ليدونك في هامش حياته ، عوّد نفسك على تقبل فكرة تخلي الآخرين عنك وهذا من طبيعة الأشياء فلا دوام لكل حال وتعلم ان قلّة فقط هم من يبقون ثابتين في قائمة الأسماء
ومهما كانت الفكرة قاسية ومحزنة الا انها حقيقة الحياة التي لانملك ان نقف ضدها فمن روائع ابوحنيفة مقتطف لا أنساه:
'الأصدقاء هم الذهب الثمين الذي في يومٍ سيُشترى منك'

وفي ذلك رسالة أن مغادرة الناس حياتك لايجب أن تكون بسبب مشكلة أو كره ولكن ظروف الحياة ومتغيراتها تجعلنا نتغير من حيث لانعلم فيصبح من نحبه بالأمس شخص عادي اليوم فالعلاقات تنتهي ولا داعي للتنظير بالأسباب ولكن علينا أن نتعلم كيف نغادر حياة الآخرين مرفوعي الرأس.

وأما رزقك فهو مكتوب ولو هربت منه كما تهرب من موتك لأدركك رزقك كما يُدركك الموت فلا داعي للنظر بما في أيدي الآخرين لأنه باب الحسد والشعور بالدونية واقنع بما بين يديك وتفاءل بالقادم وليكن في يقينك أن الله يقسم لكل منا مايستحقه وهو الخير لنا قليله من كثيره واحمد الله على كل ما أنعم به عليك فقد نهانا سبحانه عن الكنود وهو ذاك الذي يعد مصائبه ونواقصه ناسيًا أن بالحمد تدوم النعم فقد أوصانا الرسول ﷺ بالتدبر فتأمل حياتك وضخّم الإيجابية بأفكارك فالتفاؤل أعظم أبواب التوفيق فعِش مشرقًا واستبشر بالخير.

وأما فشلك فليس عيب ولاهو عار والخجل منه سبيلك للإكتئاب وانعدام الثقة واعلم أنه أعظم مدرسة لترميم الذات والانطلاق من جديد فمن خلاله تعرف صبرك وجلدك وقوة ارادتك ومن يتأمل حياة العظماء يجد أن اغلب نجاحاتهم بُنِيت على أنقاض تجارب فاشلة فاجعل من ركام التجارب السابقة أساس لبداية جديدة وصم اذنك عن حماقات من حولك فمن استمع لسموم المحبطين مرض بالهم والحزن والسعيد هو من احترف التغافل والتجاهل فبالأولى سرور وبالثانية راحة فعِش كبيرًا بخطواتك معتزًا بذاتك فالحياة أجمل بكثير من أن تقضيها متباكيًا على مافاتك .

إضاءة:
ليس كل من نصادقه نعرفه فالأيام كفيلةٌ أن تُضيء لنا زواياهم المظلمة .. فصبرًا جميلا

آخر السطر:
شفت يافهيد .. مهوب كل من ضحك في وجهك صِدَقْ في قفاك

دويع العجمي
@dhalajmy