السبت، 26 ديسمبر 2015

طال السكوت



طال السكوت

البداية
"ومن طال سكوته .. يجرحه السؤال"

متن:
انتهى ديسمبر .. وانتهى معه الفصل الدراسي
وحتى العام .. لَمْلَمْ بقاياه واستعد للرحيل
الثلوج تغطي المكان
وأشجار العيد زينت حيّنا "بأمريكا" 
مرحبة بالعام الجديد

الجميع يحزم أمعته ليعود لوطنه .. أسرته .. وبيته
فالإجازة طويلة والأجواء باردة
ولاشيء يدعو للبقاء

جميعهم عادوا .. إلا هو
جلس على نافذته يتأمل المشهد
يحدق بالحقائب وتذاكر السفر
ويرى الحنين بعيون العائدين لأوطانهم
هو صديقنا من ليبيا 
هادئ جدًا وقليل الكلام .. يجيد الرسم بالفحم
وكل لوحاته بالأبيض والأسود .. ورغم كئابة الألوان إلا أنه مبدع

في كل مرة أرغب بسؤاله لماذا لايستخدم الألوان الزاهية بلوحاته .. يضيع السؤال ويتوه بين أروقة الحكايا
عمومًا هذا لايهم..

ولكوني آخر المغادرين سألته:
متى العودة لـليبيا؟
فطال السكوت .. 

كررت السؤال ثانيةً
فجاء الرد بهدوء: ولِمَ العودة ؟
لاشيء بقا لي هناك
لا أسرة ولا بيت 
فالحرب لم تبخل علينا بجشعها وخطفت أسرتي 
والبيت أكرمته القذائف فساوته بالأرض
عدت من المخبز في ذاك الصباح لأرى صيحات الناس وهم يتراكضون
الكل يتعاون لانتشال أجساد أسرتي من تحت الأنقاض
المنظر أكبر من التحمل
سقطت .. ماعادت قدماي تقوى الوقوف
خسارة .. كنت قد أحضرت لأختي الصغيرة "الفطيرة" التي تحب
لكن الحرب تركتني أعيش لألعن الحياة 
حتى استغفرت ربي

أما الأقارب فكلٌ مشغول بحياته ورزقه .. 
لاوقت لديهم ليفكروا بمن هاجر قبل سنوات فانقطعت كل سبل التواصل رغم تطورها وسهولتها لكننا .. غبنا
ولأني لا أحب أن أكون زائدًا عن الحاجة .. 
رحلت
وانتهى الكلام 

لم ينتظر مني تعقيبًا ولا مواساة ..
 بل ساعدني وقام ليعد قهوته 
فبمثل هذه المواقف لاتضمد الكلمات ذاك الجرح الذي نكشته بحماقتي

آهٍ على هذا الوجع .. 
وآهٍ على ألم الفقد
الآن عرفت لماذا هذا الهدوء الذي يغلف حياته
والآن فهمت لماذا يحب الرسم بالفحم
لاحاجة لأسأل 
فحياته تفتقد لكل الألوان
لا أم تضمه بحنانها ولا أب يسند رأسه على كتفه عندما تكسره الأيام
ولا أخ يشد من أزره كلما أرهقته الحياة
حتى الوطن
فقد قيمته وماعاد له أهمية .. وكما قال:
لِمَ العودة؟

نحن نعود لنرتمي بأحضان أسرتنا وأحبابنا .. نضمهم بحنين يطفيء لهيب الغياب

نعود لنسامر ليالي الأنس برفقة الأصدقاء
نضيء المساء بضحكاتنا
أهازيجنا وأغانينا 
ليمضي الوقت مسرعًا دون أن نشعر
فالأوقات الجميلة تمر بلمح البصر

نعود لنحكي قصصنا وتجاربنا
عن هذا البلد الجديد الذي عشنا فيه

نعود لنرى كم غيرتنا الغربة وجعلتنا نكبر سنوات قبل موعدنا
نفقد شغفنا بكثير من الأشياء التي كانت تسعدنا
ونعوضها بأشياء أخرى أكثر نضجًا وإدراك

نعود لنقيس بمسطرة الأيام حجم المسافة بيننا وبين من كنّاه بالأمس
لنرى حجم التقدم الذي أحرزناه بحياتنا

ويبقى المهم .. 
أن نعود لنشعر بدفء الوطن
يأخذنا الشوق لنمر مسرعين على مدارسنا
نستعيد ذكرياتنا .. وصور أساتذتنا وسذاجة المراهقة
نشيد الصباح .. صوت المآذن.. زيارات الجيران
كل شيء يجعلنا نشعر بقيمتنا .. 
لهذا الوطن غالي

عذرًا صديقي "إياد" 
ليس لدي شيء أقوله لك
سوى أننا نعيش الحياة بقسمةٍ وقضاء
لك شيء في هذه الدنيا سيعوضك عن كل مافقدته
كن على يقين بذلك .. 
فدائمًا العوض خير
تلك إرادة الخالق ..
 وإني آسف على مصابك
ولكنها الحرب .. 
تبدأ بصرخة لتنتهي بويلات

ومنك تعلمت أن أستغل كل ثانية بقرب الأحباب
أعبر لهم بجنون عن مكانتهم بالقلب والروح
أخشع بالدعاء .. 
وأُقبل موضع السجود
شكرًا لله وامتنانًا على كل شيء
نحن نحزن على تفاهات كثيرة لانلمكها
سيارة فارهة..
 وساعة مرصعة بأشياء برّاقة تغذي غرورنا الغبي

ولا أعلم كم صفعة نحتاج لنشعر بقيمة النعم التي لاتُقدر بثمن
وإنّا على حالنا لمحزونون

يارب..
أدم علينا نعمة الأمن والأمان 
ووجود أحبابنا بصحة وعافية
واحفظ لنا هذا "الوطن"

إضاءة:
"الصمت لغة يتحدثها من بلغ أقصى درجات الخذلان"

آخر السطر:
ولاشفت الرجل ساكت يافهيد .. لاتعيد السؤال وتنشب في حلقه .. كب منك اللقافه 

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 19 ديسمبر 2015

شجرة العيد والأمنيات



البداية:
"وفي رحيل العام وأمنياته .. أكتب"

متن:
 .. وهذا عام جديد يقف على الأبواب
وكالعادة بين النهاية والبداية
أقف لأراجع مامضى .. أُقلّب الصفحات وأتأمل السطور
لأختمها بالهامش المؤلم "لاجديد" 

لاحاجة لوضع أهداف جديدة
ولاحاجة لمحاولة التخلص من عادات لا أحبها
ولاحاجة لكتابة أمنيات كثيرة
فكل شيء هو ذاته أكتبه كل عام ولا أبلغه
فرغبات الماضي هي الحاضر ولأنها كالسراب تركتها للمستقبل

ولأن الأحلام لاتقبل الإنتصاف .. تركتها كاملة
أسعدت نفسي بها وطرت لعالم آخر
وضخّمتها حتى تجاوزت الواقع
فهوى سقفها وصوت ارتطامها هز أغصاني لأدرك أن الزمن يتقدم والساكنون لامكان لهم بالحياة
فقطار المجهدين لم يمر على محطاتي .. 
ولازلت على كرسي الإنتظار أترقب بصمت.

بيت وزينة
كل المنازل بحيّنا بالغربة تزينت بالورود وأشجار العيد
ينتظرون "بابا نويل" ليتسلل من المدخنة ويحقق أمنياتهم
ويترك هداياهم في زاوية الغرفة ويرحل

هم يعلمون أنه لن يأتي
ومع كل عام يمارسون الشيء ذاته
يُسعدون أنفسهم بأشياء من الخيال
ويفرحون بها

كل ما سأفعله أني
لن أكرر كتابة الماضي .. فتكرار الأماني كالرسم على الماء لاجدوى منها

فقط من باب التغيير .. زيّنت بيتي بالأضواء وعلقت شجرة العيد
ليس اتفاقًا مع طقوسهم
بل مجاملة لأمنياتي الكثيرة المركونة على الرف
تنتظر الحظ .. والفرصة
وربما تنتظر الواقع ليُجهض بعضها
والبعض الآخر يتنفس ببطء

وعلى شجرة العيد سأعلق ثلاث أمنيات
لا أريدها أن تتحقق .. فقط أريدها أن تعيش
 
أولها أن يتروّض جشع رغباتي بالقناعة
فباب الأحزان بطلب المزيد

وأوسطها عدم العيش بين ركام الماضي
فمن حق الحاضر أن أسعد فيه وأعيشه
فالراحلون برغبتهم لالوم عليهم ولاحزن
والتجارب الفاشلة لولاها لما كنّا الآن
وحرمان الأمس يعلمنا كيف نحفظ مابين أيدينا اليوم
بالنهاية .. لاشيء يستحق الحزن 

وآخرها التروي بطول الأمل وترقب المستقبل،
ضياع الحاضر بالتفكير بالقادم
واستحضار هموم قبل أوانها
علي أن اطمئن .. فموعدها سيأتي وسأعيشها 
فنحن خلقنا في كبد

لكن ضحكات اليوم ألا تستحق الإنصاف؟
ألا يستحق هذا الوقت الممتع أن أحياه؟
صحيح أننا لانحصل كل شيء
ولاينبغي لنا ذلك
والحقيقة التي لانريد إدراكها
أن غالب أمانينا .. لاندركها
عسى الله أن يعوضنا بما هو أجمل

فيارب ارزقني الخير في أمري ..
 وأسعدني بالأشياء التي أحب
واحفظ لي أهلي وأصدقائي
وكل القلوب التي صافحتنا بود

ولأن الإنتظار لايُطاق
وكثير الأماني لايُسعفها الحظ
وبعضها تبخر مع الواقع
اللهم اكتب لنا سعادة تملأ قلوبنا وتسرها يارب العالمين.

إضاءة:
ومن جالس السعداء صار منهم

آخر السطر:
ومهوب كل ماعرف يافهيد قيل وياخبل الذي خافيه مكشوف

دويع العجمي
@dhalajmy

الجمعة، 11 ديسمبر 2015

لهذا أكتب



البداية:
"الكتابة .. صديق مُنصت يتحدث بصمت"

متن:
لولاها .. لكنت الآن بمصحة نفسية
أُعالج مرض جلد الذات .. والتحسر على مافات
أعد الجدران .. أحدق بالسقف واتأمل المرايا
فالوحدة إن لم تشغلها بالمفيد .. شغلتك في نفسك .. لهذا أكتب

أكتب لأملأ فراغات الوقت وأجعلها مزدحمة بتفاصيل قد تبدو للآخرين غير مهمة لكني أحبها

أكتب لاُعيد ترميم الحاضر .. الذي بنيته على أنقاض الماضي وتجاربه الفاشلة أحيانًا ..
أتمرد على خجلي .. وأقف من جديد كهمزة القطع بأول الجملة 
شامخة ولاتخضع للتشكيل

أكتب .. رغم تشابه الأبجدية شكلًا
لكني أحب عزفها بسُلمي الموسيقي المختلف
أصعد سلالمه بإحساسي المتواضع
فما يُعزف من القلب يصل للقلب .. 
لهذا أعزف الأبجدية كتابةً 
وقليل النشار لايضر ..فاعذروني

أكتب .. لأشطب الأخطاء بسرعة وأتجاوزها بعدة كلمات 
ثم أعود لأُحدق بالخطأ وأترك كل ماحوله ..
أمزق الورقة وابدأ من جديد .. 
حتى باتت لدي مرونة بتقبل الأوراق ذات الكلمات المشطوبة

فقد علمتني الكتابة 
أن أجمل الصفحات من تعترف
بأخطائها بلاخجل
ولأن بالكتابة حياة .. أكتب

هناك من يكتب ليُكمل السطور
وأنا اصنع السطور لأكتب
أتوج نفسي ملكًا على عرش أقلامي وأوراقي المبعثرة .. 
والتي تسرقني لزمن مختلف
أنشغل بنفسي .. أصالحها تارة .. وأقسو عليها تارة أخرى

ومع الكتابة .. 
لا أذكر أنه شغلني نجاح أحدهم
 لامنصبه ولا ثراؤه
ولا حتى أخطاؤه وزلاته
بل تبلد إحساسي للحد الذي ماعاد يُحزنني عندما أُذكر بسوء 
لدي أشياء كثيرة أفعلها .. تشغلني عن التفكير 
بالآخرين .. لهذا أكتب

ومع الكتابة ..
تعودت أن أملأ مسافات الوحدة بكل الضمائر .. 
المستترة والغائبة..
فمن استتر بخبث النوايا هجرته
ومن غاب بقراره ورغبته تركته

أقتل الفراغ بسكين الإنشغال .. 
حتى لا أعيش أسير ذكرياتهم..
بحلوها ومرّها
ولا أفكر بماذا قيل ويُقال ..
ولا "لو" حتى لاتفتح أبواب الشيطان
أعلم يقينًا أن هناك من يؤلمه حاضري .. 
فراح ينبش بأوراق الماضي..
وعندما لم يجد شيئًا ..
صب حبر سيئاته على بيض صفحاتي .. 
ومع هذا لا أكترث
ففي حياتي أوقات عظيمة أعيشها .. 
أرتب الكلمات وأُعيد صياغة الجمل وأتنفس بعمق ..
وعذرًا للحاقدين الذين يكرهوني بوضوح ..
لأني لست سيئًا للحد الذي تبررون به حقدكم

ولأني أكتب .. فأنا أتنفس الحياة بشكل مختلف
أحاول ضبط إيقاع مزاجيتي التي لاتستقر
وللأسف .. لم أنجح بعد.

إضاءة:
"لك أبجديتك التي لاتشبه أحدًا .. فاكتب"

آخر السطر:
وإن ماشغلت نفسك يافهيد باللي يفيد .. أشغلوك الناس بما تكره

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 6 ديسمبر 2015

اطمئن




البداية
:
"هذا النص للواقفين أمثالي بمحطات الانتظار"

متن:
الحمدلله ..
على كل الأمنيات التي لاندركها .. والتي غالبًا ماتتبخر كالسراب بمجرد محاولة اللحاق بها..

والحمدلله ..
على عكّاز الصبر الذي تتكئ عليه أفراحًا كثيرة مبتورة الساق ..
تعيش على أمل "ربما" و"عسى" وتتجاوز المستحيل
حتى لو كان الواقع .. مختلف

والحمدلله ..
على وسادة صابرة ..
تحتضن أحلام المساء المبعثرة بعشوائية ولاتخضع لقانون الترتيب
تمتد دقائق وساعات .. تفكر وتحلم وتتمنى 
وتدور في حلقتك المغلقة التي ليس لها نهاية.
 
مامضى لن يعود .. والحاضر ليس على ماتريد .. والمستقبل مجهول .. 
ومع ذلك .. اطمئن
فكلٌ في لوحٍ محفوظ

يحدث:
أن ترى أحدهم يتقدم بخطى ثابة للأمام .. 
وبين الخطوة ومثيلاتها قفزات تجعله يقطع مسافة تتجاوز منطق الأشياء
تتحسر على ذاتك وجهودك وربما شهاداتك
تبدأ بتعداد نقاط الأفضلية
 لتزيد جرعة الألم في نفسك ثم تسأل:
لماذا لا أنال نصف ماحققه ذاك الذي وفق نظرية الواقع هو أقل مني بغالبية التفاصيل؟

غالبًا .. للحسد أبوابًا عديدة .. وماسبق أحدها
من نراه أقل منا ونعتقد بأننا أحق بالنعم التي أكرمه الله بها إن لم يكن حسدًا وحقدًا فماذا عساه أن يكون؟

لم يُقدر الرزق لك ولم يُؤخذ منك شيئًا ليُعطى .. 
فلماذا الانشغال بما في أيدي الآخرين؟

اطمئن .. 
لك قسمتك في هذه الحياة التي لاتُظلم فيها شيئا 
لأنها تدبير الخالق
ولو علم المرء منا كيف يدبر الله له شؤونه لذابت قلوبنا من محبة الله

وأبواب الرزق العديدة التي يُغلقها البشر في وجه طموحاتك يجب أن لاتُبكيك 
فما هم إلا أسباب مسخرون لك وعليك بقدرة الواحد الأحد
ولأن في اليقين حياة:
 "وفي السماء رزقكم وماتوعدون"
عش على هذا الظن وثق به فهو الرزاق الكريم

وكل الأبواب الموصدة مفاتيحها الصبر وصفاء النوايا والله يرزقكم على نياتكم قبل أعمالكم 

شاركهم فرحتهم وأسعد بها
حتى لو تقدموا وأنت بوضع السكون
هم لم يأخذوا مقعدك على متن رحلات الحظ
ولم يتجاوزوا دورك في طوابير الحياة
بالأمر سعة

علمتني تجارب الحياة أن لا أحد يستحق أن تقارن نفسك به فلكل منا ظروفه وحياته وأقداره فلاتُرهق نفسك وتثقلها بالهموم

المقارنة الحقيقية هي أن تقارن نفسك اليوم بمن كنته قبل سنوات لتعرف حجم المسافة التي قطعتها نحو التغيير للأفضل.

هناك شيئًا كُتب لك ..
ينتظرك .. 
فقط عش على أمل ويقين
مهما طالت مسافات الانتظار .. فاطمئن

فاصلة،
لا أذكر أنه شغلني نجاح أحدهم
ولا ثرائه .. ولامنصبه أو إنجازاته
بل تبلد إحساسي لدرجة أنه ماعاد يزعجني حديث أحدهم عني بسوء
ولا أذكر أني بررت خطأ أو كذبت شائعة
أنانيتي بالإنشغال بنفسي وذاتي جعلتني اختلق مساحات انعزل فيها .. لأكتب
وهذا ماجعلني غالبًا .. مطمئنًا

إضاءة:
"لك شيء في هذه الحياة .. فلاتحزن"

آخر السطر:
لاتنشغل يافهيد بفلان وفلان .. عمر الحسد ماجاب غاية

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 29 نوفمبر 2015

غربة من نوع آخر


البداية
"وفي السفر أعظم الدروس وأقساها"

متن:
هذه السنة السادسة التي تسرقها الغربة من عمري .. 
عشتها بحلوها ومرّها
وبين العطاء والحرمان دارت دوائرها فأخذت منها الدروس وحرمتني أجمل اللحظات ولا أعلم كم تبقى لنا من العمر لنحياه مع أحبابنا ونسعد بقربهم ..

عندما يقتلني الحنين ألف مرة
عندما أشتاق لأهلي وأصدقائي 
جلساتهم .. ضحكاتهم .. 
وتسجيل ذكريات نبعثرها هنا وهناك 
لنعود إليها بعد حين وتتعالى ضحكاتنا..
خسارة ..
 أجمل سنوات عمري ضاعت هنا ..
 ولاحزن على ذلك ولا لوم.

فأنا ممن يحمل للغربة عظيم الإمتنان .. 
فهي من علمتني كيف أتألم بصمت
وأبكي بصمت
وأعبر عن مشاعري بصمت
وحين يصبح الصمت أبلغ من الصوت تكون قد فقدت الكثير من ذاتك ..
لأن لاجدوى من الشكوى ..
فالمختلفون عنك لغةً وعقيدة مهما كان قربهم ..
 لن يفهمونك.

وعلمتني الغربة تجاوز أشياء كثيرة كانت تثير حماسي، باتت سطحية وليست ذات قيمة
 أولها سرعة الجدال .. وآخرها عدم الحديث بغير المفيد
فماعاد في النفس رغبة بالمزيد 

وعلمتني الغربة كيف أُسعد نفسي
لأن لا أحد مسئولًا عن سعادتي سواي .. بت استشعر مواطن الفرح
أسعى إليها وأحياها .. علّها تُنسيني مرارة الوحدة وقسوتها

وفي الغربة أشياء أفتقدها .. عوضتها بأشياء أخرى مختلفة .. وبين الشيء والشيء تجربة وعبرة وموعظة لذلك الغربة تُعلمك أقسى الدروس.

لكن هناك غربة من نوع آخر..  أكثر قسوة

عندما يصبح المرء غريبًا عن ذاته
يبذل مجهود إضافي ليبدو أغنى 
يتجاوز واقعه البسيط
معتقدًا أنه بذلك يكسب إعجاب الآخرين  .. 
وربما ينجح .. 
لكن لاتسل عن أسباب الأرق وكثرة الهموم
فمن لاحق السراب كلّ وتعب.

وعندما يتضخم المرء بالفراغ
يضع نفسه بمكانة أكبر من حجمه .. 
يستصغر الجميع ويتوهم أنه يشغل تفكيرهم واهتمامهم
يقلل من شأن كل ناجح فكبريائه لايرضى ولايُقر..
حديثه يبدأ وينتهي حول ذاته المتضخمة .. 
وبعد حين سيكتشف لماذا ملّه الناس وكرهوه ..
فأعظم أبواب القلوب الانصات للآخرين وإشعارهم بأهميتهم ..
فزمن الأساطير العظيمة ولّى وانتهى.

وعندما يهيم المرء ولايعرف ماذا يريد
يتحدث بلاتوقف .. يُنظّر بكل شيء ويحلل
ناسيًا أن من علامات الحُمق الخوض بكل أمر
ويختزل الثقافة بسطحية اطلاعه .. وهو الذي لم يتصفح كتابًا ولم يقرأ
لكنه مرض الجهل الذي طغى على صاحبه فعاش جاهلًا إلى حين
غدًا تصفعه الخيبة فيعلم أي وقتٍ أضاعه بغير المفيد فأمثاله كثيرو الضجيج بالغالب لايتقدمون.

وتبقى أقسى غربة
أن تعيش محرومًا من نعمة الصديق..
عندما تقف على كل زلّة وهفوة ..
تُكثر من العتب وتزيد التوبيخ ..
ومن كان كذلك .. هجره الصديق وتركه الحبيب وعاش صوتًا لايرد عليه الصدى 
نحن نتغافل ونتجاهل ليس غباءً ..
لكننا بشر نُصيب ونُخطيء ..
ومن أراد صديقًا بلا أخطاء .. ليعانق الوحدة فهي أقرب الخلّان.

فاصلة،
تغيرت الغربة .. أخذت شكلاً جديدًا زادها جمالًا
مع التقدم بثورة الاتصالات .. بتنا نتشارك اللحظات خلال ثوانٍ
ومع ذلك .. يبقى لها وجهها القبيح .. والذي لن تُجملّه كل الألوان .. فجمال الوطن ليس له بديل.

إضاءة:
وتبقى غربة الذات أقسى أنواع الاغتراب

آخر السطر:
ومهوب على كل زلة يافهيد سحبت على الناس .. تراهم عايشين فيك وبليّاك

دويع العجمي
@dhalajmy




الأحد، 22 نوفمبر 2015

النهايات التي لا أُحب


النهايات التي لا أُحب

البداية:
"ويكتب الله من بعض النهايات .. بدايات أجمل"

متن:
تختلف أشكالها ومشاعرنا تجاهها والنتيجة واحدة
كل نهاية للأشياء التي نقوم بها ترتبط بشعور بالحزن وهذا إنصاف للحياة
لأننا يجب أن نحياها بكل الفصول،

ومع ذلك .. فتلك النهايات لا أُريدها،
لا أُحبها 
ولا أتمنى حدوثها لكنها تقع
ومع الوقت عرفت أن قيمة النهايات هو في ما يليها
فوفرت جهودي في إنعاش الأشياء التي تحتضر .. فتعجيل موتها أفضل إن كان كُتب عليها ذلك. 


تلك النهايات التي لاتُحب:
ستجعلك تُعيد النظر بتفاصيل كثيرة تغفلها
عندما تعطي كثيرًا وتصاب بالخذلان
وعندما تمنح الثقة لمن لايستحقها
وعندما تكون ضحية طيبتك وبساطتك .. 
تُقْبِل على من حولك بكل مافيك 
ولايبقَ منك شيئًا لنفسك
تتحدث بعفوية متناسيًا أن للآخرين سوء ظنونهم
تتعامل بمحبة متجاهلًا استغلالية البعض وجحودهم
ومع أول اختبار
يسقط الكثير ولايبقَ إلّا أنت .. والنادرون الذين يستحقون لقب الصديق .. وغالبًا هم أشبه بأولئك الذين نراهم بصفحات القصص والحكايا.

وتلك النهايات التي لاتُحب:
تُعجّل بموت علاقات تحتضر
تُكابر من أجل الإعتراف بنهايتها 
وعندما تفعل .. تسعى دائمًا للتبرير 
يُحزنك ذلك .. 
لكنك لاتعلم أنها بدايات لأشياء جميلة ستحدث 
ليس قراءة بعلم الغيب ولا تحليل لعلوم الأبراج،
هي سنة الحياة وقانونها
فكل راحل ينتهي بقرار أو انشغال أو قدر
يعوضه قادم يشغل مكانه
الوقت والزمن كفيل بصنع ذلك.. 
هذا ماعليك أن تُؤمن به.

وتلك النهايات التي لاتُحب:
هي نقطة آخر السطر في ذيل الصفحة
تجربة خضتها وعشت تفاصيلها .. 
اجتهدت بها لكن هذا يحدث:
تبذل كل شيء .. تُعطي كل شيء .. تفعل كل شيء
وتفشل..
بالدراسة والتخصص والعلاقات والعمل وأيًا كان حقل تجربتك
لاتبكِ على تواضع حصادك
فالحقول التي لاتحتضن بذرك .. غيّرها
ليس بالضرورة أن يكون الخلل فيك
ولا الخطأ منهم
لكن بعض الأشياء لاتقبل التفاعل لعدم انسجام تركيبتها 
ولاتعيد قراءة تجربتك والتنظير بها وجلد ذاتك
فصفحتك امتلأت .. اقلبها وابدأ من جديد .. هذا أفضل

فاصلة،
ليس دائمًا النهايات محزنة
فاليرقة باهتة اللون نهايتها فراشة يانعة
والغيوم الملبدة بالسواد نهايتها أمطار وعافية
وحتى أنت .. نهاية الأشياء المبعثرة في حياتك هي بداية أشياء أخرى أجمل .. وهذا كل شيء.

إضاءة:
وعند بعض النهايات .. ستُدرك أنهم أجمل من بعيد

آخر السطر:
وبعضهم يافهيد من غثاه ودك انه انتهى من زمان

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 7 نوفمبر 2015

سذاجة جديدة أضيفها لحياتي



:البداية
"ولك من بعض الصدف صفعة تُعيد ترتيب أولوياتك"

متن:
المكان: مطار تورينتو بكندا 
الرحلة: عائد لأمريكا بعد دعوة لملتقى طلبة مونتريال
الوضع: تأخير لمدة عشر ساعات على الإقلاع لسبب فني .. رغم أني أتيت قبل موعدي بساعتين وهذا نصف يوم سأقضيه بالمطار ..

لابأس .. سأنسى الفراغ مع أول رشفة من قهوتي 
التي أحب وأسافر بين القراءة والكتابة وتصفّح تلك الوجوه المارّة بين مغادرٍ وقادم ومشاركتهم مشاعر اللقاء والوداع وبقية تفاصيل الرحيل .. واتأمل المشهد بصمت.

على مقربة مني مكتب "الهجرة" للمهاجرين غير الشرعيين
رأيت تلك العجوز بملابسها البالية 
تحمل أشياء ملفوفة بقطعة قماش كحال الفقراء بالأفلام الوثائقية والذين لم أكن أصدق أن لهم وجود

يسألونها كيف تأتين بدون تأشيرة ؟
فتبكي وترد دموعها بدل الإنجليزية التي لاتُجيدها
 لكن ماعرفته أنها من تنزانيا وهربت من الإبادة الجماعية،
كان واضحًا عليها الخوف والتعب وكأن تجاعيد السنين التي ارتسمت على ملامحها كانت بحاجة لمزيد من البؤس 

ولأن بلاد الغرب ملاذ البائسين..  هدؤوها .. 
مسحوا دموعها 
وأعطوها طعامًا يوقف رعشتها 
وفي غمرة حنونة حاولوا إضحاكها فابتسمت والدموع لاتزال على وجنتيها
هذه الدموع لاتجف .. لا الوقت ولا الزمن سيمحي أنينها بمحاجرها 

من الواضح أنها عاشت الجوع والفقر والعذاب وهربت تاركة أيامها وأهلها وبقايا ذكرياتها.

انتهى المشهد هنا .. وبدأ مشهد آخر
لا أعلم لماذا تخيلت شكل الإبادة الجماعية التي حصلت لعائلتها..
قُتل أحبابها وانهارت حياتها وهربت للمجهول حيث لازوج ولا ابن ولا صديق يناصفها لغتها الأم
باختصار .. حيث لا أحد

وزاد التساؤل
ماذا ينتظرها بهذا العالم الجديد وهي في منتصف الخمسين كما يبدو ؟
كيف ستعيش؟ وماذا ستعمل؟ وكم مرة سيقتلها الحنين للوجوه التي فقدتها؟

مؤلم هذا الشعور عندما تفقد كل شيء .. تفترش العراء ولحافك السماء وتنتظر شفقة الآخرين لذنبٍ لم تقترفه سوى إنك بشر متمسك بالحياة

خسارة .. آلمتني .. جعلتني أشعر بمدى سخافتي من أحلام كثيرة لم تكتمل
حزنت رغم أني أعيش أشياء أخرى أكثر سعادة ولكني ممن يطمع بالمزيد 
أفكر بالمفقود وأتغاضى عن الموجود
أحزن على الناقص ولا أسعد بالكامل

دموعها هزّتني .. وبّختني على سذاجة احترفتها 
عندما أُكثر الشكوى من خطواتي البطيئة نحو أهدافي والتي لاتساوي شيء مقابل خطواتها السريعة هربًا من موتٍ محقق

أحدنا هرب ليعيش .. والآخر عاش ليهرب
أهرب من الاستمتاع بكل الأشياء التي تُمثل للآخرين حياة
لكني لا أدركها .. فالجشع بتضخم الذات يمل الموجود

صحة وأسرة وشهادة ووظيفة جيدة
 وأصدقاء رائعون وللتو انتهيت من محاضرتي مع طلبة كندا والتي كان لي أمثالها بباريس وإيرلندا وأستراليا .. 
كرم وسخاء من الله رب العالمين نُضيعه بالتفكير بالأمنيات المركونة على كرسي الإنتظار
ونعلق سعادتنا عليها غافلين .. 
والطمع بشهرة زائفة وانتظار تصفيق الجماهير 

للأسف .. موقف واحد
يُعيد لك التوازن في حياتك
يجعلك تخجل من خالقك ومن نفسك
كم من الجحود نمارسه ولانعي أثره
متناسين أن بالحمد تدوم النعم
ليس بالضرورة أن نحصل على كل مانريد
فلو حدث ذلك فعلًا لما خُلق الإنسان في كبد
ولفقدت الحياة قيمتها وشابها الملل
نحصل على هذا ونفقد ذاك وننجح هنا ونفشل هناك
وهذه حصيلتك بالحياة الدنيا ولكن أكثر الناس لايفقهون

فيارب لك الحمد على كل النعم التي لاتعد ولاتحصى

عن أذنكم:
بردت القهوة ولم أكملها
فمرارة الموقف تفوق مرارتها .. وحان موعد النداء الأخير 

إضاءة:
"ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"

آخر السطر:
ياكبر همك يافهيد .. الناس تموت وأنت تحاتي شكل الشاص الجديد !

دويع العجمي
@dhalajmy 



السبت، 31 أكتوبر 2015

أرهقتني الحياة أكثر مما يجب


البداية:
"وفي ضجيج الحياة ليكن لك رُكنك الهاديء"

متن:
علمتني حروف العطف التساوي بالقيمة والمقدار.. لهذا أحبها 
فأحكامها لاتخضع لتراتبية المعنى والمضمون .. 
وفيها من التواضع مايكفي بأن تعطف الأشياء ولاتُلغيها.

عطفًا على الذات:
ولأن في النفس مايكسرها ويزيد أحزانها .. قد تبحث عن أُذنٍ لتشكي الألم فتحط أفلاك أوجاعها بمرسى لا أمان له.
فمن تشكو أوجاعك له اليوم .. يعايرك بها غدًا وهذا حال البشر
لطالما كسرتني الأيام وأرهقتني الحياة أكثر مما يجب .. لكني تعلمت أن لايرتسم على ثغري إلا الابتسامة.. 
بعد أن لدغني الصديق وعاب علي القريب
ولاحزن في ذلك ولايُلامون
وحتى لايتكرر الوجع .. 
أبقيت الزوايا المُظلمة في حياتي بعيده عن ضوئهم
فمن طبيعة الأشياء أن يبقى لك رفوف تعتليها اشياؤك الخاصة
تلك التي لايعلم بها أحد
وحتى تبدو كالقمر .. لابد أن يكون لك جانبك المظلم
وعندما تُثقل الهموم كاهلي ويُرهقني الحزن 
 .. ذرفت دموعي للذي لايخذل عباده
"إنما أشكو بثي وحزني إلى الله"
 ولله عاقبة الأمور.

ولأن الحزن نقيض الفرح
فاعلم أن ظلام الليل وإن طال فلا يعقبه إلا الشروق .. تفاءل بذلك.

ولأن لا راحة ثابتة ولا ألم دائم
فكل شيءٍ قابل للتغير .. قليل من الصبر .. فرجٌ وسرور 

ولأن "في السماء رزقكم وماتوعدون" 
فالحمدلله على كل حال .. كن من الحامدين الشاكرين وإن ضاقت الدروب.

ولأن النفوس العظيمة .. عظيمة
تبني نجاحاتها على أنقاض إخفاقاتها .. 
بكبرياء وشموخ 
تعتز بتجاربها وتضحك من فشلها وتفتخر بنجاحها وتحب الماضي وإن خشاه بعض السواد
وتحترف الحاضر وتعيشه 
ولايكسرها مامضى ولاتخشَ المستقبل
تستمتع بالحياة وتتنفسها .. وتحياها بكل الفصول
لكل منّا إخفاقاته ونجاحاته
وجميعنا مُبتلى بحسد القريب
والقريب كل من كان في حياتك 
يسمعك ويراك
ويقف معاك على ذات الخط
تقدمك يُحرقه .. فالساكنون لايحبون المتحرك
ولولا لطف الله ورحمته لألقونا بالجب وتباكوا آفكين 
فالذئب بريء من دم يوسفنا

ولأن بالتجاهل حياة .. اجعلهم يفترشون عراء اهتماماتك
واقلب الصفحة وابدأ في كتابة سطورك .. ولاتهتم.

إضاءة:
"وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون"

آخر السطر:
ولاتشتكي يافهيد للي مايقدّر جنابك

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 24 أكتوبر 2015

ومرايا




البداية:
"ومن دروس الحياة اغنم ذاتك"

متن:
لاغنى عنها .. وإن اختلفت أحجامها وأشكالها .. 
تُعلّق على الحائط وباب الدولاب 

لكن أهمها تلك الموجودة بالممر المؤدي للخروج من المنزل .. 
تقف أمامها لتُلقي على نفسك نظرة الإعجاب والكبر .. 

تُزين ماتبقى من ترتيب ملابسك .. 
وتودعها لتعود إليها بعد حين 
وترى كم استهلكت من زينتك وذاتك 
وتفاصيل أخرى تُطيل التحديق بها دون سبب 
وتبقى المرآة العاكس الوحيد الذي ترى حقيقتك وإن حاولت تجاهلها   

أحيانًا .. 
تحتاج التأمل بقسمات وجهك .. 
لترى الذبول الذي صاحب عينيك ووجنتك .. 
فتخبرك مرآة ذاتك
 أنه من الغباء أن تعامل الجميع بلُطف ، 
فالتحفظ مطلوب حتى تتضح صفاء النوايا 
فليس كل البشر يفسرون انعكاس لُطفك تواضعًا ومحبة
 بل يتمادى بعضهم ليعتبرها استخفاف وهزل 
فيستسهلونك..   

وستُخبرك مرآة ذاتك
أن ألوان النفاق عندما ملّت وجوههم .. 
احترفوا ارتداء الأقنعة
ليس كل من يصافحك يودك .. 
فبعضهم اختلط طينه بمائه وعُجن من أمراضٍ وعُقد
حتى عجزت الكيمياء عن فهم تركيبته 
فأصبح شاذًا عن فطرة البشر .. 
يحترف السوء  
وماينقله أمامك قد يُنقل على لسانك 
وماهذا على المنافقين بكثير .. وإقصاؤهم من حياتك مكرمة فلاتجامل .

وستُخبرك مرآة ذاتك
كم حاسدٍ يأتيك برداء الصديق ..
 وكم حاقدٍ يُحدثك بصوت الصاحب.
ولأن دوام الحال من المحال 
قد تزرع النعمة التي ظهرت عليك بذور الحسد بقلب الصديق 
وتقدمك يُشعل النار في قلبه فيحرق الود 
وتصبح في مرمى تقزيمه حتى تشعر أنك لاشيء
تُكابر إنصافًا للأيام التي تشاركتم خلالها الضحكات 
واحترامًا للذكريات العظيمة .. 
ولكن لا أسف على من يتمنى زوالك  
والأيام وحدها من تكشف سواد سريرتهم فصبرا جميلا.

وستُخبرك مرآة ذاتك
أنك كلما تقدمت بالحياة ضاقت دائرة الأصدقاء .. 
حافظ على من تبقى واقتصد بكسب المزيد
 واعلم أن أفضل الأشياء هو بقاء طبيعتها
لاتستعجل كسب ود أحدهم واتركها للأيام والوقت .. 
وفي عملك 
كن مع الجميع على مسافة الود والإحترام
 فكلما كانت العلاقة سطحية زاد وقارها ونُبلها 
فلاصداقة بين أبناء الكار الواحد .. إلّا ماندر.

وستُخبرك مرآة ذاتك
أن لاتحزن على هذا ولا تندم 
فالحياة مدرسة وهذه دروسها .. 
وبين الفرح والحزن تدور أيامها ولياليها
ابقى نقي السريرة حسن الظن
 فالله يجزي بالنوايا قبل الأعمال 
وليكن لك من كل تجربة عبرة 
وإن كررت الخطأ ثلاثًا 
فالإيمان وحده لايكفي لتجاوز لدغات جحور الحياة.
ولأنك الحقيقة وتقديرك لذاتك يقين ..
 ضع نفسك بالمكان الذي تستحق.
لاتنتظر من الآخرين تقييمك وتقديرك ..
 فأنت أعلم بنفسك وإمكانياتك وقدراتك والبداية منك أنت.
ولو تركت للناس تقديرك وتقييمك لضعت بين أحمقهم وعاقلهم .. وتذكر أن عظمة الأشياء تبدأ من ذاتها.
وكما كتبتها سابقًا وأكررها: 
"عش الحياة واحترف السعادة فكُلٌ ملاقي ماكُتب له".

إضاءة:
"فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيرًا يره"

آخر السطر:
ومهوب كل من ضحك في وجهك يحبك يافهيد.

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 17 أكتوبر 2015

تفاصيل



البداية:
"ولأن لك شيئًا بهذه الأبجدية .. فتأمل"

متن:
"أنا ربكم الأعلى"
بدأ بها جبروته ليرده الله صاغرًا ممددًا بالمتحف المصري تُلتقط له الصور وهو من الخاسرين 
وكانت تلك النهاية

وإلى كل من طغاه الغرور نسأل:
لمن الملك اليوم؟

ومابين البداية والنهاية .. تفاصيل
تُكتب غالبًا ولاتُحكى .. فالحروف تحمل بين طيّاتها بحة الحزن والتأنيب وستبدو أجمل إن التزم صاحبها كتابتها دون أن ينطقها: 
ومن صار أسير الصمت مثلي
درى إن الصمت أبلغ من القول

البداية: دائمًا
النهاية: نادرًا
وبينهما أمورٌ مشتبهات .. ولأن الدائم هو الشائع العام باتت كالأصنام في رؤوسنا .. وحان هدمها

نقول دائمًا "اتقِّ شر من أحسنت إليه"
حسنًا سنفعل .. 
لكن ملائكيتنا الكاملة المعصومة عن الخطأ لم تسل نفسها لماذا نالنا شر من أحسنا إليه؟
صحيح أن الإحسان لايُجزى بإحسان .. 
لكن هذا أحيانًا
ولايزال بالبشر خصلة الإمتنان والحب التي تُعمّر قلوبهم
ولايقتلها سوى المِنّة وادعاء الفضل !

وهذا مايُنفر القلوب ويحرق الود .. الإمتنان رائع من أصحابه ولكن المنّة ذل واستصغار يرفضها كبرياء البشر فيردون الخطأ بخطأ وينكرون الفضل ويتجاهلون صاحبه فالنفس أمّارة بالسوء ومن ساءت طباعه وجبت قطيعته ونكرانه .. وهذا مايحدث 

أنت السبب لاسواك.. تُحسن وتمن وكيف لاينالك شر من أحسنت لهم؟
 نستذكر خطأ الآخرين بحقنا ونُحمّلهم الأسباب كاملة دون أن نُفكر ولو لِلحظة أننا من دفعهم لذلك .

عشنا بهذه الحياة ورأينا كثيرين يصرخون بصوت الجبروت وينسبون نجاح الآخرين لهم ولايُنصفون اجتهادهم وسعيهم !
فيبادلونهم بنكران فضلهم لأن خدشًا حدث لكرامتهم وما البشر بعبيد ولاسحرة فرعون ليسجدوا لك صاغرين.

أن يشكر الناس فضلك لايعني أنك صنعتهم وأعدت خلقهم .. أنت فقط كنت سببًا مُقدرًا من الله ليغنموا  حصادهم.
اطمئن فكلٌ يحفظ الود بقلبه واستجداء المديح وطلبه يُفقد قيمته .. وهذا غالبًا

وعلى سبيل التصويب:
"اتقِّ شر من أحسنَ إليك"
تعظيم وجودهم يقابله استصغار كيانك.
ولأن الله يحب الشاكرين فكلمة شكرًا تفي بالغرض ..
فلو لم يقف معك لسخّر الله غيره ليُحسن إليك فما بلغته قضاء الله في أمرك وتقديره وما البشر إلّا أسباب وظروف.

نحن نحفظ الإمتنان لمن يقف معنا ونشكره ونذكره بالخير فهذا حقه علينا وواجبنا تجاه فضيلة أخلاقنا .. لكن هذا لايُعطيه الحق ليجعلنا كدمى العرائس بيده نتحرك كما يشاء ويريد .. فلا إفراطٌ وتفريط

وخذها قاعدة في حياتك
الامتنان:
هو شكر وكلمة طيبة واعترافٌ بجميل

المنّة:
استصغار للآخر يقابله تعظيم للذات والله لايحب المتكبرين

فيا صاحب الفضل .. لو لم تمد يدك لنا لمُدت أيادٍ كثيرة
ومطرقتك التي حطمت قفل الباب المغلق في وجوهنا لاترفعها على رؤوسنا .. قد فتحت لنا بابًا ولولاك لفتح الله لنا أبوابا وكلٌ مسخرٌ لأمره والله على كل شيءٍ قدير

إضاءة:
اترك مقعد التبعية شاغرًا وقف بالصفوف الأولى فأنت وحدك من تستحق التصفيق.

آخر السطر:
ذليت العالم يافهيد بوقفتك معهم .. الله لايشكر لك فضل

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 10 أكتوبر 2015

فهيد وأنين الرياح والخثردة

البداية:
"وفي أنفسكم أفلا تتفكرون"

متن:
وعلى فرض ..
أنك الشجرة المثمرة التي تُقذف دائمًا .. فهل يعقل أن كل هؤلاء حمقى وفارغون وأنت الحقيقة؟

وهل يعقل أن أولئك المختلفون عن بعضهم والغرباء فيما بينهم خطأ وأنت الصواب العظيم؟
الأمر ليس بهذه البساطة ياسيدي الناجح المبهر .. 
لست الجاذبية التي ندور حولها
ولا القاعدة ونحن الاستثناء
حتى الحقيقة .. 
هي لاتتجسد بشخصك لنكون نحن أبعادها .. الموضوع بحاجة لقليل من التوازن ولو كان في ذلك مايزيد الكي ويؤجج جراحك .. 
لكن لابأس فالواقع مر أحيانًا ولابد من تقبله ، 
هذا أفضل من العيش بوهم الناجح المحسود على أثره وخطواته .. 
وهذا على فرض أنك نلت الملك العظيم واستويت على العرش الذي لم يؤتَ للأولين ولا الآخرين.

إليك يامن انفصلت عن الواقع .. أكتب:
كثرة الحديث عنك بالسوء ليس لأن الآخرين تمنوا ما أنت فيه وعجزوا عن بلوغه
لكن الحقيقة التي لاتريد تصديقها أنك قد تكون سيئًا لتلك الدرجة التي جعلتهم في أمرك يستهزئون
ومن زاوية أخرى
شأنك العظيم لاوجود له إلا في مخيلتك القاصرة وأمرك كله لايعنيهم .. 
هم فقط وجدوا فيك مايُسلّي فراغهم .. وهذا أيضًا على فرض أنك الناجح العظيم.
ومن الحُمق أن تصنف الناس إما أصدقاء أو أعداء فهناك مخلوقات كثيرة بهذا الكون لاتعتد لوجودك أصلًا .. ولاتحسبك رقمًا يُضاف لحساباتها ولايُنقصها
ولاتعتبرك حرفًا يُكتب في هوامشها

لكنه الحظ الذي أقلّك من العتمة لتحط بعالم الضوء .. فأصبحت تُرى وتُسمع .. 
وليس بالضرورة أن تكون ناجحًا كفاية .. فكثير من الحمقى والفارغين نالوا الشهرة على مختلف زوايا انعكاساتهم .. ولا لوم عليهم ولاهم يؤثمون.
ففي أحيان كثيرة يؤتى المجد لغير أهله .. وينال الحظ من لايستحق .. وهذاعلى فرض أنك عظيم.

وبصوت الغرور نسأل:
من أنت؟
النجاح الذي لايُشاد به أهله ليس له قيمة .. 
والخطوات التي تُثير ضجيج السخرية من حولك يجب مراجعتها 
وعلى فرض أن من شيمة الناس الحسد .. لكن على ماذا؟
الحسد يُطال أولئك الذين تُبصر الشمس روائعهم،
هم حقيقة ثابتة قابلة للإختلاف لكن لاينكر أحدٌ وجودهم،
يشتمهم الغاوون ويُشيد بهم النُخب وتحترمهم العامة
فكل ذي نعمةٍ محسود

وفي علم الحساب والمنطق:
كل رائع يحبه عشرة سيكرهه ثلاثة .. وهذا من طبيعة الأشياء
فليس كل عاقل يتمنى نجاحك .. فأصحاب العقل أيضًا يكرهون ويحسدون.
ولكن .. أن تجتمع النُخب والعامة والأحمق والعاقل على سيئتك ويجعلونك مادة للسخرية والضحك .. لترد بصوت الكبرياء وتُصر أنه لاتُقذف إلا الشجرة المثمرة؟
فأي شجرةٍ أنت .. وأي طعمٍ مر سيذوقه الناس من ثمرك؟
والمؤلم ..
أن تُفسر ذلك بأن العالم بأسره يحسدك على نجاحك الذي لاوجود له إلا بعقلك والخمسة المحيطين بك؟

لاياسيدي المبهر .. فالنجاح له ثوابت وأسس
عليك أن تُبصرها وتعلمها
نعم قالوا عن الله ثالث ثلاثة
وقالوا عن أشرف الخَلق كاذب ومجنون
لكنك لم تعلمنا الأسماء كلها ولا أنت الذي لاينطق عن الهوى؟
أنت دون ذلك بكثير .. 
فثُلث الحكمة مداراة الناس ..
وسعيد هو من أحبه الخَلق وباركوا أثره .. وحتى تبلغ ذلك .. راجع حساباتك فـ "ثقتك صارت تبكيني".

إضاءة:
وقل لهم في أنفسهم قولًا بليغا

آخر السطر:
تبي تنشر كتاب يافهيد.. بسيطة .. اطبع سوالف الواتساب وسمّها "أنين الرياح والخثردة"

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 26 سبتمبر 2015

خدعوني فقالوا

خدعوني فقالوا

البداية:
"وعلم آدم الأسماء كلها"

متن:
خسارة .. ماعاد ذاك القلب الطيب .. طيبا
ضبط المكيال فأعطى كلٌ ومقداره..
واحترف الوقاحة ووقّت انفجارها .. 
 ذاك الذي أحسن تأديب ذاته حتى باتت مجالسته لاتُطاق ..
ترك نفسه السابقة وعاش الـ "أنا" الجديدة والتي ربما لايُحبها .. لكن المؤلم أنها "ناجحة" وبإمتياز
فالمجتمع الذي يحترف ارتداء الأقنعة .. لايُحب الوضوح.

تفاصيل
خدعوني فقالوا "تجاهل الحمقى فأنت بتجاهلك تقتلهم" 
فكان التمادي سيّد الحال ..
احترقت غيضًا وهم يُمطروني بسوء ألفاظهم .. وغرقت صمتًا ولفظت براءتي أنفاسها في بحر وقاحتهم وماكان تجاهلي بقاتلهم بل هم إياي يقتلون..
تجاهلي يرونه ضعفًا وقلة حيلة .. فواقع الحال يقول ذلك .. ولهذا هم يشمتون
ولأن لكل حماقةٍ رد .. ليتناسب اللفظ بالقوة وليختلف بالمقدار 
وعندما كان ذلك .. عادوا أدراجهم .. ولُجمت أفواههم فماعادوا يشتمون

ولأن بالتجاهل حياة .. فهو في كل مايُقال في ظهرك .. لا أمامك وعلى مسمعك .. وكل شيءٍ بمقدار
قليل الوقاحة لايُسكر .. ولديك من الحسنات مايُكفّر سوء صنعتك .. والله بكل شيءٍ بصير

وخدعوني فقالوا "بالهدية تكسب ود حاسدك"
فوجدته يزداد حقدًا وغيضا .. ماسعيت بكسب ود أحدهم إلا بلغته عدا الحاسد فلايُرضيه سوى بؤسي وزوال حالي .. وقد لايرضى
قطيعته أرحم .. وهجرانه بركة 
فلا ود لمن يتمنى فناءك .. ولاعلاج لمن نخر السوس قلبه .. 
ويزداد شقائي كلما كان ذي قربى .. والقسوة على الذات مخرجي الوحيد .. ولأن بقطيعتهم حياة .. غادرت وانقطع السؤال والله غفورٌ رحيم.

وخدعوني فقالوا "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك"
وما القلب إلا نبضٌ وشعور .. ليس لي سلطان عليه إن كره

 أحب أن يبسط لي الجميع ابتسامته .. 
يلقوني بود ويصافحوني باحترام .. ولكن مالسبيل في ذلك مع من أكره !
أتجاهله لأني أمل وجوده .. ووالله هو لم يُخطيء ولكنه القلب وموازينه فهناك من لانحبهم رغم أنهم لم يُخطئوا في حقنا .. نظلمهم لأن فرعوننا يصرخ بصوت الجبروت رافضًا وجودهم .. فلانسطيع معاملتهم كما نحب أن نلقى
ولأننا أقصيناهم .. أقصونا
ولا لوم عليهم ولاذنب .. وإنا على حالنا لمحزونون.

وخدعوني فقالوا "ما الحب إلا للحبيب الأولي"
فجاء الحب الثاني ليُلغي الأول .. ثم حضر الثالث ليُقصي الثاني .. حتى أصبحت أسرق النظر على حال الأولي مشفقًا عليه .. ليس لشيء .. سوى لأتذكر ضعفي معه وأسخر من غبائي وأضحك .. حتى بات لاشيء .. فكل قادم ينسخ ماسبق 
وكما يُبطل الماء التيمم .. أبطل سيل "الجديد" قديمهم فنبض الفؤاد وصاح "حي على الصلاة"
وتلك التفاصيل نكتبها للناس لعلهم يفقهون

فاصلة،
ليس كل قول مأثور ينطبق على الجميع .. 
والنصوص الجميلة كالورد المجفف تسر الناظرين .. لكن لاحياة فيها
ليكن لك وردك وبستانك .. تعيش فيه وتحيا ..
تُكرم به كريمهم وتوصد بابه على لئيمهم
تغفر لمن تحب وتغض البصر لتستمر الحياة فقط لأنه قطعة من القلب   
فالرائعون الذين لايُخطئون لاوجود لهم سوى بالكتب والحكايا

إضاءة:
"اعترافك بالفشل سبيلك للنجاح فعش عظيمًا بلاخجل"

آخر السطر:
ومن قال "هاه" يافهيد .. سمع

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 19 سبتمبر 2015

مابقى إلا السكّير يتكلم

البداية:
"فابدأ بنفسك فانهها عن غيها، فإذا انتهيت فأنت حليم"

متن:
ولأني ممن يُبقي ماء البحر في فمه حتى لاينجرف في الغيبة .. أصمت
أتحمل ملوحته التي تُقطع أحبالي الصوتية .. فأكتب
ولأن في الكتابة حياة .. لازلت أتنفس.

عودة الفتى الضال:
لم يكن بيننا اهتمامات مشتركة .. فروتيني المنتظم لايتناسب مع عشوائيته وجدول أعمالي المعلق خلف الباب يتناقض مع فوضويته بالتعامل مع الحياة .. حتى قهوتي التي أفضلها مرة كل صباح يقارعها بكأسه الذي يُفقده عقله وذاته كل مساء .. 
نحن نختلف بكل شيء .. كل منا يعيش حياته وفق رغباته .. لكن تجمعنا الغربة التي أصبحت لنا بيتًا ووطن وأسوار الجامعة وفصولها وكراسيها.

يتحدثون عنه بسوء .. فذاك "الثمل" لايحب أحدًا مجالسته .. رغم احترامه للجميع والتزامه بحدود نفسه .. نعرف بعضنا بالسلام .. وتفاصيلنا بلغت كل منّا عبر الزملاء المشتركون والذين غالبًا يُفضلون أكل لحوم البشر والغريب أنهم لايُكرهون .. وليس هذا على مجتمعنا العاشق للفضائح بكثير.

لحظات عند الإشارة .. أحدق بالشوارع والسيارات والأرصفة .. وألمحه أمامي بسيارته الفارهة .. ينادي ذاك الطفل الضعيف الذي أرهقته الحياة مبكرًا .. يبيع المناديل ليكسب قوت أهله ويومه .. يأخذها منه مقابل مبلغ لم يكن ذاك الصغير يحلم به ليطير فرحًا وبصوته المتعب يدعو له بالتوفيق .. أضاءت الإشارة وانتهى المشهد .. لم يُصفق له أحد ..  "وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّه" .. لذلك هو لم يهتم.
 
ويا للعجب .. يقارع الكأس ويتصدق .. يعشق السهر ويُصلي .. فكيف تلتقي كل تلك المتناقضات ؟!

وبعد أيام رأيته حاملًا أوراقه فمعدله الدراسي لايشفع له بالبقاء .. فاحترم الواقع وانسحب وترك مقعده شاغرًا .. سلّم علي وودعني وتمنى لي الخير .. وغادر

وهاهي السنوات مرت على الحدث .. نسيت تقريبًا كل شيء .. لكن لاتزال بعض التفاصيل حاضرة وعصية على النسيان  .. لا أعرف بأي حالٍ هو الآن لكن ما أنا على يقين به أن فيه من الخير مالم يظهر بعد .. فهذا المبتلى يتحلى بإنسانيته التي تخلى عنها البعض رغم معاصيه .. 

في أحيان كثيرة ترى المرء يفعل الذنب ويُقر به ولكن الشيطان غلب نفسه رغم أنه ينازعه ولايجد المعين .. وقد يرتكب المعاصي ويبقى حب الخير فيه فطرة .. وقد يهوى الكبائر ويبقى حب الإيمان فيه نزعة ..
ونرى فيه مانكره لكن قد يغلب خيره شرّه ويبدل الله حاله إلى حال .. لهذا الستر من أعظم الفضائل .. فباب التوبة بيد الله وقد يعودون أفضل وأجمل ..

 نعم لسنا ملزومين بصداقتهم لكننا لسنا مجبورين على تعظيم أخطائهم فكل ابن آدم خطّاء .. وطوبى لمن أكرم الآخرين بالستر ودعى لهم بالهداية ولكن كيف يستطيع له سبيلا والنفس تتوق بالفرح بفضائحهم وزلاتهم. 

ولأن "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"
فراحة القلب بترك الخلق للخالق .. فـ "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" ولكن من يعي الدرس؟

إلى ذاك الذي غاب ولا أعرفه
تستحق الحياة .. تستحق أن تعيش بسعادة .. وأن تُحاط بأصدقاء حقيقيين يعرفون قيمتك .. لايزال هناك وقت ومتسع لنبدأ من أول السطر .. نطوي صفحة الماضي بكأسه ولياليه .. ونحيى الأمل من جديد .. ونصنع من أنفسنا أشخاصًا رائعين .. على الأقل في مخيلتنا ومرآة ذاتنا .. فالعاديون أمثالنا بالقليل يكتفون .. ولأنك رائع .. ستكون أجمل .. وهذا ما أتمناه لك.

إضاءة:
علمتني الحياة أن أعظم النجاحات هي تلك التي تولد من رحم بيئة عقيمة

آخر السطر:
وأعظم كرم يافهيد تعطيه للناس .. تكف لسانك وشرك.

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 12 سبتمبر 2015

رسالة لمن سأكونه بعد سنوات



البداية:
لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغنيه

متن:
على فرض أني تجاوزت الزمن .. والسنوات وجميع الفصول .. على فرض أني صافحت من سأكونه بعد سنوات .. ذاك الذي أتمنى له السعادة والحياة .. ولخطواته التأثير وطيب الأثر .. ولقلبه الراحة .. ولأخطائه الصفح والغفران ..

ذاك الذي أشفق عليه من الحمل الثقيل الذي سيكسر ظهره .. مع أحلامٍ تضخمت وأمنياتٍ احترق بعضها من طول الأمل وتبقى بعضها على قائمة الانتظار.

على فرض أني أكتب الآن لتقرأني بعد حين .. افرش لك الخيارات لأنك الحقيقة التي أتمنى أن أكونها وأعيشها، تجاهل كبريائي الذي دائمًا أتنازل عنه .. فأنا احترفت خوض المعارك مع نفسي وقلّما اهزمها .. لهذا أنا "ربما" لا أتقدم للأمام.

ولأنك الحقيقة .. فاعترفاك بالإمتنان تجاه الآخر يعني أنك معه أصبحت أجمل
يعني أنه ساعدك لإيجاد نصفك .. لملم شتاتك فأصبحت "أنت" ..لكنه لم يُكمل نقصك ولم يخلقك من جديد ..  ولو لم يفعل لفعل ذلك الوقت والزمن .. فكل شيءٍ مرهونٌ بالانتظار.

 إيّاك أن تسمح له أن يفعل بك مايشاء .. فلا تخض عنه الحروب بالوكالة وأنت لاناقة لك فيها ولا جمل .. فمن يعطي لاينتظر ..  وليس كل جميل نقابله بالتجرد من ذاتنا ومبادئنا شكرًا وعرفانا .. وازن أمورك فكل شيءٍ بمقدار.

والجحر الذي تُلدغ منه مرتين لايُقلل إيمانك .. واجهه ولاتخشاه فمن اعتاد اللدغات يستوي معه طعم الألم .. فإما أن تتعايش معه أو تسلك طريقًا آخر لكن إياك والخوف فلاكل خطأ موت ولا كل فشل نهاية .. نحن خُلقنا لنعيش تلك الآلام والإخفاقات ثم نتجاوزها فنسخر منها ونضحك

ولأنك ستعيش مرة واحدة .. استمتع بإخفاقاتك ومارس فشلك وكرر أخطائك فهذه فطرتك بالحياة "كل نفسٍ ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون"

وكلما ارتفع ضجيج المكان من حولك .. وتفجرت براكينهم وتناثرت حِممهم .. اهرب لزاويتك الهادئة .. تأمل المشهد وحكم عقلك .. وصُمْ عن الكلام عندما يصمّون آذانهم عن السمع .. فإذا انتهى طوفانهم من الهذيان ادلو بدلوك واغنم ماءك .. ثم اروي عطش رغباتك وفضولهم وغادر برفق .. 

وحسد البعيد تغافله فأمره لايعنيك .. لكن مالجدوى مع حسد وحقد القريب ؟
هجرانٌ بمعروف ورحيلٌ بإحسان ومناجاة الله رب العالمين "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ"
فظلم ذي القربى لاعلاج له فاستره أنت ولاتصن رحم من استرخص كيانك .. فلاحياة بلاكرامة وتحمل ذنب قطيعتهم فالله غفورٌ رحيم.

وكلما شعرت بالإنكسار .. مارس الكذب في سبيل كبريائك .. لاتُشعر الغائبين بشوقك إذا كان هذا قرارهم .. مثّل اللامبالاة بمسرح الحياة .. اتقن دورك بحزم وحين يُسدل الستار .. تُه بين دفترك وأوراقك .. واستمتع بعطرك وتأمل صباحاتك .. فجفاف مشاعرهم لن يرويها كرم عطائك ..
 
غالبًا .. من نناديهم على وجه الخصوص لايلبون النداء "جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا" 
ولأن لامبررات للغياب ولاعذر .. عش الحياة واحترف التجاهل.

وقبل الختام .. 
لا أعرف أي جسدٍ ستكون .. هل بنحافتي اليوم أو أن تغييرًا سيطرأ .. لكن أيًا كان .. استمتع بالرياضة .. فوزنك الوراثي ليس عائقًا لممارستها .. حتى وإن لم تحبها .. فهي سبيلك لضبط إيقاع مزاجيتك فالقهوة وحدها لن تسيطر عليك .. 

و.. دمت بمحبة .. يا "أنا"
 
إضاءة:
"يُعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تُقلبون"

آخر السطر:
واحفظها يافهيد "من لايعظّم حضورك لاتستكثر غيابه"

دويع العجمي
@dhalajmy

السبت، 5 سبتمبر 2015

حين أرحل

حين أرحل

البداية:
"قد جعل الله لكل شيءٍ قدرا"

متن:
يحدث: أن يرحل أحدهم فجأة .. دون وداع .. ولامؤشرات للرحيل .. فتتحطم كل ملذات الحياة في عينك وتتساوى ألوانها وتفقد نصفك ونصفك الآخر يتثاقل حملك حتى لو بذلت مجهودًا إضافيًا لتقول عكس ذلك .. وكلما ترحم أحدهم على من فقدت .. تكرر انكسارك .. تُحدق بالسقف وتتصنع اللامبالاة .. وتنتظر الوقت يمضي لتعود للحياة.

للموت فلسفة لا أفهمها .. وللرحيل انكسار يُعيدك لمربع الطفولة .. تحتاج لحضن يُخفف ألمك وكلمة تجبر مصابك .. تعتنق عزلتك لتُعيد لملمة شتاتك .. تُعيد تقدير الأشياء من جديد .. وقد تعود شخصًا آخر ربما لا تعرفه لكنه حتمًا أنضج مما كنته .. تتنازل عن أشياء وتهتم بأشياء وتستغفر الله رب العالمين .. 
تترقب بصمت وأنت تعلم أن الراحلون لايتألمون .. الأحياء وحدهم من يتألم ويحزن
نُعيد قراءة رسائلهم القديمة .. نتحسس أرقام هواتفهم .. نتأمل صورنا معهم وفي كل مرة نراها بشكل وطعم مختلف .. نضمها بحنين يقطع قلوبنا .. نبكي بصمت .. ونمسح دموعنا بخلوتنا كي لايرانا أحد .. فالرجل الشرقي لايبكي وكأنه خُلق من حجر..

ومع الحزن والألم .. أقطع تذكرة الغياب .. أرحل بصمت .. أخشع بالسكوت .. ولايبقى مني إلا ظلَي .. فقدت نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم أنسيا.

في الغياب والرحيل:
أغيب..
لأصرخ بذاك "الضمير الغائب" علَه يعود .. أراجع خطواتي ومابقى لي في هذه الحياة .. من أخطأت بحقهم ومن جرحتهم بكلمة .. ومن منعني كبريائي الساذج من الاعتذار لهم .. وتطهير سوء الظنون بأولئك الباقون.

أغيب..
لأعود وقد كبرت سنوات .. فالحزن كاد يقتلني .. وقلبي لايتحمل تلك النهايات .. ولأني مؤمن بقضاء الله أعطيت الوقت مجاله ليُعيدني لذاتي وقلمي وبقية أوراقي

أغيب..
لأعود معبرًا عن عاطفتي تجاه اللحظات .. فإن فرحت حلَقت للسماء .. وإن حزنت أخلصت لألمي ووجعي .. "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك" فتلك قسمتي من السعادة .. وهذه حصيلتي من الألم .. والله بكل شيءٍ عليم

أغيب..
لأشكر الله الذي ستر عيوبي وذنوبي وخطاياي .. وأنا الشقي الذي يكرر أخطاءه ويلدغ من الجحر مرتين وثلاث ولأن لي رب غفور فأنا تحت رحمته ممارسًا لآدميتي الناقصة فالملائكة وحدهم لايُذنبون

وحين أرحل..
لا أريد أن يتألم أحدًا لفقدي .. تكفيني الدعوات الصادقة بالرحمة .. ويكفيني التغاضي عن حماقاتي وأخطائي .. فلست صنم لايشعر ولا ملاك لايُخطيء .. "إنما أنا بشرٌ مثلكم" .. فانسوني بهدوء.

وحين أرحل..
سأشكو الله قسوة من أخلصنا لهم وخذلونا .. ومن ظلمونا وشوهوا جمالنا .. ومن دنسوا بياضنا بأحقادهم وحسدهم .. ومن عظّموا زلاتنا وفرحوا بها .. وهذا كله باقٍ لهم .. "ووجدوا ماعملوا حاضرا"

وحين أرحل..
سأقول لـ "سعود الدوسري" أني كنت أعتقد بأن الأحزان العظيمة انتهت برحيل والدي .. لكنك أثبت وجودها برحيلك .. وآلمتنا حتى خشعت لله متضرعا .. "أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"

فاصلة،
إن ضحكت .. إضحك بصدق
وإن حزنت .. أنصف حزنك
وإن أحببت .. عبَر بلاخجل
كن كاملًا ولاتنتصف .. فالحياد بالمشاعر موت ويقين
واحفظ الامتنان للرائعين .. واشكر بقاء المحبين
وإن أتيت .. فاحضر كلك
وإن غادرت حياة أحدهم .. غادر بحزم .. بكل مافيك ..
عش كل المشاعر بوضوح .. لاتكتمها فتغرق ببحر الكآبة .. واستشعر الأمل واستبشر بالغد .. فكلٌ ملاقي ماكُتب له.

إضاءة:
"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"

آخر السطر:
ليت من رحل يافهيد يرجع "بدعوة" .. والله يرحم الغالين

دويع العجمي
@dhalajmy