الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

وأنا والله في خاطري شي



وأنا والله في خاطري شي

البداية:
"لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه"

متن
هو رمضان .. شهر الخير البركات
عاد لتعود معه طقوسه التي لاتُشبه سواه
سكينة بالنفس وطمأنينة وفرصة لتجديد الذات
 وعادت تقاليدنا التي لاتنقطع ..
تراصصت الكتوف على مائدة الإفطار ..
كبيرنا يسأل "أحد غايب" ..
فأتت الإجابة "لا كلنا حاضرين" ..
وفي صمت مغلف بابتسامة تُخفي خلفها شوق الغياب وعينين تاهت حتى لايرى أحدٌ حزنها الدفين .. فضلت الإنصراف .. حتى لا أعكر صفو فرحتهم

لا .. هناك غائب ..
هناك من حطم بغيابه كل نشوة فرح بألم الحنين .. صحيح مضى زمن طويل ولكن مالعمل ..
يحضر في كل مرة أحاول على الأقل نسيانه ..
هذا رمضان التاسع عشر الذي يمر من دونه ويبقى والدي أعظم الراحلين ..
ذكرياتي معه ليست كثيرة؛ ومع ذلك صورته لاتغيب وصوته لاينقطع ..
 فيارب اغفر له وارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة يارب العالمين

( وأنا خاطري ماعاده بطيب )
كان قد انتهى للتو من دورة هندس رمضانك ..
اتصل بي يخبرني عن ترتيب المساجد التي سيعتكف بها ..
سألني وأنا الطالب المغترب حينها "متى ستعود" .. كنت على أمل أن ألتقي به ..
لكن القدر كان أسرع .. جاءنا الخبر .. خالد توفى ودفانه غدًا !
وهذا رمضان الثالث على رحيله .. فقدنا أخًا وصديقًا لم نعهد منه الا الكلمة الطيبة والابتسامة .. خطط لرمضان ولم يبلغه ولايزال كثيرنا يُطيل الأمل بدنيا الغرور .. علمني رحيله أن أعيد التوازن لحياتي .. ماعدت آبه لسطحيات الأمور .. وعدت لمصافحة حتى من كنت أكرههم فمالدنيا إلا متاع إلى حين .. بعض الصدمات تهزنا لتجعلنا أقوى رغم الألم .. فيارب ارحم من هندس رمضانه ولم يبلغه برحمتك يارب العالمين

( وفي خاطري شيٍ ماينحكى )
بدعوة من ثانوية خالدة بنت الأسود لمشاركتهم تكريم خريجاتها حضرت ..
 رأيت تلك الغصون اليانعة المقبلة على الحياة
والمحبة الصادقة النابعة من قلوبهم تلك القلوب الخالية من أمراض الحقد والكره والحسد ..
موقف نبيل منهم بإرسالهم روب التخرج لزميلتهم المسافرة إلى لندن للعلاج برفقة والدتها لتظهر على شاشة العرض بالقاعة مرتديةً قبعة التخرج
وبمقطع مسجل من لندن قالت كلمات بحروف الحزن وبصوت يخشى الانكسار تبارك لهم من هناك وتتمنى لهم التوفيق لترد دموعهم بصمت
 "وبعض الصمت أبلغ من القول"

وفي حفل تكريم طلبة الجامعة .. أصروا الطالبات على تكريم زميلتهم الراحلة "عائشة" والتي توفت قبل الإختبارات بأيام بعد صراع طويل مع المرض وهي في قمة التفوق .. عرضوا آخر رسالة كتبتها لهم قبل دخولها لغرفة العمليات
كتبت خلالها أنها لن تنساهم وتتمنى لهم الخير وختمت "عسى ربي يعوضني بلقاكم بالجنة" وكأنها كانت تعلم بقرب الرحيل فكانت تلك آخر الكلمات .. وفي فرحة تخرجهم أجهش الجميع بالبكاء .. فيارب ارحم من غاب عنا وأكرم نزله وانت أرحم الراحمين

( وياشين خاطري وياثقل دمه )
كل هذه المقتطفات حدثت خلال شهر رمضان
ألم الفقد لايوصف
ووجع الغياب لايُحتمل
ومافهمته مؤخرًا أن الحياة لم تدم لمن قبلك لتدوم لك ..
إن حزنت اليوم فتأكد أنك ستفرح غدًا ..
 وإن أضاءت ضحكاتك قناديل المساء فلا تعلم أي دموع حزنٍ ستذرفها في ذاك الصباح ..
 لاشيء يستحق وقوفك فلاتحسد ولاتحقد..
واعلم أن كل مالم يكتب لك هو الخير في أمرك ..
عش بين التفاؤل والحزم ..
من يقلل من شأنك ويكره خطواتك بالحياة عليك أن تقصيه من أولوياتك فهو لايستحق وقتك ..
لاتجامل على حساب سعادتك وراحتك ..
ومن قرر الرحيل عنك ودعه بابتسامه وتمنى له الخير وليكن يقينك أن الحياة كالمطار بها راحلون وقادمون فلاتعلق قلبك بالبشر ..
وإياك ومقارنة حياتك بالآخرين فهم لهم أقدارهم وظروفهم وأنت لك أقدارك وظروفك .. أحب حياتك كما هي وأسعد نفسك فأنت لن تعيش الحياة مرتين

وبمناسبة حلول شهر رمضان
إياك وأن تصدق تجّار المثالية وبائعي الوهم بالتسامح مع من اخطأ بحقك مالم يعتذر
لاتبذل المستحيل لمن لايبذل لك الممكن
فالتسامح شيء والذل شيء آخر ..
فلاتساوم على حساب كرامتك.

إضاءة:
وامسح بمناديل الصبر دموع اليأس فأعظم ماتواجه به خذلان الحياة .. ابتسامة"

آخر السطر:
كلنا بنروح يافهيد .. ولايبقى غير الذكر الطيب .. بس ليتك تسمع

دويع العجمي
@dhalajmy

هناك 3 تعليقات: