الثلاثاء، 28 يوليو 2015

رسالة توبيخ لمن كُنته قبل سنوات



البداية
"ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"

متن
إلى حالم الأمس الذي بسببه أتألم اليوم..
إلى الطفل الساذج الذي يختزل عالمه بلعبة يرميها متى مّل وجودها بين يديه..
إلى ذاك الذي حلَق بطموحاته للسماء وتعدّى حدود جاذبية أرضها..
إلى من أُلملم شتاتي بسببه .. أكتب.

ماكان أبي امرء سوءٍ وماكانت أمي بغيا
لماذا آلمتني للحد الذي معه خجلت من تواضع حصادي ؟
تجاوزت الواقع ورددت "لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" 
فكلفتني فوق استطاعتي نحو تحقيق المستحيل متناسيًا أن زمن المعجزات ولّى ومضى!

ماكان ينبغي أن تتخيل الحياة بهذه السهولة فهي أصعب بكثير من أن تختصرها بقلمك ودفترك 
لا كل مانتمناه نُدركه ولا كل مانسعى إليه نبلغه وليس بالضرورة أن يكون لإخفاقاتنا أسباب فهناك فشل لايخضع للتنظير ولا منطق الأشياء ويكفيك أن تعلم بأنها إرادة الله "والله يعلم وأنتم لاتعلمون"

كان يكفيك أن تُلبسني ردائي بمقاساته الصغيرة الذي يُناسب جسدي النحيل وهو كافٍ بأن يسترني !
وخطك الموصول بين بدايتك ونهايتي ليس مستقيمًا كما رسمته بل متعرجًا بين قاعٍ وواد وأشياء أخرى لم تحسبها لأنك تغاضيت عن الحقيقة لأواجهها اليوم بقلة الحيلة..
 وما بين سهولتك وصعوبتي واقع تجاهلته أنت فعايشته أنا ويُسرك في بلوغ النتائج حطّمه عُسري في سبيلها .. ولهذا شقيت.

كان يكفيني أن تضعني بهامشي الأكثر وضوحًا من عناوينك المبهمة 
كان يكفيني لحافي القديم فهو أكثر دفئًا من معطفك الفاخر والذي ترتديه لتستر نقصك وحبك للمظاهر
كان يكفيني أن تحلم بما يتناسب مع إمكانياتي وقدراتي فأنا لم أُخلق لأشقى ولكني بسبب غرورك شقيت.

وماذا بعد ؟
علي أن أُكفّر عن سوء عملتك واستغفار ذنبك ومعصيتك..
علي أن أُعيد ترميم الصدع الذي كسر إرادتي لأنطلق من جديد.
علي أن أكون مؤمنًا كفاية حتى لا أُلدغ من الجحر مرتين..
فمن سأكونه بعد سنوات لايستحق أن أُرهقه بسذاجة رغباتي بل أن أضعه في سبيل "الممكن" وفق واقعي الذي أُعايشه وليس ما أحلم به .. هذا على فرض أني عشت لذاك الحين.
ومن سأكونه يجب أن يسير على أرض حقيقته .. لا أن يُحلّق بسماء الخيال
ومن سأكونه عليه أن يحترف ترويض جشعه بالقناعة وطمعه بالرضا وأن يكتفي بالقليل الذي يُغنيه ويُخمد جهنّمه التي تبحث عن مزيد..

نعم .. الحلم جميل ..
 لكن ليس للمدى الذي يجعلك تُعلق أحلامك المنفوخة على سقف اللامنطق ..
فسقوطها وصوت ارتطامها المدوي سيُصحيك من غيبوبة السعي من أجل المستحيل كما صحيت أنا ولست بمذنبٍ ولكن من كنته بالأمس عصيّا.

نعم الطموح جميل .. لكن ليس لدرجة أن تتجاهل حقيقتك وتضع نفسك بمكانة أعلى من قدرها فتشقى
نعم الأمل جميل .. لكن ليس للحد الذي تتوقع أن تبلغ مكانة من بلغوا فلكلٍ منا ظروفه وأقداره والله بكل شيءٍ عليم
فقد تتمنى وترغب ولكن ماكل ثمرٍ آتٍ أُكله فقوى الطبيعة لاسلطان لنا عليها

لكن..
ستبدو رائعًا .. لو عرفت وزنك وعرفت حجمك ومقاساتك
ستبدو مذهلًا .. لو أدركت أن واقعك الذي ترفضه ؛ تغييره ليس بمعاندته بل بالتكيف معه.
وللأسف هذا مافهمته .. متأخرًا 
ولكني تعلمت .. وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون.

إضاءة:
الرائعون هم أولئك الذين يُجيدون تقدير ذاتهم ولايتجاوزونها.

 آخر السطر:
ماكل الليالي يافهيد .. طيبات وتساهيل

دويع العجمي
@dhalajmy

الخميس، 23 يوليو 2015

صحيح أنها تبنّتني .. لكنها تبقى أمي



البداية:
"ولاتقل لهما أفٍ ولاتنهرهما"

متن:
تبنتني عندما ارتميت بأحضانها بلا اختيار ..
نسبتني لها وأنا معلوم النسب ..
أطعمتني من زادها وفتحت ذراعيها لتُغدق علي من حنان الأم الذي طالما افتقدته ..
لم تُفرق بيني وبين أبنائها ..
أحسنت إلي عندما تفوقت بمدارسها
وعالجتني ولم تسأل عن الثمن
وكلما اشتد ألم عيني كانت أول من يقف إلى جانبي لتمسح بكرمها فقر الأيام وقسوتها وتنسيني يُتمي المبكر وتعاسته،

 وكلما رماني أحدهم بعنصريته
وذكّرني أني لست منهم
كانت توبخني على الإنكسار وتزرع فيني الثقة وكيف أتجاهل هؤلاء وأن في تجاهلهم مكرمة .. وكان ذلك.

زرعت فيني الأمل وأن بالاجتهاد والسعي نبلغ أهدافنا وأن كل نجاح يبدأ بحلم ومن يريد بلوغ مكانة الناجحين عليه أن يهجر مجالس الفاشلين .. وكان ذلك

كانت تقسو عليّ كلما صفعتني الأيام وأثقلتني الهموم بضيق الرزق .. فهي لاتحب أن تراني محطمًا بنصف جسد وبلاروح .. كانت تحبني عظيمًا وناجحًا .. وكان ذلك. 

لها أغني وأكتب
غاليتي ( الكويت ) التي ولدت على أرضها وعشت بين أسوارها وهتفت بمدارسها "تحيا الكويت" ، رفعت علمها ورددت نشيدها ورسمت على ترابها خطواتي بكل عمر .. غادرتها عندما كبرت لأن أحلامي الكبيرة تبدأ من عودتي لحضن وطني الأم رغم الحنين الذي يشوقني لمعانقتها من جديد .. غادرتها ولازالت باقية بالقلب والروح فمع كل ذكرى تبرز ملامحها وأبراجها وشواطئها .. ومع كل صرخة ألم كنت أول من يتألم من أجلها .. كم حزنت على مرضها وعقوق بعض أبنائها لكن بحنانها احتضنت الجميع ولازالت .. صحيح أنها تقدمت بالعمر لكن أبت إلا أن تبقى عروس الخليج بتجاعيدها التي زادتها جمالا وحشمة ..حتى الزمن انحنى لها خجلًا فهي لازالت جميلة رغم المرض الذي ألمّ بها .. نعم قد تكون تأخرت بمجالات كثيرة لكنها تبقى بعبق الماضي شامخة رغم أنف الحاقدين.

إلى أمي الكويت مع التحية:
علّمتِني أن اعتز بسعوديتي وكيف ارفع رأسي بفخر .. 

علّمتِني أن جحود الكرام رذيلة .. 

علّمتِني كيف أرد عندما أُسأل أي الغاليتين أغلى جنسيتي السعودية أم هويتي الكويتية فكان الجواب كلتا العينين غالية ومن يفقد إحداها يُحرم من متعة البصر

علّمتِني كيف أقف على قدمي بعد كل خطوة فشل وكلما نفخني الغرور همستي بأذني "إيّاك .. فأنت لاتملك مايملكون" لأعود لحجمي الحقيقي ومن هنا يأتي النجاح

علّمتِني أن الواقع مر أحيانًا لكن التعايش معه أفضل من الوهم الذي يجعلنا نحلم بما هو أعلى من إمكانياتنا وقدراتنا فيُصيبنا اليأس

علّمتِني الحقوق والمحاماة .. وليس مهمًا أن استرجع حقي بيدي بل أن أعرف أين حقي وكيف أحافظ عليه
علّمتِني أن لغة الحب تنتصر مهما ارتفع ضجيج الكراهية

علّمتِني كيف أكون استثنائي بعاديّتي  

علّمتِني أنك بارة بأبنائك ولو هاجروا ورحلوا .. لكن ستبقين الأم التي أحب وأعشق واسأل الله أن يديم عليكي الأمن والأمان ورغم الرحيل تأكدي .. ذات يوم سنلتقي وسأقبل ترابك .. أعدك بذلك. 

إضاءة:
"والمرء على دين مولده، يولد فيصبح له وطنا"

آخر السطر:
مايجحد الطيب يافهيد إلا قليل الأصل والدين

دويع العجمي
@dhalajmy