الأحد، 22 مايو 2016

إلى البلاد التي تكره نفسها

 


البداية:
"الإحترام يُعطى .. ولايُطلب"

متن:
ليس لأن الغرور وصل ذروته فنتجت هذه السطور، بل بلغ الصبر حدًا يفوق الاحتمال من ممارسات إخواننا بالجغرافيا واللغة في هذا الوطن العربي البائس

بعد حياة بين أوروبا وأمريكا عدت لأزور مصر في مهمة عمل، أفاوض وأوقع العقود
بالمطار وعند أول خطوة وصول ينتشر حولك كم هائل من البشر، الكل يريد أن يظفر بك
تشعر وكأنك فريسة وقعت بين مجموعة ذئاب تتصارع لتنهش مافي جيبك بكل السبل إن استطاعوا لذلك سبيلا فلن يوفروا شيء

وعند أول سائق أجرة يدقق بملامحك ليعرف هل يبدأ بمشروع استنزاف أموالك أم لا
وعندما يتوه بخريطة ملامحك وجنسيتك 
يستدرجك بالحديث ليعرف لهجتك 
فإن كنت من الخليج العربي فأهلًا بك بمغارة علي بابا

فاجأني بوقاحته وعرض خداماته الجنسية المتوفرة بكل الأعمار والأشكال ؟!

سائق الأجرة الآخر في ثاني حوار بعد الترحيب 
استفسر مني:
عاوز تسهر فين؟

وفي الشارع .. من لباسك المرتب يُميزونك أنك من تلك البلاد التي تُمطر أوراقًا نقدية 
فتُعرض عليك كل الخدمات بين السهر والجنس والحشيش؟!

النيل بائس .. 
المباني تعيسة فاقدة للبهجة .. 
الطرقات كئيبة والفقر منتشر بكل الأزقة !!
المطاعم متسخة والأكل غير طيّب!
هل هذه مصر التي يقصدها السياح ؟؟
على ماذا؟

لا طبيعة خلّابة ولا أماكن جذّابة .. 
أما الشوارع والسيارات فلانظام ولا التزام بقانون السير
وكأن القيادة ليست ذوقًا وأخلاقًا !

وأنت بينهم جهاز سحب آلي عليك أن تمشي وتدفع وياللأسف ؟!

في المغرب وبدعوة من دار الثقافة حللت ضيفًا بثاني أيام الملتقى 
قلت لصديقي أريد أن أتجوّل بشوارع العاصمة
وليتني لم أفعل

فمع كل خطوة عروض هائلة ومغرية لسهرات وبنات ليل !
الكل يراك حيوانًا بلاعقل جاءت بك غريزتك !!
هذا ونحن مدعوين من دار الثقافة .. 
وبئس الثقافة لشعوب لاتراك إلا مخلوق نصف آدمي ونصفك الآخر وحش متجرد من الفضيلة والدين والالتزام !

وعندما جئت لبنان بدعوة من إذاعة صوت الغد .. 
وهم الشعب الأكثر رُقيًا وهذا على فرض وافتراض..
اتصلت بصديقي بأمريكا لأستفسر هل وصله أجار المنزل
فمن يشاركني السكن شاب أمريكي من ولاية "تكساس"
ونحن ندرس بـ "مونتانا"
 وعندما فرغت .. قال السائق بتهكم:
اسم الله بتحكي إنجليزي منيح!

ليس سوء ظن لكن لأن لدينا من الذكاء الوجداني مايكفي لنفهم المقصد والمعنى
فهم يستكثرون عليك ثقافتك ..
وشهادتك .. 

 تتنوّع الجغرافيا .. والنظرة هي ذاتها:
كائن حي غبي كثير الأموال بلاعقل تُحركه غرائزه

وكأن ليس لدينا هموم ولا أحلام وأهداف نحققها بحياتنا؟
ولا دين نلتزم بتعاليمه وإن قصّرنا ؟
ولا عادات وتقاليد وآداب عامة تربينا عليها؟
فمالذي يحدث !!

إخوتنا باللغة والجغرافيا العربية:
نعم نحن لسنا ملائكة .. 
لكن أيضًا لسنا حيوانات غريزية تبحث عن شهواتها ؟
وبلادنا التي تسبح على محيط من البترول لايصب من "حنفية" منازلنا ؟
نحن نعمل ونتعب ونستلم راتبنا كما أنتم ؟
لدينا أقساط ندفعها
وأغلبنا مُرهق بالديون؟
آجاراتنا عالية وتكاليف المعيشة غالية ولكننا نعيش.

أغلبنا متوسط الحال .. وليس كما تتوقعون!
ولدينا عقليات عظيمة وشباب مثقف تعلم واجتهد ولم يشترِ الشهادة كما تتصورون !

وتلك هي الحقيقة التي ربما ترونها لكنكم تكابرون على الاعتراف بها
وكأن يجرحكم ذلك؟

ليس لنا يد بتعاستكم .. 
ومشاعر الحقد وفروها لشيء يستحق
لا لمن يُفترض أنهم إخوتكم كما تدعون !

وقبل أن يقول قائل منهم فلماذا قصدت دولنا إذًا ؟
عذرًا .. لم أقصدكم سائحًا بل أتيت بدعوات من جهات ثقافية وبعضها بمهمة عمل

وسؤالي الذي لازلت أطرحه:
على ماذا يسافر بعضنا إلى الدول العربية الكئيبة الفاقدة للبهجة ؟
فبلاد الغرب أجمل طبيعة وأجواء وتكاليفها أرخص
وتعامل شعوبهم المختلفة عنا دينًا ولغة أفضل وأرقى ،
على الأقل هم يحترمون آدميتك 

وليس لأن عيني ضيقة فأُظهر قذارة غسيلنا
لكني عشت بأمريكا ولا أذكر أن أحدًا عرض علي خدمات ليل رغم كل الانفتاح الذي هم فيه !!

قد أكون قاسي بما كتبت .. لكن ليعلم الذين يستغفلوننا أننا لحقيقتهم مدركون 
ونأسف أن يكون الوضع هكذا لكنه الواقع
فتحملوا صراحتنا قليلًا ..

إضاءة:
من لايُوّقر كيانك لست ملزم باحترامه

آخر السطر:
أي دولة عربية تروح لها يافهيد قولهم إنك فلسطيني .. سكّر الباب من أوله.

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 8 مايو 2016

ساعات .. ساعات



البداية:
"ساعات ساعات .. أحب عمري وأعشق الحاجات"

متن:
ومنها لابد
خلوة الذات والشعور
عندما تتجاوز محيطك
وتهرب من رتابة اللحظات والوجوه
وتسرق الوقت
 لتتنفس الحياة بشكل مختلف
تتأمل خطواتك.. تُصوّب أخطاؤك
وتُغيّر ماتظنه سيّء
وتُلملم بقاياك
وتمارس هواياتك بتلوين أحلامك وتزيين المستقبل
حتى وإن كنت تعلم أن الواقع شحيح بتحويلها لحقيقة
ومع ذلك لابأس ..
فمن الإحسان أن تُشعر نفسك بالرضا
حتى وإن كان على سبيل الساعات المؤقتة
وهذا يكفي

وبين الساعات والساعات
لاتعد همسات الدقائق
اترك الوقت يمضي كما يشاء
فلاالفرح دائم ولا الحزن مستمر

علّمتني عقارب الساعة
كيف تصبح نقطة البداية .. هي النهاية
وكيف تُعيد تحويل النهايات لبدايات جديدة
ومع هذا تستمر بالمسير ولاتكترث
تتغير الفصول .. ولاتشتكِ

ومن عقارب الساعة
آمنت بقانون الدوران
كيف تعود الأشياء على صاحبها
إن أحسن .. أُحْسن له
وإن أساء .. فعليها

في حياتي لحظات كراهية مبعثرة 
كنت سأغتنمها شامتًا بمن أكره،
منعني خوفي من تقلب الأحوال وانعكاسها
فأذوق مرارة الكأس التي أسقيتهم منها
وهذا قانون الحياة فكما تسلطت بجبروتك يومًا
فعش ذلّة الدهر وتعاقب الأزمان

وبين الساعات والساعات
تأمل سكون الليل وهدوئه
ورتّل الكبرياء والشموخ ترتيلا
ولاتنكسر مع لحظات الحنين والذكريات
فالنفس إن كرهت .. لاتقوى على الحب
وإن نست .. قست
وزادها البعد جمودًا وجفاء
فاترك الأشياء حسب طبيعتها

وبين فضاء الصباحات
عاهد نفسك بثلاث:
لا تُعاتب غائب
ولا تُبرر اختيار
ولا تُرهق نفسك بالانتظار.

إضاءة:
والعسرُ واليسرُ أوقاتٌ وساعاتْ

آخر السطر:
ولاتلحق الغايب بكثر المعاتب يافهيد .. من غاب خله لين تلحقه الحسايف

دويع العجمي
@dhalajmy

الأحد، 1 مايو 2016

حدث في بيروت





البداية:
"وفي أنفسكم أفلا تتفكرون"

متن:
الحالة: مسافر إلى المكان الذي أُحب
الخيار: بيروت الفاتنة الجميلة
الساعة: العاشرة والنصف صباحًا
للتو وصلنا لمطار الحريري المزدحم،
الوجوه مختلفة والجوازات تنوعت ألوانها
الجميع يزور هذا البلد الذي يكافح من أجل العيش
رغمًا عن أنف السياسة الفاسدة والتي لم تستطع قتل ابتسامتهم

فالشعب هنا رغم الألم .. لايزال محبًا للحياة

نقف بطابور طويل والسير لايتحرك، بعد نصف ساعة من التذمر علمنا أن عطلًا حدث بأجهزة المطار جرّاء انقطاع الكهرباء المتكرر
انتظرنا وطال الوقوف .. جهازين فقط التي تعمل،
أمامي امرأتين ورجل
كبار بالسن
 يتحاملون على الزمن بالوقوف طويلًا حتى خانتهم السنين
فماعاد بالصحة بقية .. ولا للشباب عودة
فاشتكوا للضابط خلال مروره عن عدم قدرتهم الوقوف أكثر
كان صوتهم مليء بالتعب
فماكان من الضابط إلّا استثنائهم من الصفوف الطويلة وأمر بسرعة ختم جوازاتهم
وهذا أمرٌ عظيم .. فمثلهم يجب أن يُرحم شَيْبه
ويُحفظ قدره
ويُرحم كِبره

لكن الغريب .. 
عندما طلب شاب بالعشرين من عمره
من ذات الضابط أن يسمح له بالمرور سريعًا لأنه لايتحمل الوقوف!
فرد عليه بتهكم .. ولماذا لاتستطيع؟
هل تريد مساحيق تجميل لتعيد ترميم وجهك وأنوثتك
 ونأمر الموظفين بحملك لسيارتك ؟
ونهره بغضب: 
قف رجلًا وانتظر دورك

بينما الشاب يعبث بمحفظته 
قلت في نفسي حسنًا فعل
القسوة أحيانًا نافعة لجيل ليس لديه صبر
ويريد كل شيء بسرعة
ولايهتم لغيره .. وبينما أنا أردد الكلمات سرًا
أخرج الشاب بطاقة للضابط
وبنبرة منكسرة قال:
معي مرض السرطان ولا أتحمل الوقوف الطويل فنبضات قلبي لاتنتظم !

الذهول أصاب الجميع .. لحظة صمت لفّت المكان
حتى الرجل المسئول وقف ساكنًا
فاعتذر له بسرعة وبصوت الحسرة رفع يده للجميع واعتذر لنا عمّا حدث،

أخذ بيده وختم جوازه بنفسه وسار معه لخارج صالة القادمون .. واسدل الستار على هذا المشهد

وابتدأ مشهد آخر .. 
التحديق بالسقف وطرح التساؤلات التي لا أعرف متى تنتهي!
فمثلي لديه عاطفة شديدة تجاه الأشياء واللحظات، 

ياترى
 لماذا فرحنا عندما نهره الضابط ولم ننتظر أسبابه؟
حتى أننا لم نرَ مبرراته؟
قائمة طويلة من لوم الذات سطّرتها لنفسي .. 
وليتني أتعلم
وليتنا ننتبه لحماقاتنا ولانستعجل الأحكام

وعلى الضفة المقابلة من النفس اللّوامة تساءلت:
شاب بالعشرين من عمره مصاب بهذا المرض .. 
ماذا ينتظره؟
كم مرة يموت من شفقة الناس حال علمهم بمصابه؟
وكم صديق حقيقي يقف بجانبه ليُشعره بقيمته؟
وكم من الخيارات التي تنتظره ليقرر كيف يعيش حياته؟
رغم أني لا أعتقد أن أمثاله يتوه بحيرة القرار
فهو يعيش على قائمة الانتظار
فخانة "لائق صحيًا" في كل ورقة وظيفية 
ستجعله يعيش أسير الوحدة
يتنفس ويتألم وينتظر
وكل هذا بصمت .. فنظرة المحسنين تقتلك ألف مرة
وليتها تكفي

آهٍ على وجعٍ يُنهي الحياة باكرًا
وآهٍ على نفسٍ تتلذذ بما في يد غيرها ولاتشبع
وكلما حصلت على شيءٍ .. طمعت بالمزيد
وآهٍ على عينٍ لاتُبصر جمال الحياة وتعد نواقصها رغم كل الملذات التي تنعم بها
لكنها فطرتنا الآدمية الجاحدة
لاتقنع بالموجود .. ولاترضَ
صحة وشباب وأصدقاء .. فلماذا الحزن يانفسي التي لاتتعظ !

اللهمَّ لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد عدد الكائنات، وملء الأرض والسموات.


إضاءة:
اللهم اشفِ قلبًا أرهقه التعب وجسدًا أعياه المرض وعينًا أبكاها الألم

آخر السطر:
وكل ماكبر همك يافهيد قل الحمدلله .. حياتك يطمع بها ناس غيرك.

دويع العجمي
@dhalajmy