الاثنين، 9 فبراير 2015

فضيحة الشاعر المشهور وصديقي البار

البداية:
"ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون"

متن:
أعرفه منذ سنوات، صديقي دائمًا وأحيانًا لا أفهمه، جرئ وواضح ولديه نجاحه المهني الذي يُسعده، يحب الشعر ومتذوق جدًا له، يهوى تصميم الصور وكتابة القصائد عليها وكلما أرسل لي أبياتًا أسئله لمن فأجدها لذات الشاعر، يبدو أن صديقي معجب جدًا بشاعريته وإحساسه وفعلًا يستحق فلديه مايقدمه ومبدع بذلك .. فمالذي تغير ؟

من هنا بدأت الحكاية:
الشاعر نفسه لديه حساب في برامج التواصل، طبيعي جدًا أن يُضيفه صديقي فهو من جمهوره لكن ما صعقني هو أني وجدت صاحبي يشتم الشاعر ويكتب له كلمات مليئة بالتحقير والتطاول وفي كل مرة ينتهز أي فرصة ليُذيقه مر الكلام وسط حالة ذهول واستغراب وفي يقيني أنه لايزال يحب قصائده فماذا حصل!
في جلسة صراحة سألته: تحبه وتشتمه فكيف يجتمع المتناقضان؟!
حاول التملص من الإجابة وبأنه يضحك معه ويداعبه لكن لامجال لتصديق ذلك فما كُتب لاتخطه إلا يد الحقد والكُرْه ؟!
وبعد تحقيق طويل اتضح أن صاحبي لايحب منظر المعجبات حول الشاعر الشاب والشهرة التي حظي بها ؟!
لذلك هو يشتمه رغم اعترافه بأن قصائده تروق له ؟!

وخلف كل شتيمة .. ناقص
صديقي يشعر بالنقص عندما يرى جمهور هذا وذاك حتى لو لم يعترف به، فالنقص مرض يصيب المرء من حيث لايعلم ..
 والأمر واضح:
لا يشتم إلا ناقص ولا ويُسيء إلا جاهل 
أما النقد فهو بريء من كل هذا التحقير لأنه بشقّيه الساخر والصريح علم قائم بذاته يُبنى على علم ومعرفة وليس شتائم وإساءة ؟!
للأسف .. كثيرون في مجتمعنا يرفضون نجاح الآخرين ويُبررونها ويصنعون لهم ألف فضل وتوسل لبلوغ مبلغهم .. لا لشيء .. سوى أنهم بذلك يخففون عن أنفسهم ويُشبعون شعور الفشل بالتشفي بالناجحين وإن كانوا بمجال آخر.
مصيبة عقدة النقص فهي تُشعل النيران بالقلب فتجعله يحقد على من يعتقد بأنه أحق بنجاحهم وأنه لو توفرت له ذات الظروف لبرز نجمه ولمع؟
لكن صديقي لايعرف أن منصبه الوظيفي يتمناه الكثيرون ولايعلم بأن الله يرزق كل منا نجاحه الذي يستحقه ويسعده ولو شاهد الجانب الآخر من حياة الشاعر الذي يشتمه لرأى نواقص كثيرة لايملكها ويتمناها وقد يكون يملكها صاحبي ولكن أكثر الناس لايعلمون.

فاصلة،
النجاح أرض واسعة وفي سعة
ليس بالضرورة أن تقف الجماهير خلف نجاحك وتعيش تحت أضواء الشهرة
فمن يبدع بعمله ناجح .. ومن يبلغ أهدافه البسيطة ناجح
ومن يُكرم الناس بأخلاقه ناجح .. والحياة أجمل بكثير من أن نختصرها بتتبع خطوات الآخرين وتقزيمهم وتهميش إنجازاتهم.
وعلينا فهم فلسفة النفس وجشعها بطلب المزيد وترويضها لايكون إلا بالقناعة واليقين أن الله لايعطينا كل شيء وإن الإنسان "لكنود" يعد دائمًا نواقصه والأشياء التي حُرم منها ويتمناها ويغفل عن النعم التي بين يديه ومن أبصر حياته من نوافذ غيره لشاهد المُلْك العظيم.  
لكل منّا موهبته التي يتميز بها فالله لم يخلقك ليُشقيك ولكن تأمل قدراتك واكتشف ذاتك وأحب نفسك كما هي وكلما تمنيت الخير للآخرين رزقك الله راحة القلب والنفس ونلت الجزاء الحسن والنجاح الذي تستحق وتتمنى "والعاقبة للمتقين".
واعلم أن كل شيء بهذه الحياة خاضع لقانون الدوران
فهذا الشتاء يرتمي بأحضان الربيع
والليل والنهار متعاقبان
واليوم والشهر متلاحقان
وكل ماتزرعه من قولٍ وعمل يخضع لقانون الطبيعة وسيكون حصادك فإن ظَلَمت ستُظلم وإن أحسنت سيُحسن إليك
"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"

إضاءة:
ومن الإحسان أن تكف أذاك عن الناس فهم فيهم مايكفيهم"

آخر السطر:
تسب خلق الله يافهيد .. بسلط ربي عليك من ينتف زلفك

دويع العجمي
@dhalajmy 

هناك تعليق واحد:

  1. أبدعت،، بارك الله في قلمك وجميل تعابيرك

    ردحذف