الخميس، 23 أبريل 2015

فصول ومواسم: شتاء

فصول ومواسم: شتاء

البداية:
"أحبب فإنك مفارق"

متن:
ليلة شتاء باردة .. الجو ممطر والطريق مزدحم ، في طريقي لتوجيب دعوة عرس أحد المعارف والقيام بواجبنا الإجتماعي والتهنئة والتقاط صورة مجهولة المعالم والتي غالبًا ماتظهر مغمضًا عيني حتى بت أكره التصوير فعلاقة الكره بيني وبين "الفلاش" لاتوصف
أتسلل بعدها لطاولة القهوة لتضبط إيقاع مزاجي المتقلب ،أصافح الأصدقاء والمعارف ومن تشاء الصدف أن تجمعنا بهم.
أتنفس المكان وأتجول بوجوه الحضور وأتصفحهم إلى أن
جلس بجانبي بعد سلام بارد ومصافحة خالية من المشاعر، مر وقت طويل لم نلتقي .. بدأنا بالسؤال عن الحال وقائمة الترحاب الروتينية التي نحفظها ونكررها في كل مرة وإن كنّا لانعنيها، حاولنا المرور لموضوع نتحدث به وأفكار مشتركة بيننا فسُدّت كل الطرق فاكتفينا بابتسامة باهتة ومضى كل منا في حاله .. ثم .. انتهى اللقاء.

من هو؟
هو صديقي الذي لطالما تشاركنا الأحلام وعلّقنا سويًا أمنياتنا على السقف
هو شريك الخطوات والبدايات التي لاتكتمل إلا باستشارته
هو من كان يُشرق يومي معه في الطريق للجامعة وأودعه ساعة الغروب
هو مُدبر المؤامرات والمقالب التي أحيانًا تنتهي بمصيبة وكارثة

هو ذاته من جمعني معه في ليلة الشتاء الباردة لقاء هامشي  بلا ميعاد!
بعد صحبة دائمة ويومية امتدت لسنوات أبحر كل منا بعد التخرج لعالمه الخاص، عالمه الذي اجتمع فيه مع زملاء عمل يحملون نفس اهتماماته ويشاركونه ذات الإختصاص فتلتقي العقول ويصبح للحوار والنقاش لذّة، حتى هو انخرط في عمله ومجاله وبدأت لقاءاتنا تقل حتى باتت تمر الشهور لنكتفي بإرسال تلك الرسائل المعلبة الجاهزة للتهنئة بالمناسبات مذيلة بأسامئنا .. وهذا كل شيء

لايوجد سبب للنهاية .. لاضرر ولا خطأ .. فقط تغيرنا من حيث لانشعر ، ومن حيث لاندري انشغلنا مع صداقاتنا الجديدة فطوينا صفحة الأمس وطُوِيت معها أيام جميلة مليئة بالضحكات والألوان.
 
مؤلمة تلك اللحظات التائهة التي نحاول لملمة شتاتنا لنستذكر الماضي ونضحك لكننا لانقوى، فقد أصبحنا أكثر رسمية وتحفّظ وتقديرًا لذاتنا تحصن كل منا خلف أسوار خجله وغادر باحترام.

هو شيء لا أفهمه، حاولت تحليله فلم استطع، أشفقت على صداقتنا الراحلة كيف وصل بها الحال، فمن كان أقرب من الأنفاس بالأمس بات اليوم شخصًا آخر لا أعرفه وربما أنا كذلك تغيرت وهذا لايهم .. فالنتيجة واحدة وتقبلتها رغم الحنين. 

أشخاص كُثُر يغادرون حياتنا بلاسبب، ربما لأنهم وجدوا الأفضل أو ربما انشغلوا باهتمامات جديدة لاتهمنا 
وبين ربما وربما تتوه الكلمات .. لكن لابأس
فقد علمتني الحياة أن بعض العلاقات تنتهي بلاسبب و علينا أن نتعلم كيف نغادر حياة الآخرين مرفوعي الرأس

وحتى لانُخذل .. لاحاجة للبحث عن الغائبين فبعض العلاقات له تاريخ صلاحية وانتهاء؛ مضر جدًا الرجوع إليها بعد انتهائها .. فهم لن يعودوا كما كانوا.

وحتى لانُصدم .. علينا أن لاننتظر الكثير من أشخاص باتوا اليوم غرباء ولانعني لهم شيئًا.

وحتى لانتألم .. علينا احترام قرارهم بالرحيل ونحفظ لهم مامضى من ذكرى ونتمنى لهم الخير فيكفي أنهم غادرونا بلاجرح .. وهذا قمة الوفاء

فاصلة،
في الحياة أشياء كثيرة لاتخضع للتحليل والتنظير .. ليس بالضرورة أن يكون لكل شيء سبب .. فالإنشغال بمعرفة الأسباب يجعلك أسير الماضي .. لنقلب الصفحة ونبدأ من جديد .. هذا أفضل

لافتة:
إلى الراحلين من حياتي "حظًا طيبًا"

إضاءة:
أقسى شعور؛ أن تتحدث برسمية مع شخص كان الأقرب إليك

آخر السطر:
الناس بتعيش فيك وبلياك يافهيد .. عيّن خير بس

دويع العجمي
@dhalajmy

هناك تعليق واحد: