السبت، 15 نوفمبر 2014

درس جديد أُضيفه لقائمة حماقاتي

البداية:
"وإن لم يجدوا فيك عيبًا .. كسوك من عيوبهم ثم عابوا"

متن:
تروق لي البدايات وتؤلمني التجارب الفاشلة وإن كنت أخرج منها بدرس يقوّم إنسانيتي ويجعلني أفضل إلا أني أحزن على حالي فالأرق والليل ما إن يجتمعان إلا كان جلد الذات ثالثهم فاللهم عطفك ورضاك.

"حدث ذات يوم"
جمعتنا ملتقيات ثقافية كثيرة، لا أعرفه جيدًا ونكتفي بالسلام والسؤال عن الحال وتلك المصافحات الباردة وقائمة الترحيب المعلبة التي نرددها كنوع فاخر من المجاملات الإجتماعية، يبدو مثقفًا وقليل الكلام ومستمع جيد، هذا انطباعي الأول تجاهه وبعد كل محفل ثقافي يعود كل منا لينغمس بحياته ودوائرة علاقاته المنفصلة عن بعضنا

هاتفي يرن .. رقم غريب والصوت كذلك يبدو غريب .. عرفني بنفسه .. نعم هو .. الشخص ذاته الذي تجمعني به الصدف والمناسبات، اختصر سلامه ودعاني لتشريفه بديوانه .. أغلقت الخط بعد أن شكرته على الدعوة .. وبعد حين علمت أنه زميل صديقي المقرب بالعمل ومن الطبيعي أنه يعرفه جيدًا .. فماذا حدث؟

"وليت مسامعنا ماتصغي لكل حيٍ ينحكى به"
إيّاك .. فهذا متغطرس ومغرور ولايغرنك انطباعك الأول فالطيور على أشكالها تقع .. هذا مابدأ به صديقي عندما سألته عنه ؟
وأكمل: شخص أناني ولاينظر للآخرين بشيء ولديه انتقائية بالتعامل مع زملاء العمل و ... الخ قائمة التعرية التي جعلتني أكره هذا الشخص فأنا أثق بصديقي وحينها قررت اقصاءه من حياتي وكان ذلك فلم ألبي الدعوة وأكتفي بالرد على اتصالاته برسالة "عذرًا كنت مشغول" حتى اختفى اسمه ولم يعد يظهر على الشاشة "يتصل بك"

"وليت الندم ياصاحبي يعيد ماكان"
بدعوة من اتحاد الطلبة بأحد الدول الأوروبية حليت ضيفًا هناك .. كان موجود أيضًا .. نعم ذاك الذي عرّاه صديقي وكشف وجهه الحقيقي فأقصيته بتجاهلي .. وكأن القدر شاء أن يكشف قبح تصرفاتي فسكنا ذات الفندق
خلال السفر جمعتنا لحظات من النقاش والمواضيع فوجدته شخص مهذب ومحترم، عجبني عمق روحه الإنسانية وحرصه على الصلاة، لم يكن متغطرسًا ولا مغرورًا وكما قال ابن حنبل صاحبك من صحبته في سفر .. فالسفر ينخل البشر فيجعلك ترى عمقهم الفكري وشخصيتهم الحقيقية وهذا مازادني ألمًا وحسرة حتى بت أتساءل :
إذا كان بهذه الأخلاق والوقار فلماذا تكلم عنه صديقي برذيل الكلام؟

خلال حديثنا مع بعضنا أخبرني أنه ينتقي صداقاته بشكل جيد ولايحب العشوائية بعلاقاته وأثناء طرح اسم صديقي بشكل عرضي تكلم عنه بالحسنى وبتحفظ .. علمت أني اقترفت ذنبًا بالحكم على الأشخاص بأذني وليس بعيني فويلٌ للظالمين

"إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا"
نص رباني صريح يُهذّب النفس البشرية الأمارة بالسوء وهو عن الفاسق ومايرويه وبنظري أن كل من يتحدث عن الآخرين بمايكرهون هو فسقٌ عظيم
 النفس البشرية ليست واحدة وانفعالاتنا متغيرة، فقد تلتقي بشخص ولايكون ثمة خطأ بينكم ولكنك لاتحبه وتنفر منه وعلينا اليقين أن هذا من طبيعة الأشياء ومن موازين القلوب فنحن لانستطيع التحكم بمشاعرنا ولكن نستطيع تهذيبها، أن لايكون هناك تفاعل مع شخص ولانحبه ولايحبنا لايعني أنه سيّء ومتعالي بل لأن لكل منا اهتمامات وقناعات واسلوب حياة يختلف عن الآخر ناهيك على أن أبناء الكار الواحد والمهنة الواحدة قلما يتفقون فدوائر الحسد والغيرة من طبيعة البشر.
صديقي المقرب هو شخص جيد بالحياة ولكنه لم ينسجم مع هذا الناجح والناضج وكلاهما جيد باسلوب إدارته لأموره وذاته ولكنهما لايلتقيان فكريًا.
ليس هذا المهم .. فالأهم أنني وقعت بذنب عظيم بحكمي على هذا الناجح بما سمعت دون أن أرى منه وأحكم وكثير منا يقع بهذا التصرف الأحمق وعلينا أن لانهتم لما نسمع بل بما نرى ونعطي الآخرين فرصة لنحكم عليهم وبعدها نقرر ما إذا كانوا يناسبوننا كأصدقاء ومعارف أو نمضي بحياتنا التي لانعرف متى نتعلم وننضج ونتوقف عن السقوط بمثل هذه الحماقات الساذجة


فاصلة،
في كل مرة أعد نفسي أن أكون شخصًا جيدًا على الأقل بإنسانيتي التي انتمي إليها سرعان ما أكبو وأتعثر ليصحبني الليل برحلة مع تأنيب الضمير وجلد الذات .. لابأس درس جديد أتعلمه من قائمة حماقاتي الكثيرة ونسأل الله المغفرة لكني عزمت على أن لا اسمع من أحد وابني حكم على الآخرين بما يقولون فأنجح الناس هم أولئك الذين لاينشغلون بغيرهم أما أذكاهم فهم الصّامون آذانهم عن كل قبيح يروى بحق الآخرين.

إضاءة:
علمتني الحياة أن أعظم قرار نتخذه هو كف أذانا عن الآخرين فالناس فيهم مايكفيهم.

آخر السطر:
ومايحكي بك يافهيد الا اللي عاجزٍ عن علومك

دويع العجمي
@dhalajmy

هناك تعليقان (2):

  1. يا سلام مبدع يا استاذ دويع

    ردحذف
  2. يصحبني الليل برحلة مع تأنيب الضمير وجلد الذات..... واقع مؤلم

    ردحذف