الاثنين، 13 أكتوبر 2014

بدوي سنة أولى حب


البداية
"سينتهي الحب ويبقى الحنين .. إلى حين"

متن:
العام الدراسي على الأبواب، أنتظر بشغف ،فهذا العام ليس كبقية الأعوام لأني ودعت المدرسة واستلمت بطاقتي الجامعية وبت طالبًا بالسنة الأولى بذاك المجتمع الجديد.
كنت للتو صافحت عامي الثامن عشر، متحمس ومقبل للحياة، مراهق صغير ، بدوي تقليدي لايعرف المكوث بالمقاهي والتجول بالأسواق وكثير وقته في مجلسه منصت لأحاديث "شيبانه" الذين علمتهم الحياة خبرة أهم بكثير من الشهادات وأسوار الجامعة.
مجتمعي الصغير المتآلف شبه مغلق على عادات وتقاليد تربينا عليها حتى باتت مقدسة ونعتقد أن التحرر منها هو من الموبقات.

"ويافهيد ليت العين ماتلمح هدبها"
بدأت المحاضرة الأولى ، الجامعة مختلطة تضم بممراتها جميع المذاهب والأطياف وخلال أسابيع لاحظ بعض أساتذتي اجتهادي وأصبح الجميع يستعين بدفتر محاضراتي قبل الإختبارات إلا هي   ، كانت تكتفي بتلك النظرات التي لا أفهمها ؟
لأول مرة أشعر برغبة أن تطلب "دفتري" الذي كنت أعوّل عليه ومع ذلك لم تفعل.
غابت لفترة وكنت احترق لمعرفة سبب غيابها حتى اكتشفت أني ألتزم بحضور هذه المادة بالتحديد من أجلها دون أن أشعر ، وبعد غياب لفترة دخلت "شهرزاد" لتعتذر للدكتور عن غيابها والذي لوهلة وبغباء تخيلت أنها تعتذر مني حتى صاح البدوي الذي بداخلي قائلاً "يادويع ماحولك أحد"

انتهت المحاضرة ، الجميع يغادر القاعة، تائه أنا بلملمة أوراقي وتدوين ملاحظاتي وبهدوء شديد سمعت اسمي لأول مرة بصوت حنون مختلف تمامًا عن صوت جدتي والتي حنانها مختلف تماماً فقد كانت "الله يرحمها" تناديني "دويعان" بعصبية يجتمع بها الحب لأُحضر لها ماتريد من "الجمعية" ، أما هذه فلا ، قالت "أخ دويع" .. رفعت رأسي فإذا بها .. نعم هي .. شهرزادي التي حرّكت مشاعري حتى بت امرؤ القيس ، لاحظت ارتباكي فسارعت بطلبها "ممكن أصور دفتر محاضراتك" فأجبت بثقة "بالطبع" ، أخذت دفتري ومضت لأحترق على هذه الفرصة الثمينة للحديث معها حتى توالت الأمنيات والويلات و"ياليتني قلت كذا وكذا" ومايجبر القلب ومصابه أنها على الأقل .. نطقت اسمي

"وياليت بعض البدايات ماتنتهي"
باليوم التالي انتظرتها لتُعيد أوراقي .. أقبلت من بعيد ، وكممثل فاشل بدوت أني لا أنتظرها ولم آبه بها، همست بجمال يفوق الوصف "صباح الخير" وسلّمتني دفتري وشكرتني فسألتها:
"وش اسمش"
رأيت علامة استفهام بعينيها فلهجتي "البدوية" كانت عائق للتواصل بيننا ومع ذلك تداركت الأمر وقالت "عفوًا" لأكرر السؤال "وش اسمش" فأجابت بهدوء ومضت لأقرأ في صوتها أن الذي بيننا انتهى وحينها انتحر امرؤ القيس الذي بداخلي.

للأسف، ظلمتها فأنا من توهم الحب والهيام لا هي ، ولا أعرف هل هو حب أم مجرد إعجاب ولكن ما أجزم به أني لو كنت شاعر لكانت كل قصائدي بعينيها الناعسة وشعرها الأسود ، للأسف وأقولها بحزن كانت أقصر قصة حب عرفها التاريخ حيث بدأت وانتهت بيومين فقط والمؤلم أنها "فوق ذا كله" من طرف واحد ، أسرح مع أغاني "مخاوي الليل" وأتساءل "وش غيرها علي" ليُجيب الصعلوك الذي بداخلي "قسم مادرت عنك يادلخ" وسرعان ما أعود للواقع ..

"ويافهيد واعذاب العين من شيٍ ماتطوله"
الحب والإعجاب في مجتمعنا من العار والحرام الاعتراف به، تجاهلوا قصتي مع شهرزادي التي "مادرت عني" لأني أتحدث عن أمر لايبعد عنه مسافة وقرب ، في بريطانيا لاحظتهم يعبرون لبعضهم عن حبهم وتقديرهم بتجرد وأخوية حتى الأصدقاء بينهم وبين بعض أما نحن فنكابر على أصدقائنا بمشاعرنا النبيلة نحوهم وتقديرنا لهم ولانُشعرهم بمكانتهم في قلوبنا ولانبوح لهم خجلًا وكبرًا فنحن مجتمعات تعاني من عقدة المشاعر .. وهذا ماحاولت تجاوزه ومع الأسف فشلت فالعقدة أيضًا في الطرف الآخر لو أخبرناه بحبنا له وتقديرنا نخشى تكبره وغروره علينا فثقافة التواضع نفتقدها وبشدة وتعظيم الذات مرض نعانيه ولو أنكرناه بداخلنا وهنا العتب علينا وعلى أصدقائنا فلانحن نملك شجاعة الاعتراف ولاهم يملكون تقدير المشاعر لهذا مجتمعنا يعاني فقر المشاعر أما أنا فمنذ عامي الأول بالجامعة رسبت بأول اختبار بالحب ولا أعلم أين أضحت "شهرزاد".

إضاءة:
لاتبذل المستحيل لشخص لايبذل لك الممكن واجعل مقاييس الحب متوازنة مع البشر.

آخر السطر:
كبّر الله جورك يافهيد تبيها تبرّق فيك وأنت جاي الجامعة بـ "نجدية"

دويع العجمي
@dhalajmy

هناك تعليق واحد: