الاثنين، 29 أغسطس 2016

مراهق في الثمانين



البداية:
"لأن لكل قاعدة شواذ .. فهذا النص خروجٌ عن المألوف"

متن:
هي الأفكار الغريبة التي أعيشها بشكلٍ مختلف .. لاتتغير
أخجل حتى من التعبير عنها 
أو التفكير بها بصوتٍ مرتفع
وإن كتبتها .. ترددت بنشرها،
وعندما فعلت
تمنيت أن لاينصحني أحدهم بزيارة مصحةٍ نفسية

أما بعد:
على فرض أني تجاوزت الزمن
وغالبًا ما أفعل ذلك
لكن هذه المرة للوراء .. وليس للأمام
استرجع السنين وأتخطى التواريخ
أعيش مراهقتي في الثامن من إبريل من عام 1981
حيث أكملت عيدي العشرين
وفي حقبة الثمانينات أعيش المراهقة والشباب

أُفيق السابعة صباحًا وفي طريقي للجامعة
أحمل كُتبي ومتباهي بساعة يدي الإلكترونية
للتو وصلت البلاد .. والجميع يرتديها وباتت سمة للوجاهة
ولا عجب .. فنحن بلاهواتف نقالة مزودة بكامرا ولا برامج تواصل تفصلنا عن الواقع وتقتل شعورنا ببهجة اللحظة ومتعتها
نحن نعيش بذهنٍ صافٍ وعقلٍ لايزدحم بالتفاصيل المزعجة وغير المهمة

زملائي بالجامعة يرتدون اللباس الغربي .. 
شيء يشبه لباس الفتى الأسمر راقص "البوب" والكل مبتهج بالألوان
أصداء تحايا الصباح تملأ المكان، 
القلوب نقية والنوايا صافية،
الكل يُكمل الآخر ولاتمييز بالأصل المذهب،

الوضع السياسي هادئ
والحياة إيقاعها منتظم وعجلة الحداثة تدور مسرعة ونحن في شغف وترقب

أتخيل أن أقصى اهتماماتي اقتناء جهاز "فيديو" لمشاهدة أفلام "الأكشن" ومسرحياتي المفضلة
وتعليق صور "مايكل جاكسون" و "مارادونا" على جدران غرفتي
أو شراء "كاسيت" لفنان جديد اسمه "عبدالله الرويشد" يغني بطريقة جميلة،
 أسافر معه نحو أحلامي الوردية وأُلامس السحاب

وبعد العشاء وقبل أن يختم التلفزيون فعالياته
  يتسمر الجميع أمامه لمشاهدة مسلسل "خالتي قماشة" 
تلك الأم المتسلطة المتحكمة بكل الأشياء حتى أن عائلتها تحولت لكتيبةٍ عسكرية بشكلٍ ساخر، 
نضحك ونبكي معهم ونستخلص أهم العبر والنصائح وهذا لأن الفن .. رسالة

أما شكل البيت فمرتب وأنيق
والأحاديث والنقاشات لاتتوقف
لاشيء يشغلنا عن بعضنا ولا يُلهينا
نحن نكاد نكون فارغين للدرجة التي نملأ بها وقتنا بالرسم أو القراءة 
ليس رغبةً بتنمية مواهبنا بل لقتل الفراغ ونحن لا نعلم أن ذلك سيجعلنا جيلًا متحضرًا ومثقف

لست من دعاة الحنين للماضي..
 فالحاضر يأسرني بروعته
ولكن لدي شعور حقيقي أن أجمل مراهقة من الممكن أن تعيشها تكون بالثمانينات
العالم يتسابق للتقدم والمجتمعات تحترم التحضر
الناس بدأت بالسفر والحياة مرفهة وهادئة
الرومانسية بأوجها والقلوب صادقة
العمران ينمو والعقول مزدهرة بالإبداع
فلاشيء يُلهيهم ولا يُضيع وقتهم
لذلك كانت الرياضة في عز ازدهارها
والفن بأبهى صوره
والتعليم بأسمى رسائله
تلك الحقبة لم يكن لديها هاتف متصل بكل مشاكل الكرة الأرضية على مدار الساعة،
العالم هادئ وليس ملتهب كما هو الآن وإن حدث فلاتصلهم الأخبار المزعجة التي تُشتت أفكارهم وتُدمر صفاء أذهانهم
ولا إشاعات تنال من عرض وشرف المتنافسين
وستتعدد اللاءات واليقين واحد
أنهم جيل محظوظ ووسط،
جمعوا طيبة ونقاء من سبقهم بتقدم وتطور من عقبهم فنالوا الإثنين

أما نحن .. نبتسم رغم كل شيء
الحروب بكل مكان
أخبار القتل شيء روتيني اعتدناه .. لايجرحنا
دُمّرت انسانيتنا من حيث لانشعر
مهووسون بالشهرة والسبق الصحفي
والتباهي بما نملك
وتجاوز الواقع لنبدو أجمل وأغنى
ومع الأسف .. فعلت ذلك حتى لا أبدو نكرة بمجتمعي العاشق للأضواء.

فاصلة،
إلى من عاش مراهقته بحقبة الثمانينات .. هنيئًا لكم

إضاءة:
"مرة أخيرة .. كنت أنت وكفى"

آخر السطر:
العقل زينة يافهيد والغموض وقار .. مهوب كل شي تصوره وتوريه الناس 

دويع العجمي
@dhalajmy

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق