السبت، 2 يوليو 2016

حنّا كويسين .. ولسنا بهذا السوء






البداية:
"وفي بعض السكوت ترتفع الوقاحة لحد الإنفجار"

متن:
نحن رائعون جدًا .. إلى حد الإكتفاء
لانسكن القصور ولانملك سيارات فارهة،
والدي رحمه الله كان موظفًا بسيطًا
وجارنا لايملك شركة 
حتى زملائي بالمدرسة كانوا يشبهوننا،
مصروفنا قليل
وآخر الشهر قد ينعدم

نملك بيت صغير .. به مجلس معزول عن الصالة
الرجال في جانب
والنساء في جانب آخر
عندنا غيرة ومحارمنا لايُجالسون أصحابنا ولايتحدثون معهم 
فلكلٍ منهم شأنٌ يُغنيه

وكل ماتعرضه الدراما الخليجية لايعكس واقعنا،
فهم يسكنون القصور،
خمسة أدوار بصالات أفراح وأثاث أسطوري ودرج يشبه درج سندريلا،
تتناثر التحف بكل الزوايا 
وقطع الحرير مبعثرة بشكل هندسي على الرخام، 
زاده السجاد التركي الفاخر أناقةً وروعة

لا .. نحن لسنا بهذا الثراء
أغلبنا سكنه صغير بمساحته
عظيم بمن فيه
وظائفنا جيدة .. تُرهقنا الأقساط وتُثقلنا القروض
ومع ذلك .. لم ننكسر
لانضع قرط ولا وشم
ولا نستخدم "ربطات" شعر ولانهتم بآخر تقليعاته،
لباسنا مستور
وسعره مناسب،
بناتنا محترمات .. زادهم الحياء وقارًا وحشمة،
نحن لهذا الحد .. رائعون.

مشهد:
الأب يسأل إبنه عن سبب مكوثه الطويل بغرفته
فيُجيبه الإبن المستلقي على سريره:
"متضايق يُبهْ"
ليأتي صوت الأب خافتًا:
"ليش ياولدي ماتروح لندن جم يوم توسع صدرك شوي"
وينتهي المشهد الذي من المفترض أن يُسمى "درامي" دون فائدة أو مضمون !

مع أننا إذا تضايقنا لانسافر إلى لندن .. 
نحن فقط نُجالس أصحابنا الذين نحبهم
أو نمارس الرياضة بالنوادي المغلقة هربًا من لواهيب الصيف الحارقة
وكأكثر كُلفة .. نذهب للمقهى المفضل بعيدًا عن رتابة اللحظات والأماكن فهذا أقصى طاقاتنا

مشهد آخر:
صديق الإبن يزوره ويجلس بصالة البيت ! 
يُسلم على أختهم ويتحدث مع قريبتهم
يبدي إعجابه بها والوضع عادي !

 .. ماذا يحدث؟
نحن لسنا بهذا السوء
فهذا لايفعله إلا "..." ومابين الأقواس تعرفونه
يعف حتى القلم عن ذكره

ولا أعلم أي بيئةٍ هذا انعكاسها،
صحيح أن أصدقائي قلّة
لكن دائرة معارفي متسعة بكم هائل من البشر،
وضعتهم ظروف الحياة في طريقي،
تختلف طبقاتهم وأصولهم
حتى الأثرياء منهم
لايدور هذا السيناريو في منازلهم
ولم أرَ أي تطابق بين خلاعة المسلسلات والواقع الذي نعيشه،
فمجتمعنا يشبهنا
نتكلم بلهجتين
فبعضنا من البادية وبعضنا حاضرة
وكل منا يُكمّل الآخر
وإن اختلفت مذاهبنا .. فجميعنا خرّ ساجدًا خاشعًا لله ونحترم بعضنا،

مجتمعنا لايزال بخير
مصاب ببعض الأمراض لكنه لم يمت
ولم تمت فيه الرحمة والعاطفة والدين
نحن لازلنا نُكرم الضيف،
نُقبل رأس الكبير ونعطف على الجار
فأصالتنا باقية
ومعدننا طيب
وماتشاهدونه يا أعزاؤنا العرب على شاشات التلفاز لايمثلنا بثرائه الفاحش ورذيلته المقيتة،
"حنّا كويسين" .. ولسنا بهذا السوء

إضاءة:
"المرء ابن بيئته"

آخر السطر:
شفت يافهيد .. ناس لاتضايقت راحت لندن .. وناس لاكشخت راحت الطايف

دويع العجمي
@dhalajmy

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق