السبت، 14 مارس 2015

إعترافات مغترب



البداية:
"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"

متن:
الثامنة صباحًا بتوقيت كاليفورنيا .. ولايتي التي قصدتها للدراسة .. هي المرة الأولى التي أتحدث بها الإنجليزية بغرض ممارسة حياتي اليومية .. ليست مشاركة بحصة دراسية ولا اختيار صنف الطعام من "منيو" المطعم.
كنت أعتقد أن تفوقي الدراسي ومستوى اللغة سيجعلني انسجم بسرعة مع هذا الشعب المختلف عنا بكل شيء .. فاكتشفت أن كل ماتعلمته منذ مقاعد الإبتدائية حتى آخر صفوف الثانوية مجرد تلقين مُخجل .. ولاندري هل العيب فينا أم بمناهجنا المليئة بالحشو العقيم !

كيف كانت البداية؟
بمجرد التخاطب معهم يعرفون أنك لست منهم .. الأمر لايعتمد على الشكل فالأعراق هنا متداخلة لكن من اللفظ وعيوب النطق يستطيعون تمييزك .. رغم ذلك لايضحكون ولايسخرون بل يساعدونك ويسهلون عليك التحدث معهم ويحترمون مجهودك بتعلم لغتهم.

في أيامي الأولى بالجامعة زاملت طلبة "أمريكان" .. تحدثنا وتناقشنا وحاولت قدر الإمكان الإنسجام معهم رغم مواضيعهم الغريبة واهتماماتهم المختلفة وهواياتهم المجنونة ولايوجد أي إلتقاء فكري مشترك بيني وبينهم لكن لابأس فعلينا تقبلهم كما هم بتفاصيلهم المثيرة وطبيعتهم البسيطة غير المتكلفة ومحاولة التكامل معهم وليس التصادم فلكل منا ثقافته واهتماماته. 

بالبداية كنت أخجل من مستوى التواصل اللغوي معهم لكني آمنت أنه لايُخلق أحدٌ منّا وهو عالمٌ بكل شيء وعلينا اليقين أن اعترافنا بضعف مانملك من مستوى هو أولى خطوات التعلم والنجاح وهذا مافعلته فتمردت على خجلي وهدوئي وأخبرتهم أني أحتاج دعمهم لتقوية لغتي فرحبوا بذلك وها أنا أمضي قدمًا لتحقيق هدفي المشود ونسأل الله التوفيق.

إعترافات مغترب:
أعترف أني أشتاق لأصدقائي وأهلي رغم مرور شهر واحد فقط على الغربة لكن للحنين شموعه التي توقد كل مساء فترى مع ضوئها الخافت وجوههم .. وتسمع ضحكاتهم وهمس كلماتهم يقولونها لك "وحشتنا"

أعترف أني عزمت على تغيير أشياء كثير في حياتي أولها قتل الطمع وترويض الجشع بالقناعة .. فكُلٌ لديه مايُطمع به لكن أكثر الناس لايعلمون

أعترف أني شخص عاطفي يحتاج وقت طويل لنسيان "الراحلون" و "الغائبون" رغم احترامي لقرارهم لكن يبقى الحنين لأيامهم .. لابأس هذا شيء قررت تغييره والغربة ستساعدني بلاشك

أعترف أن ذاك الشاب غير المنظم يحتاج ثورة هادئة لترتيب سُلّم أولوياته وعدم السير بعشوائية فمعظم الأهداف التي أرسمها لا أبلغها ولازلت عاجز عن معرفة السبب !!

أعترف أن منظر والدتي عند باب الوداع تكفكف دموعها عند الرحيل جعلني أندم على قرار السفر والدراسة ولكن ..... لايوجد لدي ما أكتبه سوى ربي اغفر لي سوء عملتي.

ورغم السطور الموجعة .. يبقى مرور الأيام دون صوت المآذن وخشوع المساجد مايزيد النفس جزعًا ووحشة .. فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام.

إضاءة:
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

آخر السطر:
وكلٍ على همه سرى يافهيد

دويع العجمي
@dhalajmy

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق